رأي لعامر السبايلة.. "تعدد التحالفات بالمنطقة.. طروحات نظرية بعيدة عن الحلول العملية"
هذا المقال بقلم عامر السبايلة، والآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة عن رأي لشبكة CNN.
جاءت الخطوة السعودية بالإعلان عن تشكيل تحالف اسلامي لمواجهة الارهاب مفاجئة لكثير من المراقبين. فالخطوة في اطارها النظري تبدو على انها تعبير عن ضرورة ان تتصدى دول اسلامية لحالات الارهاب المستشري باسم الدين، لكن في اطارها العملي تبدو الفكرة استمراراً لحالة الانقسام والتشرذم السياسي التي تمر بها دول المنطقة والتي مازالت تقود الى عمليات تفريخ للتحالفات وتعزيز حالات الانقسام الطائفي.
قد يتفق البعض على ضرورة تشكل تحالف من هذا الطراز في هذا الوقت بالذات، وقد يرى آخرون ان دواعي انشاء مثل هذا التحالف تنطلق من منطقية سعي بعض الدول للنأي بنفسها عن واقع الارهاب ورعايته او التطرف وصناعته. لكن الرؤية العملية الاكثر منطقية تشير انه يتوجب على كثير من الدول أن تعمل على معالجة مشاكلها الداخلية وإحداث تغييرات في تركيبتها المجتمعية قبل الشروع في البحث عن تحالفات قد لا تخرج عن اطارها الشكلي وتفتقر فعلياً الى رؤية استراتيجية واقعية للتعامل مع الواقع وتحدياته على الارض.
اقرأ: أمريكا: السعودية لم تعلمنا مسبقا بالتحالف الإسلامي.. وحديث بن سلمان يشير إلى حرب تتجاوز داعش
اما فيما يتعلق بسيناريوهات التدخل العسكري فالأمور تبدو أكثر تعقيداً من الطروحات النظرية، غالبية الدول المنضوية تحت راية التحالف الجديد غير مستعدة لاتخاذ اي خطوة عسكرية على الارض، فمعضلة التحرك العسكري كانت ومازالت أكبر عقبات التحالفات المتحددة التي تشكلت في إطار السعي لمكافحة الارهاب. يضاف الى ذلك ان اي حديث عن تدخل عسكري على الارض يحتاج اليوم الى استراتيجية واضحة المعالم ويحتاج كذلك الى عملية تنسيق سياسي وعسكري مع القوى الموجودة على الارض. في الحالة السورية على سبيل المثال لا يمكن اليوم التفكير في اي عمل عسكري بعيداً عن إطار التنسيق مع روسيا الحاضر الابرز في المشهد السوري، مما يعني ان التفكير في اي عمل عسكري من قبل اي تحالف يعد عملية شبه مستحيلة وهو ما جاء أيضاً على لسان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما صرح ان اي عمل عسكري مستقبلي لهذا التحالف في سوريا او العراق سيتم بالتنسيق مع السلطة الشرعية والتحالف الدولي. لهذا قبل الاعلان عن اي خطوة جديدة يجب على اي تحالف وليد ان يجيب على كثير من الاسئلة وأبسطها: "من هي السلطة الشرعية التي سيتم التنسيق معها في سوريا؟" ويفكك تعقيدات المشهد الحالي عبر طروحات مقنعة ورؤية تتجاوز عقبات التحالفات السابقة التي فشلت في تجميع الفرقاء.المنطقة تمر بحالة من التصدع السياسي وانتشار لمشاعر الكراهية والانقسام وسيادة الفكر الطائفي، لهذا فان الخروج من هذه الحالة يحتاج الى تحرك واع ومدرك لحجم الاخطار السائدة وخطورة استمرارها لسنوات طويلة.
المطلوب اليوم تشكيل تحالفات فكرية مبنية على ضرورة تجاوز مخاطر التجييش والتوظيف الطائفي وحالات العداء ومشاعر الكراهية المستشرية. المطلوب تحالفات تسعى لإحداث تغيرات جوهرية على الصعيد المجتمعي وإعادة صياغة المنظومة الفكرية لمجتمعات باتت مراكزاً رئيسية لصناعة للتطرف ومُصدراً أساسياً للإرهاب. اي تحالف جديد يجب ان يسعى لتجسير الخلافات وتقريب المسافات بين الاطراف المتضادة لا ان يوظف الدين لخدمة أهواء البعض وشرعنة مواقفهم ومغامراتهم السياسية وبالتالي تبقى المنطقة تدور في دائرة مفرغة من التخبط والسقوط.