بعد اعتراف الصحة العالمية بانتقال الفيروس عبر الهواء.. هل يمكن لمرشحات الهواء أن تحميك من العدوى بكورونا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما أعلن حاكم نيويورك، أندرو كومو، الأسبوع الماضي أن مراكز التسوق في نيويورك، لا يمكن إعادة فتحها حتى القيام بتركيب مرشحات هواء دقيقة عالية الكفاءة قادرة على اصطياد الفيروس الذي يسبب "كوفيد-19"، كان باحث الصحة البيئية جوزيف جاردنر ألن ممتناً لذلك.
وقال ألن، الذي يدير برنامج المباني الصحية في مدرسة "هارفارد تي إتش تشان" للصحة العامة: "كنت أكتب باستمرار منذ أوائل فبراير حول كيف يجب أن تكون المباني الصحية خط الدفاع الأول ضد فيروس كورونا المستجد".
وكان ألن واحداً من بين 239 عالماً كتبوا خطاباً مفتوحاً إلى منظمة الصحة العالمية، والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ووكالات صحية أخرى، يطالبون فيه بتغيير توجيههم للجمهور حول كيفية انتشار فيروس كورونا المستجد أو "سارس-كوف-2".
وذكرت الرسالة التي نشرت الاثنين، إن التوجيهات الحالية تركز فقط على "غسل اليدين، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، واحتياطات قطرات الهواء".
وأشار العلماء إلى أن الوكالات الصحية تتجاهل القطرات الصغيرة من الفيروس التي تخرج من أفواهنا، لتصبح رذاذاً ثم تطفو بعيداً في الهواء، كوسيلة محتملة لانتقال العدوى.
وقال المؤلف المشارك دونالد ميلتون، أستاذ الصحة البيئية في جامعة ميريلاند، لـ CNN في مقابلة سابقة: "إنهم لا يريدون الحديث عن الانتقال عبر الهواء لأن ذلك سيجعل الناس تشعر بالخوف"، مضيفاً أن "أفضل لقاح ضد الخوف هو المعرفة وتمكين الناس من الاعتناء بأنفسهم".
وأوضح ميلتون أن ارتداء القناع يعد مهماً لأنه يحجب الهباء الجوي عن مصدره".
وقال ألن، إنه بسبب بطء اعتراف مراكز السيطرة على الأمراض ومنظمة الصحة العالمية بحدوث انتقال الهباء الجوي، فإن المباني لا تضع تدابير رقابية مناسبة، مشيراً إلى أن النهج الحكيم والواقعي هو الاعتراف بأن الانتقال عبر الهواء يحدث ويُوضع ضمن الضوابط.
ومن جانبها، أوضحت مراكز السيطرة على الأمراض: "يعتقد أن كوفيد-19 ينتشر بشكل رئيسي من خلال الاختلاط الوثيق من شخص لآخر" و"قطرات الجهاز التنفسي التي تنتج عندما يسعل شخص مصاب أو يعطس أو يتحدث".
وقال خبير الأمراض المعدية الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي والأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة فاندربيلت في ناشفيل: "أتفق مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بأن الغالبية العظمى من انتقال العدوى تحدث في مسافة 3 إلى 6 أقدام من الشخص المصاب..حيث تنتقل الغالبية العظمى من هذا الفيروس".
وأوضح شافنر: إذا وجدت تحقيقات الصحة العامة في المستقبل أن "حوادث انتقال الهباء الجوي أكثر شيوعاً مما يعتقد حالياً، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير الأولويات".
وفي الوقت الحالي، لا يعتقد شافنر أن هناك حاجة إلى تغيير جميع وحدات تكييف الهواء في الولايات المتحدة وحول العالم بناءاً على ذلك، مضيفاً أنه يجب مكافحة الطريق الرئيسي لانتقال العدوى، من خلال أهم 3 إجراءات، وهي وضع الأقنعة، والتباعد الاجتماعي، وتجنب التجمعات الكبيرة. وهكذا سينخفض معدل انتقال الفيروس، وفقاً لما ذكره.
