مصر.. تجدد الاعتراضات على مشروع قانون الإجراءات الجنائية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- واصل البرلمان المصري مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وسط استمرار اعتراضات نواب ونقابات على عدد من مواده، من بينها المادة 69 المتعلقة بتقييد حق الدفاع في حضور التحقيقات مع المتهمين. في وقت يُنتظر أن يستكمل البرلمان مناقشاته على التشريع عقب عودته للانعقاد مطلع الشهر المقبل.
وتبرز أهمية قانون الإجراءات الجنائية من أنه يعد بمثابة "دستور ثانٍ" للبلاد - وفق قانونيين - لأنه المعني بضمان تحقيق العدالة، وتكريس حقوق وحريات الأفراد بشكل فعال، بحسب ما جاء في تقرير للبرلمان عن القانون.
وسبق أن رفض البرلمان المصري تشريع مقدم من الحكومة لإجراء تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية يتضمن تعديل 365 مادة من أصل 461 مادة بالقانون، وشكّل لجنة فرعية لإعداد مسودة لمشروع قانون جديد، تضم في عضويتها ممثلين من جهات مختلفة، وبعد انعقاد دام 14 شهرًا تم إعداد مسودة أولية لقانون للإجراءات الجنائية.
بعدها، قرر رئيس مجلس النواب حنفي جبالي دعوة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية للانعقاد خلال الإجازة البرلمانية الماضية لاستكمال المناقشات حول المسودة، وتم إعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنه لاقى اعتراضات واسعة من النقابات والحقوقيين الذين طالبوا بإعادة طرحه للحوار المجتمعي مجددًا، ما استدعى عقد جلسات جديدة لإعادة مناقشة المشروع.
ومن بين المناقشات التي دارت على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، تبادل البرلمان ونقابة الصحفيين، الملاحظات والرد عليها بشأن القانون. وتمسكت النقابة في آخر رد لها في التاسع من الشهر الحالي، بتعديل المادة (15) من مشروع القانون، باستبدال عبارة "إذا وقعت أفعال خارج الجلسة" بعبارة "إذا وقعت أفعال بالجلسة". كما حذّرت النقابة بشأن المادة (266) من الخلط بين البث، ونقل وقائع الجلسات بالمشروع بما يزيد القيود على تغطية المحاكمات، وفق خطاب النقابة المُرسل للبرلمان.
وقال وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب إيهاب الطماوي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن البرلمان عقد 6 جلسات عامة لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وأنه من المقرر أن يستكمل المناقشات بعد استئناف انعقاد البرلمان مطلع الشهر المقبل، وبعد التوصل لصيغة توافقية سيتم التصويت على كل بند على حدة بالقانون.
من جهتها، قالت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سميرة الجزار، إنها رفضت مشروع القانون خلال الجلسة العامة لمناقشته، لعدة أسباب، أبرزها وجود قصور في مواده على نحو مخالف للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، مُستندة في ذلك لوجود مواد تحصن مأموري الضبط القضائي من المحاسبة القانونية في قضايا التعذيب والانتهاكات، وعدم إدراج نصوص ملزمة للحماية من الاختفاء القسري والإبقاء على السلطة الجوازية للنيابة العامة في الإشراف على مراكز الإصلاح والتأهيل، والإبقاء على نصوص تؤثر على حق الدفاع وضمانات المحكمة، حسب قولها.
وأشارت الجزار، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية لم يتضمن موادًا لخفض مدة الحبس الاحتياطي، التي تصل في الوقت الحالي إلى عامين، وهو ما ترى أن من شأنه أن "يعزز من استخدام الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب السياسي بدلًا من أن يكون إجراءً احترازيًا لسير العدالة"، مؤكدة ضرورة عدم ربط المدة بالجريمة التي يحاكم عليها المتهم.
ولفتت سميرة الجزار، إلى ضرورة تعديل المادة المتعلقة بحقوق الدفاع في الاطلاع على التحقيقات، مُطالبة بضرورة إجراء العديد من النقاشات على مشروع القانون على مستوى الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والهيئات القضائية، للوصول لأفضل صيغة تتيح العدالة والتوازن وتضمن حماية الحقوق الدستورية وتحسن كفاءة النظام القضائي.
وتنص المادة 69 في مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسؤول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق، ويجوز لعضو النيابة العامة أن يجري التحقيق في غيبتهم متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة، وفور انتهاء تلك الضرورة يمكنهم من الاطلاع على التحقيق، وله في حالة الاستعجال أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم، ولهؤلاء الحق في الاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات.
فيما قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان عصام شيحة، إن مشروع القانون "مقبول من حيث المبدأ؛ لأنه يحمل فلسفة جديدة هدفها النبيل منها الحد من العقوبات السالبة للحرية، والالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها الدولة المصرية، وإيجاد بدائل فعلية لأزمة الحبس الاحتياطي، وتقليل مدة الحبس الاحتياطي، وتفادي التضارب الموجود في القانون الحالي، بعدما أدخل عليه عددًا كبير من التعديلات أفقدته فلسفته، غير أنه يأمل أن يعيد البرلمان صياغة بعض المواد لتحقيق المصلحة الوطنية العليا في محاكمة عادلة ومنجزة".
وأكد شيحة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أهمية "ضمان تنفيذ مواد القانون على أرض الواقع"، مستشهدًا بأزمة الحبس الاحتياطي، موضحًا أنه "في هذه المادة وضع المشرع فترة الحبس الاحتياطي 6 شهور في حين طالب المشاركون في الحوار الوطني خفضها إلى 4 شهور فقط، وليست المدة هي المشكلة ولكن في الالتزام بتطبيق المدة المحددة".