رأي.. باسم سكجها يكتب عن الأوضاع التي تشهدها المنطقة: على “كفّ عفريت” أو أمام مفترق طرق؟

نشر
5 دقائق قراءة

هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب الأردني باسم سكجها، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

في عزّ شعور الدولة الإسلامية الإيرانية بزهو انتصارها بضرب أكبر قاعدة أميركية في العراق، تطلّب الأمر عشر ثوان لتنقلب الأمور إلى أعقابها، فقد أتّخُذ خلال تلك الثواني قرار ضرب هدف “مشبوه” يحوم فوق طهران، وتبيّن أنّه طائرة مدنية أوكرانية قُتل كلّ ركّابها المائة وستة وسبعين، فتغيّر المشهد من ملايين الإيرانيين المشيّعين لقاسم سليماني، إلى آلاف المتظاهرين الرافضين للنظام!

محتوى إعلاني

وفي لبنان، يعود بعد تسعين يوماً من "ثورة 17 تشرين" مشهد العنف الثوري، فتُكسر واجهات البنوك وتُقطع الطرق. أما في العراق، فينقسم الشيعة على أنفسهم بين مؤيد لإيران ومتظاهر ضدّها، والضحايا بالرصاص الحيّ بالعشرات، أمّا السنّة فقد انسحبوا من المشهد دون إخفاء مشاعرهم ضدّ الخروج الأميركي، وكذلك الأكراد. وفي عزّ الاحتفال السوداني بالفوز بنظام انتقالي محترم، تستنفر القُوى العسكرية ضدّ بعضها البعض الآخر بسبب قرار بإعادة إنتاج المؤسسات الأمنية، وهناك في الجزائر ما يشي بعد اطمئنان بمشاهد عنيفة، وكذلك في تونس، والحديث عن ليبيا وسوريا واليمن طويل، ومعروف للقارئ وبلا حرج!

ضمن هذا، كلّه، تتمكّن “داعش” السيناوية من اسقاط مقاتلة مصرية، وكلّ التقديرات والتحليلات تفيد بأنّ “تنظيم الدولة” الذي فقد قيادته لم يخسر قواعده، وتؤكد على أنّ كثيراً من الكوادر المقاتلة أعادت تموضعها في ليبيا وسوريا وشرق وغرب أفريقيا وربّما في سيناء، وفي مطلق الأحوال فـ”الذئاب المنفردة” موجودة في أماكن سكنها حول العالم، وتنتظر لحظات تصعيد ما.

هناك موجة جديدة من الحراك الذي يتسم بالعنف في الشوارع مقبلة إلى المنطقة. وبعد تسلّمه جائزة معهد واشنطن، قبل أقلّ من شهرين، أجاب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمام الجمهور على عدّة أسئلة قدّمها المدير التنفيذي بوب ساتلوف، ومن أخطر الأسئلة، وأهم الاجابات تلك التي لم يتمّ الانتباه لها في الإعلام العربي، وتعلّقت بموجة الاحتجاجات العربية (الربيع العربي) قبل سنوات، وعلاقتها بما يجري الآن وسيجري في بعض العواصم العربية؟

الملك، أجاب بصراحة "أن ما يُعرف بالربيع العربي، قاده شباب اشتد إحباطهم وأرادوا فرصاً، وأتمنى أن نتذكر هذه اللحظة من التاريخ التي تمثل مرحلة مفصلية في التاريخ الإسلامي والعربي كتقاطع طرق كان لا بد لنا أن نعبره، وهناك العديد من التشابهات مع أوروبا في هذا الصدد، مثل التحديات في الداخل المسيحي قبل 400 أو 500 سنة، وأعتقد أننا اليوم نقف أمام تقاطع طرق مشابه".

قبل أيام، ومع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد تداعيات اغتيال الجنرال الإيراني، أنّ على حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو” القيام بواجباته في المنطقة، يبدو أنّ الملك الأردني غيّر خططه اليومية، فتمّ الإعلان عن جولة أوروبية قصيرة له ستشمل بروكسل حيث مقرّ الـ”ناتو”، وستراسبورغ حيث مقرّ البرلمان الأوروبي لإلقاء كلمة ستستغرق نحو نصف ساعة، وقد بدأت الجولة وتمّ اللقاء مع الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ وبحضور ممثلي الدول، ويبدو أنّ الخطاب سيكون الأربعاء أمام البرلمان، وفي تقديرنا أنّه سيحمل مضمون محاولة احتواء المقبل في مفترق الطرق الخطير.

من الواضح أنّ مفترق الطرق، الذي تعيشه المنطقة هذه الأيام، لا تتوّقف أسبابه عند فشل الأنظمة السياسية العربية في الاقتصاد وتعميم الفساد فحسب، ولكن في فشل القوى الخارجية في التعامل معه أيضاً. ففي هذه الأثناء، يبدو أن “داعش” الذي أعلن عن تصفيته سيعود أقوى ولو بشكل جديد، والشوارع العربية دون استثناء مهيأة لموجات جديدة من الثورات المطلبية التغييرية التي تتسم بالعنف والمتناقضة، ويبقى أنّ مثل “إنج سعد فقد هلك سعيد” لن يجدي عربياً، ولا دولياً، فهو عالم صار أصغر من حيّ في قرية، ولهذا فكفّ العفريت لن يكون لأحد دون أحد، أمّا موضوع “صفقة القرن” التي ستؤجج أكثر فأكثر، فللحديث بقية!

نشر
محتوى إعلاني