الأول من نوعه في الإمارات.. ما أهمية تسجيل التسلسل الجيني لفيروس كورونا المستجد؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد أن أعلن مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا في دبي عن تسجيل أول تسلسل جيني خاص بفيروس كورونا المستجد بنجاح من عينة مريض مصاب بـ"كوفيد-19" في الإمارة، في كشفٍ طبي يعد الأول من نوعه في دولة الإمارات، ما أهمية البحث في التسلسل الجيني لفيروس "كوفيد-19"؟وكيف سيساعد في تطوير لقاح لعلاج "كوفيد-19"؟
وكشف الأستاذ المشارك في علم الوراثة في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية ومدير مركز الجينوم التابع لمستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، د. أحمد أبو طيون لموقع CNN بالعربية تفاصيل بحث التسلسل الجيني لفيروس "كوفيد-19".
وأوضح أبو طيون أن البحث في التسلسل الجيني لفيروس "كوفيد-19" يهدف إلى 3 أهداف رئيسية، وهي:
-
فهم العلاقة بين السلالات الفيروسية وشدة المرض.
وفي الوقت الحالي، يدرس المشروع تسلسل الجينومات الفيروسية من 240 مريضاً مصاباً بفيروس "كوفيد-19" مع اختلاف شدة المرض، ووقت الإصابة، ومن مختلف الأعمار، ومن الجنسين وما إلى ذلك. ومن ثم سيتم مقارنة تسلسلات الجينوم الفيروسي بين مجموعات المرضى المختلفة لمحاولة فهم ما إذا كانت بعض السلالات يمكن أن تسبب أعراض أكثرة حدةَ من أشكال المرض مقارنةً بسلالات أخرى.
-
معرفة ما إذا كانت اللقاحات والعلاجات قيد التطوير حالياً ستكون فعالة في علاج المرض وإلى أيّ مدى:
وسيؤدي تصنيف السلالات الفيروسية وتسلسل الجينوم في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى معرفة ما إذا كانت اللقاحات والعلاجات قيد التطوير حالياً ستكون فعالة في علاج المرض وإلى أيّ مدى. ويوجد حالياً 3 سلالات رئيسية من "CoV-2"، وهي A, B, C، والتي يمكن تمييزها بناءً على معلوماتها الجينية. وستحدّد الدراسة الحالية السلالات الفيروسية في دولة الإمارات، وربما تكشف عن سلالات جديدة.
- تتبع كيفية دخول الفيروس وانتشاره في دولة الإمارات
وعلماً أن فيروس "CoV-2"، هو الإسم العلمي للفيروس، يغيّر الشفرة الوراثية مدة كل أسبوعين. ستساعد هذه المعلومات على فهم كيفية ارتباط السلالات المختلفة، وكيف تكون متباعدة عن بعضها البعض في إطار زمني، من خلال أوجه التشابه أو الاختلاف بين التسلسلات الجينومية. وتتضمن الدراسة مقارنة هذه المعلومات الوراثية مع تاريخ سفر المرضى لمحاولة فهم كيفية دخول الفيروس إلى دولة الإمارات ومن ثم كيفية انتشاره بين أفراد المجتمع.
وبالنسبة إلى العينة الأولى، أشار أبو طيون إلى أنها جُمعت بشكل عشوائي من مريض مصاب بـ"كوفيد-19"، ولم يتم الحصول على أي معلومات سريرية أو ديموغرافية من هذه العينة، إذ كان الهدف الرئيسي إثبات إمكانية عزل الجينوم الفيروسي الكامل وتسلسله من عينة مسح أنفية.
وأوضح أبو طيون أن السلالة الجينية لأول مريض مصاب أظهرت أنه ينتمي إلى النوع "A" المنتشر حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال أبو طيون: "في الواقع، عندما تمت مقارنة السلالة الجينية لمريضنا بعدد من السلالات الجينية من حول العالم، كان الجينوم الفيروسي لمريضنا هو الأقرب إلى السلالة المنشورة في الولايات المتحدة. ومن هنا، فإننا قد نستطيع استخدام هذه المعلومات مع سجل سفر المريض لتحديد مصدر العدوى التي أصابت هذا المريض".
