مصر: تواصل الجدل حول نظام مقترح كبديل للثانوية.. ونائب يعترض على إضافة مادة الدين للمجموع

نشر
11 min قراءة
صورة أرشيفية لمقر وزارة التربية والتعليم في مصرCredit: GIANLUIGI GUERCIA/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تواصل الجدل حول نظام جديد مقترح للثانوية العامة في مصر، والمعروف باسم "شهادة البكالوريا"، سواء حول سبب التغيير أو التأثيرات المحتملة للنظام الجديد على تطوير العملية التعليمية وإعداد شباب مؤهل لسوق العمل.

صاحب النقاشات الدائرة جدل حول الاتجاه إلى احتساب نتائج مادة الدين ضمن المجموع الدراسي، فضلا عن آلية مقترحة تسمح للطلاب بإعادة الامتحان مقابل سداد رسوم بقيمة 500 جنيه (9.94 دولار)، وذلك دون عدد محدد لمرات خوضه.

محتوى إعلاني

وناقشت الحكومة المصرية، في اجتماعها الأسبوعي مطلع هذا الشهر، نظام شهادة البكالوريا "كبديل للثانوية العامة"، والمقرر تطبيقه على الطلاب الذين يدخلون الصف الأول الثانوى العام المقبل، والذي يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية بديلاً عن الحفظ والتلقين، والتعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين على الأقل، هذا بالإضافة إلى الاعتراف الدولي والفرص المتعددة من خلال جلستي امتحان سنويًا، وفق بيان رسمي.

ويتكون نظام شهادة البكالوريا، من مرحلتين هما المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، والمرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، وتتضمن المرحلة التمهيدية عددًا من المواد الأساسية التي تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ المصري والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق واللغة الأجنبية الأولي، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب.

أما المرحلة الرئيسية (الصف الثاني الثانوي)، تتضمن مواد أساسية في جميع التخصصات تشمل مواد اللغة العربية والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولي، بالإضافة إلى المواد التخصصية (يختار منها الطالب مادة واحدة) وهي الطب وعلوم الحياة تشمل (الرياضيات/ الفيزياء)، والهندسة وعلوم الحاسب تشمل (الكيمياء/ البرمجة)، والأعمال تشمل (محاسبة/ إدارة أعمال)، والآداب والفنون تشمل (علم نفس/ لغة أجنبية ثانيه).

فيما تتضمن المرحلة الرئيسية (الصف الثالث الثانوي)، التربية الدينية مادة أساسية لجميع التخصصات، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل الأحياء والكيمياء والهندسة وعلوم الحساب والفيزياء، والأعمال تشمل الاقتصاد والرياضيات، والآداب والفنون تشمل جغرافيا وإحصاء.

ورغم أن الحكومة لم تقر النظام الجديد للثانوية العامة، بدأت وزارة التعليم في عقد جلسات حوار مجتمعي مع فئات متعددة أبرزهم وزراء التعليم السابقين الخبراء والمتخصصين في مجال التعليم، وممثلين للأزهر والكنيسة، وأعضاء بمجلسي النواب والشيوخ، وكذلك الصحفيين والإعلاميين.

وخلال هذه اللقاءات، ذكر وزير التعليم محمد عبداللطيف، سبب تغيير نظام الثانوية العامة، بأنه هناك مشاكل متعددة في النظام الحالي، تمثل عبئًا كبيرا على الطلاب، أبرزها أولًا عدد المواد الكثيرة التي يدرسها الطالب، والتي تصل إلى 32 مادة، مما كان يترتب عليه عدم قدرة المعلمين من الانتهاء من تدريس المواد المقررة، ولذا تم تقليص عدد المواد المقررة إلى 7 مواد فقط، وثانيًا تحديد مصير الطالب من خلال امتحان فرصة واحدة فقط، ولذا يتيح النظام الجديد دخول الامتحان لأول مرة بالمجان، وكذلك محاولات لاحقة تكون برسوم، مع إعفاء غير القادرين من أي رسوم للامتحانات.

فيما طرح المشاركون بهذه اللقاءات عدة مقترحات جاءت أبرزها ضرورة تأمين الموارد من أجل توفير معلمين مؤهلين لتطبيق هذا النظام الجديد، واحتياج نجاح النظام الجديد للثانوية العامة للاستدامة، ووضع شروط وضوابط لعدد محاولات التحسين في نظام البكالوريا الجديد لضمان تكافؤ الفرص، والاهتمام باللغات والمهارات التكنولوجية وإدراج الذكاء الاصطناعي لمواكبة الوظائف المستقبلية، والاهتمام بتدريس التاريخ المصري، وإدخال مادة القيم ومهارات التفكير، بالإضافة إلى ضرورة توفير خدمة الإرشاد والتوجيه المهني للطلاب.

وقال عضو مجلس النواب المصري فريدي البياضي، إن نظام التعليم الثانوي الحالي غير مرضي مما يتطلب ضرورة تغييره، والنظام المقترح يتضمن 3 مزايا جديدة أبرزها أولًا تعدد محاولات الاختبار من خلال نظام التحسين، وثانيًا تعدد مسارات التعليم لتصبح 4 مسارات تناسب الطلاب واحتياجات سوق العمل، وثالثًا التركيز على الكيف وليس الكم من خلال خفض عدد المواد الدراسية وتطوير المناهج التعليمية.

وكان وزير التعليم أكد أن مقترح نظام الثانوية العامة الجديد، تم طرحه بعد وضع خطط مدروسة لأنظمة التعليمية حول العالم، وعقد جلسات لضمان توافق النظام الجديد مع المعايير الأكاديمية وتلبية احتياجات الطلاب، وكذلك مواكبة أنظمة التعليم الدولية من أجل تحسين مخرجات تلك المرحلة بما يتواكب مع احتياجات سوق العمل، وفق بيان رسمي.

