مصر تُشكل لجنة لوقف هجرة الأطباء.. وشركات أدوية تطالب برفع الأسعار
القاهرة، مصر (CNN)-- قرر وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبدالغفار، تشكيل لجنة برئاسته لدراسة تحسين أحوال الأطباء، وأرجع مسؤولون بنقابة الأطباء سبب القرار إلى هجرة الكثير من الأطباء المصريين للعمل في دول الخليج، والولايات المتحدة، وأوروبا.
كما أوضحوا أن سبب هجرة الأطباء يرجع لتدني الأجور لدى البعض وعدم وجود قانون للمسؤولية الطبية، فيما تقدم عدد من شركات الأدوية بمطالب للحكومة لزيادة أسعار الأدوية بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج.
وشهد عام 2022 أعلى رقم لاستقالات الأطباء والطبيبات بإجمالي 4261 طبيبا بمعدل يومي 12 طبيبا وطبيبة، وفقا لبيانات نقابة الأطباء، والتي أكدت أن العدد يزيد سنويا، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
وقال عضو مجلس إدارة النقابة العامة لأطباء مصر، الدكتور خالد أمين، إن تشكيل لجنة لتحسين أحوال الأطباء، غرضه وقف هجرة الكثير من الأطباء للخارج عبر تحسين هيكل الأجور، مضيفا أن دخل الأطباء المصريين يعتبر الأدنى بين عدد كبير من دول العالم، إذ يصل متوسط دخل الطبيب 170 دولار شهريا، والتي قد تعادل أجر ساعة واحدة فقط في دول أخرى، إضافة إلى عدم وجود حوافز مالية تراعي خبرات الأطباء، والمساهمات العلمية من أبحاث ودراسات، والتي يتحملها الأطباء وحدهم رغم تكلفتها المرتفعة.
وأقرت الحكومة المصرية حزمة حماية اجتماعية لمواجهة غلاء المعيشة بقيمة 195 مليار جنيه (6.3 مليار دولار) تصرف بداية من الشهر المقبل، تضمنت زيادة الأجور والمعاشات والإعفاء الضريبي، وشملت زيادة فئات بدل المهن الطبية بمبالغ من 400 إلى 475 جنيها (12.94-15.37 دولار) لتتراوح الفئات الممنوحة من 1100 إلى 1700 جنيها (35.60-55.01 دولار) للأطباء وهيئات التمريض، إضافة إلى مضاعفة حافز الطوارئ والسهر لأعضاء المهن الطبية.
وأضاف أمين، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن عددا كبيرا من الأطباء المصريين اتجهوا للهجرة لدول خليجية وأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية للإقامة الدائمة بها، وليس للعمل لسنوات لتحسين الدخل والعودة للوطن مرة ثانية، مما تسبب في نقص الكوادر الطبية في السوق المصري، وعدم الاستفادة من الكوادر المهاجرة لخدمة قطاع الرعاية الصحية أو حتى تحويل الأموال من الخارج لاتجاه الأطباء للإقامة الدائمة وليس العمل المؤقت.
ووفقا لتصريحات للمتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور حسام عبدالغفار، فإن لجنة تحسين وضع الأطباء ستركز على 3 محاور، وهي: الوضع المادي، والتدريب والتعليم، والوضع القانوني بهدف توفير حياة كريمة للأطباء.
وأشار الدكتور خالد أمين إلى ضرورة أن تلتفت لجنة تحسين وضع الأطباء، إلى عدم زيادة الأجور بشكل مباشر فقط، بل يجب العمل على تسهيل الإجراءات لحصول الطبيب على دخل من عمله الخاص، من خلال تيسير إجراءات تراخيص المنشآت والعيادات الطبية، مثل منظومة الدفاع المدني، والبيئة والتخلص من النفايات، والتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية.
وسبق أن رفضت النقابة العامة لأطباء مصر، قرار وزارة المالية بتسجيل الأطباء على منظومة الفاتورة الإلكترونية، وهي منظومة ضريبية جديدة لميكنة إصدار الفواتير لـ"وقف التلاعب الضريبي"، لرفضها تحمل أية أعباء مالية وإدارية نظير تطبيق النظام، والمطالبة برفع حد الإعفاء الضريبي السنوي للأطباء لزيادة تكلفة تقديم الخدمات الصحية، واستجابت وزارة المالية لمطالب النقابة، وأجلت التسجيل حتى نهاية الشهر المقبل لحين التوصل لحل مع النقابة.