وأضاف أبو طيون أن إجراء بحوث التسلسل الجيني للمزيد من المرضى في نقاط زمنية مختلفة للعدوى، كما هو الحال في هذه الدراسة، يمكن أن يساعد في رسم الخريطة الزمانية والمكانية للوباء المنتشر ليس فقط في دولة الإمارات، ولكن أيضاً على الصعيد العالمي نظراً لموقع الإمارات ودورها كبوابة بين الشرق الأقصى والغرب.
أما عن كيفية مساعدة هذا البحث في تطوير لقاح لعلاج "كوفيد-19"، قال أبو طيون إن سلالات "CoV-2" يمكن أن تختلف بحيث قد لا يكون لقاح إحدى السلالات فعالاً عند السلالات الأخرى، والهدف في نهاية المطاف هو تطوير لقاح يمكن أن يحمي ضد جميع سلالات "CoV-2"، مما يعني أن الخطوة الأولية والضرورية ستكون توصيف تلك السلالات، من خلال توصيف الشفرة الجينية.
وتجري بحوث التسلسل الجيني في مركز الجينوم التابع لمستشفى الجليلة التخصصي للأطفال بتعاون وثيق مع عدد من العلماء والأطباء في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وهيئة الصحة بدبي، وتحت إشراف مركز القيادة والتحكم "كوفيد-19" في دبي.
وقال الدكتور علوي الشيخ علي، نائب مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية للشؤون الأكاديمية عضو مجلس علماء الإمارات ورئيس اللجنة العلمية الاستشارية لمركز التحكم والسيطرة، في مقابلة عن بعد (شاهد الفيديو أعلاه) مع موقع CNN بالعربية، إنه "من خلال دراسة التسلسل الجيني، أو البصمة الوراثية لعينات الفيروس من المرضى المصابين، يمكننا أن نتتبع بداية الوباء في دولة الإمارات وكيفية انتشاره".
وأوضح علي أن الحمض النووي للفيروس المسبب لـ"كوفيد-19"، المعروف باسم "CoV-2"، يتكون من حوالي 30 ألف حرف نووي، ومع انتشار الفيروس من شخص إلى آخر ، يطرأ على التسلسل الجينومي تغيرات بسيطة بمعدل تغير حرف واحد مدة كل أسبوعين، وفقاً لما ذكره في المقابلة.
وتابع رئيس اللجنة العلمية الإستشارية لمركز التحكم والسيطرة أنه مع انتشار العدوى، تتكون سلالات متعددة من الفيروس، وقد تساعد دراسة البصمة الوراثية في أي بلد على التعرف على السلالة المنتشرة أو الأكثر انتشاراً في الدولة أو المنطقة ومقارنتها بالسلالات الأخرى.
وتهدف الدراسة إلى التعرف إلى ما إذا كان يوجد سلالات معينة أو بصمة وراثية معينة مرتبطة بشدة المرض، أو بعمر المريض أو بجنسه، وفقاً لما ذكره علي.
وأشار علي إلى أنه من المتوقع خلال الأسابيع القادمة صدور نتائج أولية عن التسلسل الجيني في أكثر من 50 عينة أولية وستتكون من خلالها فكرة أولية للفترة الأولى من المنحنى الوبائي من ناحية انتشار الوباء ومصادر هذه السلالات التي بدأت الوباء.
ووفقاً لعلي فإن العينة الأولى للمريض المصاب بالفيروس أثبتت أن الألية التي وضعت لتحديد التسلسل الجيني لفيروس "كوفيد-19" تعطي تسلسل جيني واضح ودقيق.
وقد تساعد الدراسة في معرفة مدة فعالية أي لقاح محتمل لعلاج فيروس كورونا المستجد من خلال استنباط مدى استقرار التسلسل الجيني خلال فترة الدراسة في دولة الإمارات، وفقاً لما ذكره علي.
وأوضحت الدراسة الأولية من دول أخرى أن التسلسل الجيني للفيروس يعد مستقر نسبياً، ما يعني أنه إذا تمكنا من تطوير لقاح ضد الفيروس، فقد يكون للقاح فعالية على مدى طويل.
وتطمح دراسة التسلسل الجيني إلى أن تشمل 240 عينة من 240 مريضاً بـ"كوفيد-19" في فترات زمنية متباعدة من الوباء، للتعرف على مدى تغيرات التسلسل الجيني مع الوقت في دولة الإمارات، ومدى انتشار السلالات المختلفة خلال فترات مختلفة من الوباء.