أول أردنية وعربية في منصب نائب محافظ البنك المركزي: نجاح المرأة في المجال الاقتصادي صعب ولكنه غير مستحيل
عمان، الأردن (CNN) -- لا تزال الأردنية خلود السقاف تزاحم غيرها من الرجال في عالم المال والاقتصاد لتحقيق مزيد من التقدم في مواقع قيادية، بعد أن قادها حلمها المبكّر إلى تولي منصب نائب محافظ البنك المركزي العام 2008 لعدة أعوام، وهو أول منصب تصل له امرأة عربية في حينه، وهي اليوم تعتبر أن وصفة النجاح في عالم يعتقد أنه حكر على الرجال، سرها الإصرار على المنافسة دون تنازلات كبيرة.
السقاف، التي ترأس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي حاليا، كثاني سيدة أردنية تصل لهذا الموقع، وجدت نفسها في الخدمة العامة في القطاع المصرفي والمالي، إذ ترى بأن هذا الصندوق التابع لمؤسسة الضمان الاجتماعي، وهي أهم وعاء ادخاري للأردنيين، قد استطاع أن يعزز الثقة به، إذ بلغت موجودات الصندوق حتى نهاية 2021 ما مقداره 12.3 مليار دينار أردني.
وتقول السقاف لـCNN بالعربية: "حكمتي الدائمة أن من جدّ وجد ومن سار على الدرب وصل"، داعية النساء في مجال الاقتصاد إلى الإصرار على منافسة الرجال في الميدان وأن لا يتخلين عن حلمهن مهما كانت الظروف.
وانتقلت السقاف التي نشأت في عائلة أصلها حجازي، بين عدة مواقع بين القطاعين العام والخاص، وكان لسيرة والدها محمد السقاف، وزير التموين الأردني الأسبق بداية التسعينيات التأثير الكبير على مسيرتها، إذ عرف عنه عدة مواقف انحاز فيها إلى المواطن، وأشرف على بناء صوامع للقمح أمّنت مخزونا استراتيجيا منه للأردنيين بداية الثمانينات، كما أنه تولى موقع مدير مؤسسة الضمان قبل وزارة التموين، وكان جدّه من الرعيل الأول الذي رافق الملك عبدالله المؤسس.
وتقول السقاف إنها "نشأت في منزل لديه تاريخ عائلي طويل في السياسة والمناصب"، لكنها ترعرعت أيضا أمام نموذج والدتها، التي كانت امرأة عاملة وأكملت دراسة الماجستير والدكتوراة وهي لديها 3 أطفال.
وتؤكد السقاف أهمية الدراسة الأكاديمية للمرأة، إذ حصلت على الترتيب الثامن في مرحلة الدراسة الثانوية العامة ودرست لاحقا الاقتصاد في مرحلتي البكالوريوس والماجستير.
وتستذكر السقاف بعض المحطات الصعبة التي واجهتها من بينها عدم احتساب خبرتها التي امتدت لأربع سنوات في مناجم الفوسفات، لتلتحق بالعمل في البنك المركزي، واستمرت في العمل به خبيرة في دائرة الرقابة لمدة 14 عاما، ولكنها غادرت بعدما لم تحصل على الرتبة التي ترغب بها وانتقلت للعمل إلى هيئة التأمين.
وقالت السقاف إنها عادت بعد عامين من العمل في التأمين مديرة لدائرة الرقابة في البنك المركزي، ليتاح لها لاحقا التنافس على موقع نائبة المحافظ.
وتقول هنا: "الكل كان يقول خلود أقوى المرشحين وأنا أقول مستحيل.. وكان عمري لم يصل إلى 40 عاما، وفي الوقت ذاته كان هناك مدراء كثر من حولي كان لديهم فرصة".
وعن خدمتها نائبة لمحافظ البنك المركزي، تقول السقاف إن الموقع كان صعبا جد، لضغط العمل فيه والإشراف على 7 دوائر في البنك المركزي، ونظرا للقرارات الحاسمة المطلوبة المتعلقة بالسياسة النقدية. وتضيف: "لقد اكتسبت خبرة كبيرة في هذا الموقع وانتقلت إلى القطاع الخاص لكن الشغف بالخدمة العامة دفعني للعودة إلى القطاع العام".
وعن تحديات النجاح في المجال المصرفي للسيدات، تقول السقاف: "هو مجال ليس سهلا، وبشكل عام القيادة فيه ذكورية، ومن المعروف أن المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن لدينا متدنية جدا تبلغ 14 في المائة، لكن في الجهاز المصرفي تصل إلى 36 في المائة، لأن هناك استقرارا وتكافؤا أيضا...المشكلة أن المرأة أحيانا لا تجد الدعم الكافي للاستمرار".
وعن جرأة صناعة القرارات المالية الحاسمة، تقول السقاف إنها كانت تعتمد على الاستشارة من الدائرة المعنية وإشراك أكثر من طرف داخلي فيها، إضافة إلى البحث والسعي لأن يكون القرار جماعيا دون تفرّد، ووفقا لمعايير قانونية ومعايير إدارة المخاطر.
وتؤكد السقاف أن الطريق "ليست مفروشة بالورود"، وأن التعلم المستمر بروح الفريق والمثابرة هو أساس النجاح، وتضيف "كل ما كبّرتي فريقك وقوّيتي الناس اللي حواليك يمكن الوصول أسرع".