ووجدت دراسة أجريت في منتصف مارس/ آذار أن فيروس "سارس- كوف-2" يمكن أن يعيش في قطرات الجهاز التنفسي المجهري التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون وأصغر، والتي يمكن أن تظل عالقة في الهواء وقابلة للحياة لمدة تصل إلى 3 ساعات أو أكثر.
وفي أوائل شهر مايو/ أيار، نشر ألن وأستاذة الهندسة المدنية والبيئية في فرجينيا للتكنولوجيا، لينسي مار، ورقة اختتمت بحثاً يركز على دور الجسيمات الصغيرة المحمولة في الهواء في انتشار فيروس كورونا المستجد.
وجاء في الورقة البحثية أنه من المستحيل أن يطلق شخص ما قطرات كبيرة من الرذاذ (أكبر من 5 ميكرون) دون إطلاق قطرات صغيرة أيضاً. وبالتالي، فإن الانتقال، الذي من المفترض أنه يحدث عن طريق رذاذ قطرات كبيرة من السعال، يمكن أن يحدث في الواقع من خلال استنشاق قطرات أصغر بكثير من مسافة قريبة.
وتشرح مار، التي أحدثت اكتشافاً رائداً مفاده أن فيروس الإنفلونزا يمكن أن يطفو في الهواء في قطرات مجهرية لمدة ساعة أو أكثر، كيفية انتشار الفيروسات باستخدام لفافات السجائر كمثال إذ قالت: "الميكروسكوب الأصغر الذي نسميه الهباء الجوي يتصرف نوعاً ما مثل دخان السجائر. لذلك ستكون أكثر تركيزاً بالقرب من المدخن، الشخص الذي قد يكون مصابًا. وكلما ابتعدت أكثر، سيكون تعرضك أقل بكثير.
ويبقى السؤال هل ستحمي الأقنعة من تلك القطرات العائمة المجهرية؟
وتقوم الكمامات من طراز "N95" الأعلى تصنيفاً والكمامات الجراحية بتوفير الحماية، بينما يتدافع العلماء لدراسة فعالية الأقنعة يدوية الصنع وتعديلها.
ومن جانبها أوضحت سارة جرينشتاين، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة "Lydall"، إحدى الشركات التي وقعت مع وزارة الدفاع الأمريكية لإنتاج وسائط الترشيح لكمامات "N95" أنه "بالنسبة لأقنعة الوجه القماشية، لا توجد طبقة ترشيح داخلية تحجز الجزيئات الضارة".
وأشارت جرينشتاين إلى أنه "على الرغم من أن وضع القناع القماشي أفضل من لا شيء، إلا أنه ليس بديلاً عن كمامة N95 أو الكمامة الجراحية، المصممة بدقة وبتقنية عالية".
وقال ألين إنه حتى عندما تكون الكمامات الطبية متوفرة بكثرة، فإن أنظمة التهوية بفلاتر فعالة للغاية هي طريقة رئيسية أخرى لتصفية القطرات من الهواء.
ما تستطيع فعله
وإذا كانت لديك الموارد، فهناك أجهزة تنقية هواء شخصية متوفرة في الأسواق، ومصممة لتنقية غرفة بمساحة قياسية في المنزل، وبعضها يأتي حتى مع أجهزة ترطيب لقياس الهواء والحفاظ على الغرفة بين 40% و60%، بينما أن البعض الآخر يتضمن تقنية الأشعة فوق البنفسجية المصممة لقتل الجسيمات الشاردة.
ويشير الكثيرون إلى أن الفلاتر تعد مكلفة، ويقول ألن إنه من الخطأ التفكير في أن استراتيجيات البناء الصحي ومعدلات التهوية العالية والترشيح هي استراتيجيات باهظة الثمن، فعندما يعرف الناس كيفية انتقال الفيروس، سيتمكنون من اتخاذ قرارات أفضل.
وأشار ألن إلى أن ذلك يشمل ما تفعله في المنزل أو في الخارج، فعندما يأتي أشخاص لزيارتك، افتح النوافذ، وإذا كنت في سيارتك مع شخص آخر، إخفض نافذة السيارة قليلاً.
وأضاف ألن: "لن تنجح أي استراتيجية بمفردها. ولكن إذا قمنا بوضع هذه الاستراتيجيات فوق بعضها البعض، فيمكننا تقليل المخاطر بشكل كبير".