لماذا يواجه الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي ضعفاً بالصحة البدنية والموت المبكر؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- المرض العقلي هو السبب في وفاة الأشخاص المصابين به، بحوالي 20 سنة أقل مقارنة بغيرهم من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. وقد أشار تقرير جديد إلى أنه يتعين على الحكومات ومقدمي الرعاية الصحية بذل المزيد من الجهد لوقف حالات الوفيات.
ويقول جوزيف فيرث، وهو باحث في جامعة مانشستر ورئيس لجنة لانسيت للطب النفسي، والتي نشرت البحث: "تعتبر التباينات في نتائج الصحة الجسدية للأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي في الوقت الحالي بمثابة فضيحة لحقوق الإنسان."
وقام فريقه بتحليل حوالي 100 دراسة ووجد أن معظم الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي يموتون مبكراً ليس بسبب الانتحار، ولكن بسبب "الصحة الجسدية السيئة" التي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الصحة العقلية يواجهون خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل السكري والسكتة الدماغية. ويزيد لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب مثلاً، خطر الإصابة بأمراض القلب، السكري، أو السمنة بحوالي 40٪ مقارنة عن غيرهم.
وقال فيرث إن المرض العقلي يمكن أن يزيد من خطر الأمراض الجسدية، كما أن المرض الجسدي نفسه يزيد من خطر الإصابة بمرض عقلي، مضيفاً أن "الإصابة بالسمنة أو السكري تزيد من خطر التعرض لحالة نفسية، والعكس صحيح."
وفي بعض الأحيان، قد يؤدي علاج الأمراض العقلية إلى تفاقم مشاكل الصحة الجسدية. ووجد التقرير، على سبيل المثال، أن العديد من الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض العقلية، بما في ذلك مضادات الاكتئاب، ومثبتات الحالة المزاجية يمكن أن يكون لها آثار سلبية على عملية التمثيل الغذائي وصحة القلب.
الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي يتلقون رعاية أقل
ووجد التقرير أن جميع الأمراض العقلية تقترن ببعض عوامل الخطر المرتبطة بنمط الحياة، حيث أن "الأشخاص المصابين بمرض عقلي يميلون إلى أن يكون لديهم أنماط حياة غير صحية مقارنة بغيرهم."
ووفقاً للباحثين، الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشديد هم أكثر عرضة للتدخين مثلاً، ويتبعون نظاماً غذائياً أسوأ بكثير من غيرهم. ويعاني حوالي 1 من كل 5 أشخاص من اضطرابات القلق ويسيئون استخدام الكحول، كذلك أولئك الذين يعانون من الفوبيا الاجتماعية يقومون بنشاط جسدي أقل.
ووجد التقرير أن الوفيات لا تزال مرتفعة لدى المصابين بأمراض عقلية حتى بعد السيطرة على عوامل الخطر مثل التدخين، والنشاط الجسدي، ومؤشر كتلة الجسم. ووفقاً للباحثين، يشير ذلك إلى أن الأشخاص المصابين بمرض عقلي يتلقون رعاية أقل من أولئك الذين لا يعانون من مشاكل نفسية.
ويقول الباحثون إن السبب في ذلك غير واضح، ولكن أحد التفسيرات المحتملة هو أن الأطباء يعزون عن طريق الخطأ الأعراض الجسدية للمشاكل النفسية الموجودة، مما يؤدي إلى أخطاء في بعض التشخيصات.
كما وجد التقرير أن الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي هم أقل عرضة لتلقي التدخلات الطبية والجراحية التي يتم تقديمها إلى غيرهم. حيث أن خدمات الرعاية الصحية يمكن أن تكون غير متسامحة مع الأشخاص المصابين بمرض عقلي أو على الأقل ينظر إليها على هذا النحو.
العقل السليم في الجسم السليم
وأضاف فيرث: "من الواضح وجود إهمال متعمد للمرضى العقليين بسبب وصمة العار والتمييز في بعض المناطق، وذلك لعدم اهتمام الناس بهم"، موضحاً: "نرى أن هناك تباينات كبيرة عند النظر مثلاً في المبالغ التي يتم إنفاقها على رعاية الصحة العقلية وأبحاث الصحة العقلية مقارنة بجميع جوانب الصحة."
وأشار فيرث إلى أن أنظمة الرعاية الصحية تعمل على تقديم رعاية أفضل. وقال إن "سلطات الصحة العالمية والهيئات الصحية الوطنية تبذل قصارى جهدها بصدق لمحاولة معالجة هذه القضايا الصحية"، وذلك لمساعدة المرضى وخفض التكاليف.
ولفت فيرث إلى ضرورة البدء في معالجة العقل والجسم معاً.