شهر على الحرب والحصار.. إلى أين وصلت الأوضاع في قطاع غزة؟
(CNN) -- لقد مر شهر منذ أن شنت حماس هجومها غير المتوقع على إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي، واحتجاز أكثر من 240 رهينة، وفقًا المسؤولين الإسرائيليين. في وقت تقول وزارة الصحة في رام الله إن أكثر من 10 آلاف فلسطيني قٌتلوا في الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل ردًا على ذلك.
ولا تفرق السلطات الفلسطينية بين المقاتلين والمدنيين، لكن الفئات الضعيفة - الأطفال والعاملين في مجال الصحة والصحفيين - من بين أولئك الذين يشكلون الجزء الأكبر من حصيلة القتلى القاتمة والتي لا تزال تتزايد.
بدأ الصراع عندما شن مقاتلو حماس هجومهم المفاجئ عبر الحدود على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فيما وصف بأنه أعنف مذبحة لليهود منذ المحرقة. وردًا على ذلك، نفذت إسرائيل بهجمات جوية وبرية على قطاع غزة، التي أسفرت عن مقتل 10022 شخصًا، وفقا لمتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع المحاصر. ولا تستطيع CNN التحقق بشكل مستقل من الأرقام الصادرة عن الوزارة.
وقُتل آلاف الفلسطينيين في غزة في الشهر الماضي، أي أكثر من أولئك الذين قُتلوا في الصراعات مع إسرائيل على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.
يشكل الأطفال ما يقرب من نصف جميع الضحايا
تضم غزة واحدة من أكثر المجموعات السكانية شبابًا في العالم، حيث أن 47 % منهم تحت سن 18 عامًا، وتشير وزارة الصحة إلى أنه حتى 6 نوفمبر/تشرين الثاني، قُتل 4,104 أطفال. ويقدر مسؤولو الأمم المتحدة أنه حتى 5 نوفمبر/تشرين الثاني، تم الإبلاغ عن فقدان حوالي 1270 طفلاً وربما يكونوا محاصرين تحت الأنقاض.
إذا كانت أرقام وزارة الصحة صحيحة، فإن عدد الأطفال الذين قتلوا منذ بدء الصراع قد تجاوز عدد القتلى سنويًا في النزاعات المسلحة على مستوى العالم في السنوات الأربع الماضية، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وبالمقارنة، توفي 477 طفلا في أوكرانيا في عام 2022، وتوفي 83 طفلا هذا العام حتى 8 أكتوبر/ تشرين الأول، وفقا للتقارير التي جمعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
في قطاع غزة المكتظ بالسكان، الذي يسكنه أكثر من مليوني شخص، أجبرت الغارات الجوية حوالي 1.5 مليون شخص - حوالي ثلثي السكان - على الفرار من منازلهم، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
أمر الجيش الإسرائيلي السكان في الجزء الشمالي من قطاع غزة بالإخلاء إلى الجنوب في 13 أكتوبر/تشرين الأول. وأصبحت المستشفيات والملاجئ والمدارس ومخيمات اللاجئين مكتظة. وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن نقص الكهرباء والوقود والغذاء والمياه النظيفة يخلق أزمة إنسانية.
في 31 أكتوبر/تشرين الأول، خلفت غارة جوية إسرائيلية استهدفت قادة حماس والبنية التحتية في مخيم جباليا، أكبر مخيم للاجئين في غزة، أضرارًا كارثية وقتلت الكثيرين. وتعرض المخيم الواقع في شمال غزة للقصف للمرة الثانية في اليوم التالي، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا، وفقًا لمدير المستشفى الإندونيسي في غزة. وفقا لبيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، قتلت الغارة الجوية الأولية عددًا من أعضاء حماس، بما في ذلك إبراهيم بياري، الذي وصفه بأنه أحد قادة حماس المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل. ونفت حماس حضور أحد قادتها.
الهجمات على الرعاية الصحية
يمكن أن تشمل الهجمات على الرعاية الصحية حوادث، مثل الغارة الجوية الإسرائيلية التي أصابت سيارة إسعاف خارج مستشفى الشفاء، أكبر منشأة صحية في غزة، التي قالت إسرائيل إنها كانت موجهة إلى خلية تابعة لحماس. قُتل ما لا يقل عن 15 شخصًا وجُرح 50 آخرون، وفقًا للسلطات التي تديرها حماس في غزة.
