يشبه أنتوني فاوتشي لحد كبير.. من هو الطبيب الذي حارب جائحة الإنفلونزا في 1918؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أشرف هذا الطبيب على استجابة الصحة العامة في وجه الجائحة، كما أنه نصح الأمريكيين بإلغاء التجمعات، وارتداء الأقنعة في الأماكن العامة. وحذّر هذا الطبيب من عودة المرض في حال رُفعت القيود مبكراً.
وقبل وجود مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، تواجد طبيب آخر يُدعى توماس تاتل، وهو مفوض صحة في واشنطن قاد الولايات المتحدة خلال جائحة الإنفلونزا المدمرة في عام 1918.
وأُجريت المقارنة بينهما أول مرة في مقال في مجلة "فوربس" نُشرت في أبريل/نيسان. ويفصل بين الطبيبين قرن من الزمن، وعمل الاثنان تحت ظروف مختلفة.
وكان تاتل مسؤولاً حكومياً، بينما يعمل فاوتشي كمستشار وطني لأزمة لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
ونقل تاتل توصياته الصحية عبر البرقيات، بينما يظهر فاوتشي أسبوعياً على شاشات التلفزيون.
ولكن، يتبادل الإثنان نصائح متشابهة بشأن إنهاء الأوبئة، وهي تتضمن التباعد الإجتماعي، وارتداء الأقنعة، والخضوع للحجر الصحي، وليس من الصعب أيضاً ملاحظة أنهما يشبهان بعضهما البعض.
تسليط الضوء على مفهوم نقل العدوى بدون ظهور الأعراض
وأثناء محاربة جائحة الإنفلونزا في عام 1918، أثار تاتل فكرة انتقال العدوى بين الأشخاص رغم عدم ظهور الأعراض.
وفي تقرير البينالي الثاني عشر لمجلس واشنطن للصحة الذي نُشر عام 1919، كتب تاتل أن "الناقل" هو الشخص الذي يتعرض للمرض، ولكنه مُحصّن ضده. ورغم ذلك، يحمل ذلك الشخص جراثيم المرض، وينقلها للآخرين.
وأشار تاتل إلى أنه من بين الركاب على متن سفينة بخارية كانت متجهة من ألاسكا إلى سياتل، أظهر 150 منهم علامات الإنفلونزا، وذلك رغم عدم الإبلاغ عن أي حالات إنفلونزا في ألاسكا. ويدل ذلك على أن السفينة كانت تحمل ركاباً يحملون المرض وبدون أعراض.
ويؤمن فاوتشي أن العدوى بدون أعراض بدأت تنتقل في يناير/كانون الثاني قبل شهرين من تحول الفيروس إلى جائحة.
أوصى بقواعد صارمة
وتماماً مثل فاوتشي، طلب تاتل من الأشخاص إجراء تغييرات جذرية للحد من انتشار المرض، واشتملت تعليماته على التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة.
وكتب تاتل: "تم حظر جميع التجمعات العامة باستثناء التجمعات الضرورية من أجل الحفاظ على الحياة، واستمرار الصناعات الحربية الأساسية".
ولكن، ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة أن هذه الجهود "طُبقت بشكل غير متساوٍ".
وأما في القرن الـ21، أشارت أدلة في بداية أبريل/نيسان إلى أن أوامر البقاء في المنزل كانت تُبطّئ معدل الإصابة، ومن المتوقع ارتفاع معدل الوفيات بعد إعادة افتتاح معظم الولايات.
واجه ردود فعل سلبية
وكما هو الحال مع فاوتشي، لم تتفق الحكومة بأكملها، أو الجماهير، على القيود التي اقترحها تاتل.
وفي برقية أرسلها إلى خدمة الصحة العامة الأمريكية، سأل تاتل عن فترة الحجر الصحي المقترحة للمرضى المصابين بالفيروس، وردت الخدمة عليه قائلةً: "الخدمة لا توصي بالحجر الصحي ضد الإنفلونزا".
وبعد 6 أسابيع من التباعد الاجتماعي في عام 1918 (لم يُسمّى الأمر بالتباعد الاجتماعي آنذاك)، كتب تاتل أنه تم رفع القيود، وخلال أسبوعين، نمت معدلات الإصابة بسرعة.
وأما فاوتشي، فاختلف مع العديد من ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثل وصفه عقار هيدروكسي كلوروكوين المضاد للملاريا كعلاج ضد فيروس كورونا، إذ حذّر فاوتشي من مخاطره.
ولدى فاوتشي بعض التحفظات ضد افتتاح معظم الولايات هذا الشهر.
حذّر من عودة المرض
ورغم التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة في القضاء على الجائحة، حذّر تاتل من عودة المرض في وقت لاحق من الموسم.
ومع أن تفشّي الإنفلونزا في عام 1918 بدأ في الخريف، وبلغ ذروته في الشتاء، إلا أن تاتل حذّر من إمكانيته لبلوغ الذروة في الشتاء القادم.
وكان تاتل على حق، إذ امتدت الجائحة إلى ربيع عام 1919.
وبحلول نهايتها، أودت الجائحة بحياة 50 مليون شخص على الأقل حول العالم، بما في ذلك 675 ألف أمريكي.
ولا يُتوقع أن يصل عدد وفيات فيروس كورونا في أمريكا إلى ذلك العدد، ولكن عودته في الولايات المتحدة مضمونة تقريباً.
وقال فاوتشي خلال ندوة عبر الإنترنت للنادي الاقتصادي في واشنطن الأسبوع الماضي: "أنا على يقين في الغالب من أنه سيعود لأن الفيروس معدي بشكل كبير، وينتشر على مستوى العالم".