مصر: تصريحات تأييد "المساكنة" تشعل الجدل.. ومحام يطلب تعويضا 100 مليون جنيه بعد إيقافه

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: MOHAMED EL-SHAHED/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تجدد الجدل في مصر مرة ثانية حول "المساكنة"، بعد قرار نقابة المحامين بإيقاف محام عن ممارسة المهنة لحين التحقيق معه بشأن تصريحاته التليفزيونية لإعلانه تأييد المساكنة قبل الزواج، وأكدت النقابة أنها ستتصدى لأي أحد يسيء لها أمام المجتمع.

وفي الوقت نفسه، أعاد مركز الأزهر العالمي نشر فتوى تؤكد أن المساكنة "زنا" وحكمها من الكبائر واعتداء على كرامة المرأة.

محتوى إعلاني

وبدأ الجدل مرة ثانية مع ظهور المخرجة المصرية إيناس الدغيدي في إحدى البرامج التليفزيونية، حيث كشفت عن خوضها تجربة المساكنة لمدة 9 سنوات مع زوجها قبل الزواج الرسمي، وبعدها أُعيد نشر فيديوهات لفنانين مصريين ولبنانيين عن تأييدهم لفكرة المساكنة من بينهم المطرب محمد عطية، والمخرج اللبناني يوري مرقدي، والمطربة اللبنانية مايا دياب، والتي كشفت أيضًا عن خوضها تجربة المساكنة مع زوجها الأول.

وبعدها، ظهر المحامي المصري هاني سامح في أحد البرامج التليفزيونية، وأكد تأييده لفكرة المساكنة قبل الزواج، وأن القانون يبيح المساكنة ويجيزها، وأنها لا تنتقص من حقوق المرأة، كما أكد أنه ليس لديه مانع في أن تفعل ابنته هذا الأمر، وبعدها بأيام قليلة أصدرت نقابة المحامين، بيانًا أعلنت فيه إحالة سامح إلى التحقيق مع إيقافه عن ممارسة المهنة لحين الانتهاء من التحقيقات.

وتعليقًا على ذلك، أوضح المحامي هاني سامح، تصريحاته عن المساكنة، قائلًا إن المساكنة مباحة قانونًا ولا شائبة فيها؛ لأن القانون المصري يبيح العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين طالما كانت على اختيار وتمييز، كما صدرت أحكام قضائية أباحت المساكنة ورفضت تجريمها، حسب قوله، مضيفًا أنه لا فرق بين المساكنة والزواج الشفهي، والأهم هو العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة، وأهمية الحفاظ على حقوق المرأة وعدم التعدي على حقوقها.

ويرى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الدعوات إلى المساكنة تنكر للدين الإسلامي والفطرة وتزييف للحقائق، وتسمية للأشياء بغير مسمياتها، ودعوة صريحة إلى سلوكيات مشبوهة ومحرمة، وأضاف أن "المساكنة إحدى صور الزنا التي حرمها الإسلام وكذلك سائر الأديان الإلهية والكتب السماوية، وأن أي علاقة خارج إطار الزواج محرمة على الرجل والمرأة".

وأشار سامح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن هناك نصوصا لكبار علماء المسلمين وردت بالكتب التراثية المشهورة، من بينها كتاب "المحلى في شرح المجلى" للإمام بن حزم، وكتاب "المبسوط" للإمام السرخسي، وهو من كبار أئمة المذهب الحنفي، وكتاب "النووي المجموع" للإمام محي الدين النووي، وهو من كبار أئمة المذهب الشافعي، ونقلت هذه الكتب حديثا للإمام أبو حنيفة أنه "لم ير الزنا إلا ما كان مطارفة، أما ما كان فيه عطاء أو استئجار فليس زنا ولا حد فيه"، على حد ما نُقل عن تلك الرواية.

وفي تصريحات تليفزيونية، انتقد عميد كلية الدراسات الإسلامية الأسبق بجامعة الأزهر، الدكتور مبروك عطية، ما نُسب عن إباحة الإمام أبو حنيفة لـ"الزنا بأجر" أو المساكنة، قائلًا: يجب ألا ننسب إلى أستاذ الأئمة الأربعة "جريمة"، على حد قوله، موضحًا أن "أبو حنيفة" أكد عدم وقوع حد الزنا حال وجود اتفاق مادي بين رجل وامرأة، ولكنه لم يجز الفعل نفسه.

وردًا على قرار نقابة المحامين المصرية بإيقافه عن العمل، وصف المحامي هاني سامح، القرار بـ"الفاسد والباطل"، مضيفًا أنه تقدم ببلاغ للنائب العام ضد نقيب المحامين؛ لارتكابه جريمة التزوير بإصدار هذا القرار، وطالب بتعويض بمبلغ 100 مليون جنيه (2.1 مليون دولار)، مستندًا على أحكام سابقة صادرة من المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة أبطلت قرارات النقابة بإيقاف المحامين.

واتهم سامح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، نقابة المحامين بإصدار قرار إيقافه لإرضاء "التيار التكفيري" داخل النقابة، والذي سبق وأن أقام دعاوى قضائية ضد رموز هذا التيار، مضيفًا أنه لن يمثل لتحقيق النقابة بشأن تصريحاته.

وفي بيان رسمي، أكد نقيب المحامين، عبدالحليم علام، أن قرار إحالة المحامي هاني سامح للتحقيق جاء بناءً على التصريحات المتعلقة بـ"المساكنة"، ووصفها بأنها تصريحات "غير مقبولة"، وتعبر عن نفسه ولا تمثل جموع المحامين، كما أن النقابة لن تسكت عمن يُسيء لها أمام المجتمع ويثير البلبلة.

من جانبه، قال إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، إن المساكنة إحدى صور الزنا المحرمة في الإسلام، وإحدى كبائر الذنوب التي يعتدي مرتكبها على الدين والعرض، مضيفًا أن الإسلام حصر العلاقة بين الرجل والمرأة في الزواج، ليحفظ حقوقهما وكذلك يحفظ حقوق الأولاد، ولذا، لا يمكن للمساكنة أن تكون بديلا عن الزواج أو مقدمة له.

وأكد رضا، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه ليس هناك فتاوى وردت عن كبار علماء المسلمين تبيح المساكنة، موضحًا أن ما نقل عن الإمام أبو حنيفة عن عدم وقوع حد الزنا حال وجود اتفاق مادي بين رجل وامرأة، فهو إعمال لحديث الرسول بقوله: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم"، ولذا يرى "أبو حنيفة" وقف تطبيق حد الزنا حال الاتفاق المادي، ولكنه لم يبح الزنا.

نشر
محتوى إعلاني