يمكن أن تشمل الهجمات على الرعاية الصحية التي تتبعها منظمة الصحة العالمية أيضًا التهديدات والجهود المبذولة لمنع الأشخاص من الوصول إلى الرعاية، وإزالة معدات الرعاية الصحية، وأشكال العنف الأخرى التي تؤثر على الرعاية الصحية.
أدى انفجار مميت في المستشفى الأهلي في غزة إلى سقوط عدد كبير من الضحايا. هناك خلاف حول سبب الانفجار وعدد الضحايا - قالت وزارة الصحة في غزة إن 471 شخصًا لقوا حتفهم، في حين قال تقييم أولي للاستخبارات الأمريكية إن عدد القتلى يتراوح بين 100 و300. وألقى المسؤولون الفلسطينيون وبعض القادة العرب اللوم على الغارة الجوية الإسرائيلية، لكن إسرائيل قالت إن ذلك كان نتيجة إطلاق صاروخ غير صحيح من حركة الجهاد الإسلامي، المنافس لحماس. وخلص تحقيق أجرته شبكة CNN إلى أن الانفجار كان على الأرجح نتيجة لصاروخ أطلق من داخل غزة.
وشهدت أوكرانيا ما يقرب من 600 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2022، وهي الأشهر الكاملة الأولى بعد شن روسيا هجومها على ذلك البلد، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية. وبالمقارنة، فقد وقع أكثر من 200 هجوم من هذا النوع في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن عدد القتلى أكبر بكثير.
أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله عن مقتل 192 عاملاً في مجال الصحة وقصف 113 منشأة للرعاية الصحية. وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن 14 مستشفى و51 مركزًا للرعاية الصحية الأولية خارج الخدمة اعتبارًا من 6 نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية أو نقص الوقود.
"لا توجد مساحة آمنة على الإطلاق" للصحفيين
حتى 6 تشرين الثاني/نوفمبر، تتبعت لجنة حماية الصحفيين 37 حالة وفاة للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، مما يجعلها الفترة الأكثر دموية للصحفيين الذين يغطون الصراع منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين في الاحتفاظ بأعدادها في عام 1992.
وقالت أرلين غيتز، مديرة التحرير في لجنة حماية الصحفيين: "لا توجد سابقة حقيقية لهذا الأمر".
وكان الحدث الوحيد الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين المحترفين هو حادثة 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، التي أسفرت عن مقتل 58 شخصًا في بلدة أمباتوان، ماجوينداناو، في الفلبين؛ وكان 32 من هؤلاء صحفيين وعاملين في وسائل الإعلام، بحسب لجنة حماية الصحفيين.
وأضافت غيتز: "يبدو الأمر وكأنه لا توجد مساحة آمنة على الإطلاق. من الخطر الذهاب إلى مخيم للاجئين للإبلاغ عن أماكن كانت آمنة للذهاب إليها".
تُحصي لجنة حماية الصحفيين وفيات الصحفيين العاملين والعاملين في مجال الإعلام في المنطقة فيما يتعلق بمجال عملهم، وهي نفس الطريقة التي تعاملت بها مع مقتل الصحفيين في أوكرانيا ابتداءً من عام 2022. وبالمقارنة، قُتل 13 صحفيًا في عام 2022 في أوكرانيا.
وقالت غيتز إن لجنة حماية الصحفيين تجد صعوبة في بعض الأحيان في تأكيد الوفيات لأنها تعتمد في كثير من الأحيان على أفراد الأسرة للتحقق من صحتها.
وتابعت غيتز: "في كثير من الأحيان، مصادرنا لمواد مثل هذه، لتأكيد الظروف والوفيات، هم أفراد الأسرة. في الهجمات التي قُتلت فيها عائلات إلى جانب الصحفيين، قد يكون من الصعب العثور على أشخاص يمكنهم التحدث إليهم".
ومن بين القتلى في غزة، 32 فلسطينيًا، وأربعة إسرائيليين ولبناني واحد، وفقا لآخر أرقام لجنة حماية الصحفيين. وتم الإبلاغ عن إصابة ثمانية صحفيين آخرين وفقد أو احتجاز 11 آخرين.