وقال عضو مجلس نقابة الأطباء إنه لا يوجد حصر دقيق لأعداد هجرة الأطباء المصريين للخارج، ولكنها زادت بصورة لافتة خلال الفترة الماضية، ووصلت إلى أكثر من 4 آلاف حالة استقالة سنويا تمثل ثلث الخريجين، أغلبهم من الكوادر المتميزة، مشيرا إلى أن هجرة الأطباء مرتبطة بالوضع المعيشي والاستقرار، حيث زادت خلال ثورة يناير/ كانون الثاني عام 2011، ثم هدأت نسبيا مع استقرار الأوضاع، وعادت للارتفاع مرة ثانية خلال جائحة "كورونا" والتي تزامن معها تسهيل الدول الأوروبية والولايات المتحدة عملية استقدام الأطباء المصريين.
ووفقا لقرار وزير الصحة، تضم لجنة تحسين أحوال الأطباء في عضويتها وزراء صحة سابقين، ووزير التعليم العالي الأسبق، ونقيب الأطباء، وأحد أعضاء مجلس النقابة، والمستشار القانوني لوزير الصحة، وإثنين من شباب الأطباء يرشحهم مجلس النقابة، إضافة إلى ممثلين عن وزارتي العدل والمالية.
وقال الدكتور أحمد حسين عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، إن تشكيل لجنة تحسين أحوال الأطباء جاء بعد دعوة النقابة لجمعية عامة غير عادية لمناقشة أحوال الأطباء ومشكلاتهم، مشددا على ضرورة أن تفعل اللجنة القرارات التي تتخذها لتحسين معيشة الأطباء، مشيرا إلى لجان حكومية سابقة تم تشكيلها لنفس الغرض، دون أن يتم تفعيل قراراتها.
ودعت النقابة العامة لأطباء مصر، لجمعية عامة غير عادية يوم 17 مارس/ آذار الجاري، لمناقشة "تعامل مصلحة الضرائب مع الأطباء بطرق وآليات غير عادلة، واشتراطات الإدارة المحلية بالمحافظات بترخيص المنشآت الطبية في أدوار إدارية بالمباني، وتحصيل رسوم مخالفة على النفايات ولافتات المنشآت الطبية".
ويرى عادل، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تحسين أحوال الأطباء يتطلب أولا صدور قانون عادل للمسؤولية الطبية، وثانيا، تعديل المحاسبة الضريبية للأطباء والمهن الحرة بعد زيادة التكلفة التقديرية للخدمات الطبية، وثالثا، تيسير إجراءات وتراخيص المنشآت الطبية الخاصة، وإزالة المعوقات التي تفرضها الإدارات المحلية بالمحافظات والدفاع المدني والبيئة، ورابعا، زيادة أجور الأطباء، ومنح حوافز مالية واجتماعية.
وفي سياق متصل، قال رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، الدكتور علي عوف، إن 70 شركة أدوية تقدمت بطلبات إلى هيئة الدواء لزيادة أسعار بعض المستحضرات التي تصنعها، نتيجة زيادة التكلفة عقب انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وارتفاع تكلفة الشحن، وزيادة أجور الموظفين.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بأكثر من 100% منذ شهر مارس/أذار من العام الماضي، وبلغ متوسط سعر الدولار 30.84 جنيه للشراء، و30.95 جنيه للبيع، بالبنك المركزي المصري، الخميس.
وأوضح عوف، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هيئة الدواء ستراجع الطلبات المقدمة من شركات الأدوية حول نسب زيادة التكلفة، من خلال ما تمتلكه الهيئة من بيانات عن فواتير تكلفة الشركات لاستيراد المواد الخام، وتكلفة التصنيع، وبناء عليه تقرر تصعيد الأمر للجنة تسعير الأدوية تتضمن مسؤولين من جهات مختلفة لاتخاذ قرار بتحريك الأسعار من عدمه.
وتتولى لجنة تسعير الأدوية بهيئة الدواء شهريا دراسة طلبات شركات الأدوية لزيادة أسعار بعض المستحضرات الطبية.
وقال علي عوف إن تكلفة إنتاج الدواء زادت بنسبة 100%، ولكن لأن الدواء سلعة استراتيجية لن يتم زيادة الأسعار بنفس النسبة، ولذا تم وضع ضوابط لزيادة الأسعار، بحيث أن ترتفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة بنسبة 15%، وترتفع بنسب بسيطة للأدوية الأخرى، مشيرا إلى أن بعض شركات الأدوية اتجهت لتخفيض تكلفة الإنتاج من خلال آليات عدة منها خفض الأقراص، وزيادة كميات المواد الخام المستوردة للحصول على أسعار تفضيلية، بجانب قرار الحكومة إعفاء الأدوية من ضريبة القيمة المضافة.