غير أنه يرى أن النظام الجديد يتضمن العديد من السلبيات أبرزها أولًا اعتماد نظام الثانوية العامة على عامين بدلًا من عام واحد، مما يرهق الأسر ويزيد من الإقبال على الدروس الخصوصية، ثانيًا عدم تحديد عدد محاولات إعادة الامتحان مما يؤثر على تضخم مجموع الطلاب وعدم تكافؤ الفرص، ثالثًا تهميش النظام الجديد عددًا من المواد الواجب دراستها مثل اللغة الثانية والعلوم الإنسانية وكذلك الجيولوجيا، رغم أهمية دراسة الطالب لهذه المواد، رابعًا قصر عدد المواد المتاحة بكل مسار ما بين مادة أو اثنين بكل مسار فقط.

وقال البياضي، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، إن الحكومة تسارع في تنفيذ النظام الجديد على الطلاب الذين يدخلون مرحلة الثانوية العامة بداية من العام الدراسي المقبل، مما قد يؤدي إلى ارتباك العملية التعليمية، مضيفًا أن تقدم بطلب إحاطة بعد إعلان الحكومة نظام البكالوريا الجديد دون إشراك البرلمان، وضرورة تركيز الحكومة على إصلاح شامل للعملية التعليمية سواء من خلال زيادة حجم المخصص للتعليم في الموازنة، وزيادة أعداد المعلمين والفصول الدراسية وتطوير المناهج ومنظومة القبول في الجامعات.

وانتقد عضو مجلس النواب إضافة مادة الدين للمجموع؛ لأنه "لن يؤدي لتحقيق الغرض منه وهو المحافظة على الأخلاق والقيم"، وأضاف أن "توعية الطلاب بالقيم الأخلاقية والدينية لا يجب أن يتم إلزامه بتدريسها ولن تغير بالضرورة في سلوكه على حد قوله، إضافة إلى عدم توافر مدرسين متخصصين لتدريس الدين الإسلامي أو المسيحي في المدارس".

وسبق أن فسر وزير التعليم سببب إضافة التربية الدينية للمجموع وهو "المحافظة على الدين والقيم والأخلاقيات لدى الطلاب ومواجهة التحديات فى ظل الانفتاح على العالم، وطمأن الرأي العام بأن الدين الإسلامي يقوم بوضعه الأزهر الشريف، بينما منهج الدين المسيحي تقوم بوضعه الكنيسة، وسيتم عرضهما على الإدارة المركزية لتطوير المناهج بالوزارة لقياس الوزن النسبي للمنهجين، وسيتم تعديل القانون لإدخال مادة الدين في المجموع كمادة أساسية لكافة المراحل الدراسية بدء من العام المقبل"، حسبما ذكر في بيان رسمي.

وأيد أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، تامر شوقي، نظام الثانوية العامة الجديد، لحل المشاكل المزمنة للنظام الحالي سواء المتعلقة بفرصة واحدة للاختبار، مما كان يفرض ضغوطًا على الطلاب قد تؤثر بشكل سلبي على أدائه في الامتحانات، ومن ثم يحصل على مجموع دراسي منخفض لا يؤدي للكلية التي يرغب في الالتحاق بها، وكذلك زيادة عدد المواد الدراسية لتصل إلى 11 مادة في حين أن نظام البكالوريا الجديد تصل عدد المواد إلى 7 فقط مقسمة بين 4 مواد في الصف الثاني الثانوي و3 مواد في الصف الثالث الثانوي.

وقال شوقي، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، إن النظام الجديد للثانوية العامة يتماشى مع متطلبات سوق العمل من خلال تدريس مواد ومناهج حديثة مثل مادة البرمجة وإدارة الأعمال والمحاسبة، إضافة إلى تضمنه 4 مسارات هي الطب وعلوم الحياة، الهندسة وعلوم الحاسب، إدارة الأعمال، الآداب والفنون مما يؤهل الطلاب إلى عدة كليات كل حسب مساره، علاوة على إتاحة الفرص للطلاب لدخول الامتحان أكثر من مرة.

غير أنه يرى أن هناك بعض السلبيات في النظام المقترح أبرزها أن بعض المواد خارج المجموع في أحد الصفوف وبعدها تضاف للمجموع في الصف التالي، مثل اللغة الأجنبية الثانية في الصف الثاني غير مضافة للمجموع، وفي السنة التالية تضاف للمجموع، كما أن النظام أتاح للطلاب الاختيار خلال سنة الإعداد بين اللغة الثانية وعلم النفس وهذا أمر غير منطقي وغير تربوي، إضافة إلى أن النظام يتيح دراسة مواد مستوى رفيع دون دراسة المستوى الأساسي، علاوة على حذف اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى من الصف الثالث الثانوي مما يؤدي إلى فجوة للطلاب الراغبين في الالتحاق بالكليات الأدبية.

ورفض شوقي إضافة مادة الدين للمجموع، لعدة أسباب أبرزها "عدم دراسة مادة الدين بشكل متسلسل طوال المرحلة الثانوية، إذ يتضمن النظام المقترح دراسة الطالب مادة الدين في الصف الأول والثالث الثانوي دون دراستها في الصف الثاني، إضافة إلى إمكانية عدم وجود تكافؤ الفرص بين امتحان الدين الإسلامي والمسيحي، علاوة على أن تدريس الدين لطلاب الثانوية العامة لن يؤدي لتعديل سلوك الطلاب في حينه بل يجب أن يتم في السنوات الدراسية الأولى"، بحسب قوله.

نشر
محتوى إعلاني