هذا المقال بقلم عامر السبايلة، والآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة عن رأي لشبكة CNN.
جاءت الخطوة السعودية بالإعلان عن تشكيل تحالف اسلامي لمواجهة الارهاب مفاجئة لكثير من المراقبين. فالخطوة في اطارها النظري تبدو على انها تعبير عن ضرورة ان تتصدى دول اسلامية لحالات الارهاب المستشري باسم الدين، لكن في اطارها العملي تبدو الفكرة استمراراً لحالة الانقسام والتشرذم السياسي التي تمر بها دول المنطقة والتي مازالت تقود الى عمليات تفريخ للتحالفات وتعزيز حالات الانقسام الطائفي.
قد يتفق البعض على ضرورة تشكل تحالف من هذا الطراز في هذا الوقت بالذات، وقد يرى آخرون ان دواعي انشاء مثل هذا التحالف تنطلق من منطقية سعي بعض الدول للنأي بنفسها عن واقع الارهاب ورعايته او التطرف وصناعته. لكن الرؤية العملية الاكثر منطقية تشير انه يتوجب على كثير من الدول أن تعمل على معالجة مشاكلها الداخلية وإحداث تغييرات في تركيبتها المجتمعية قبل الشروع في البحث عن تحالفات قد لا تخرج عن اطارها الشكلي وتفتقر فعلياً الى رؤية استراتيجية واقعية للتعامل مع الواقع وتحدياته على الارض.
اقرأ: أمريكا: السعودية لم تعلمنا مسبقا بالتحالف الإسلامي.. وحديث بن سلمان يشير إلى حرب تتجاوز داعش
المنطقة تمر بحالة من التصدع السياسي وانتشار لمشاعر الكراهية والانقسام وسيادة الفكر الطائفي، لهذا فان الخروج من هذه الحالة يحتاج الى تحرك واع ومدرك لحجم الاخطار السائدة وخطورة استمرارها لسنوات طويلة.
المطلوب اليوم تشكيل تحالفات فكرية مبنية على ضرورة تجاوز مخاطر التجييش والتوظيف الطائفي وحالات العداء ومشاعر الكراهية المستشرية. المطلوب تحالفات تسعى لإحداث تغيرات جوهرية على الصعيد المجتمعي وإعادة صياغة المنظومة الفكرية لمجتمعات باتت مراكزاً رئيسية لصناعة للتطرف ومُصدراً أساسياً للإرهاب. اي تحالف جديد يجب ان يسعى لتجسير الخلافات وتقريب المسافات بين الاطراف المتضادة لا ان يوظف الدين لخدمة أهواء البعض وشرعنة مواقفهم ومغامراتهم السياسية وبالتالي تبقى المنطقة تدور في دائرة مفرغة من التخبط والسقوط.