هل يمكن لترامب اتخاذ قرار للحصول على لقاح كورونا قبل الأوان؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم من تأكيدات المسؤولين الفيدراليين في الولايات المتحدة، إلا أن هناك مخاوف من أن المسار النموذجي لمراجعة لقاح ضد فيروس كورونا والموافقة عليه سيتم تجنبه، أو سيتأثر، بسبب الضغط السياسي.
وصرح مفوضان سابقان لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية لـ CNN أنه في حين أنهما يعتقدان أنه من غير المحتمل أن يضغط الرئيسالأمريكي دونالد ترامب على العلماء للترخيص أو الموافقة على لقاح لـ"كوفيد-19"، إلا أنه يعد احتمالاً ليس مستبعداً.
وصرح ترامب أنه يعتقد أن لقاحاً قد يكون متاحاً بحلول يوم الانتخابات في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مكرراً التصريح مرة أخرى خلال تجمع حاشد يوم الخميس.
ومثل هذه التوقعات المبكرة من الرئيس الأمريكي تصيب بعض الخبراء بالتوتر.
وقال الدكتور بيتر هوتيز، اختصاصي اللقاحات في كلية بايلور للطب: "ما يقلقني هو أنه قد تكون هناك منطقة رمادية يبدو فيها اللقاح وقائياً جزئياً ويطرح في الأسواق دون عملية مراجعة كاملة رسمية".
كيف يتم تقييم اللقاحات؟
وتجري حالياً ثلاث تجارب سريرية كبيرة تمولها الولايات المتحدة للقاحات ضد فيروس كورونا من قبل شركات الأدوية "فايزر"، و"أسترازينيكا"، و"مودرنا".
وتتضمن كل تجربة مشاركة 30 ألف بالغ متطوع، وسيحصل نصف المشاركين على جرعتين من اللقاح، بينما سيحصل النصف الآخر على جرعتين من الدواء الوهمي، وهو جرعة من محلول ملحي لا عمل له.
وستعطى الجرعتين على فترة متباعدة مدتها عدة أسابيع، وفي هذه التجارب، لا يعرف كل من العلماء أو المتطوعين من حصل على اللقاح ومن حصل على الدواء الوهمي.
ويمارس المتطوعون حياتهم الطبيعية خلال التجربة، بينما يقوم الباحثون بتفقدهم بانتظام وتسجيل الحالات المصابة منهم بـ"كوفيد-19".
ويتعين على الباحثين إرسال بياناتهم إلى مجموعة تعرف باسم مجلس مراقبة البيانات والسلامة، وهي مجموعة مستقلة من الخبراء أنشأتها المعاهد الوطنية للصحة.
وأعضاء هذا المجلس هم الأشخاص الوحيدون المسموح لهم بإلقاء نظرة على بيانات المتطوعين الذين حصلوا على اللقاح والذين تلقوا العلاج الوهمي، والأعضاء يفعلون ذلك فقط في ظل ظروف محددة.
وعندما يصاب عدد معين من المشاركين في الدراسة بمرض "كوفيد-19"، يلقي المجلس نظرة على عدد المتطوعين المرضى الذين تلقوا اللقاح وعدد الذين تلقوا الدواء الوهمي.
وعلى سبيل المثال، بالنسبة إلى لقاح "مودرنا"، فإن تلك النظرة الأولى، التي تسمى التحليل المؤقت، تحدث عندما يصاب 53 شخصاً في الدراسة بفيروس كورونا، وفقاً لما قاله لراي جوردان، المتحدث باسم الشركة.
ويتحقق أعضاء المجلس لمعرفة ما إذا كان عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح قد أصيبوا بفيروس "كوفيد-19".
وإذا كان الأمر كذلك، فقد يوصي المجلس بإيقاف التجربة لأنها أثبتت فعالية اللقاح. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المحتمل أن تستمر التجربة.
وبالنسبة إلى لقاح "مودرنا"، هناك تحليل مؤقت ثانٍ بعد إصابة 106 من المتطوعين بـ"كوفيد-19"، ثم تحليل آخر عندما يصاب 153 متطوعاً بالمرض.
وإذا وجد المجلس أن اللقاح يبدو أنه يحمي ضد فيروس كورونا، فستتم مراجعة البيانات من قبل لجنة استشارية تابعة لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
وتضم هذه اللجنة، المعروفة رسمياً باسم اللجنة الاستشارية للقاحات والمنتجات البيولوجية ذات الصلة، 17 عضواً ، معظمهم من المتخصصين في الأمراض المعدية في الجامعات ومراكز الأبحاث.
وتذهب توصية اللجنة الاستشارية إلى مركز إدارة الغذاء والدواء لتقييم أبحاث المواد البيولوجية، والذي يتفق عادةً مع نتائج اللجنة. ثم يرسل رئيس هذا المركز، الدكتور بيتر ماركس، توصيته إلى الدكتور ستيفن هان ، مفوض إدارة الغذاء والدواء. ومن هنا تبدأ المخاوف.
مخاوف من الضغط السياسي
ويشعر الخبراء بالقلق من أن هان، تحت ضغط من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، أو بضغط من جائحة فيروس كورونا القاتلة، يمكنه أن يأذن أو يوافق على لقاح، بغض النظر عن توصيات أي من الخبراء الذين فحصوا البيانات.
وعند سؤاله عما إذا كان سيفكر في الاستقالة في حال تمت ممارسة الضغط عليه لإتاحة لقاح "كوفيد-19" قبل الأوان، أجاب هان: "أعتقد أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.. آمل أن لا نوضع في هذا الموقف".
وحتى إذا اتخذ هان القرار الصحيح بناءً على الأبحاث العلمية، فقد يتم نقض قراره. وعلى الرغم من أن ذلك يعد حالة نادرة، إلا أن ذلك الأمر حدث سابقاً.
وفي عام 2011، ألغت كاثلين سيبيليوس، وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية أثناء إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، توصية إدارة الغذاء والدواء بشأن توفير حبوب منع الحمل للفتيات دون سن الـ 17 عاماً.
وأوضحت مفوضة إدارة الغذاء والدواء في ذلك الوقت، الدكتورة مارجريت هامبورغ، لـ CNN، يوم الجمعة، أن هذا النوع من المناورات السياسية يمكن أن يحدث في أي وقت.
وأشارت هامبورغ إلى هناك اعتقاد بأن إدارة الغذاء والدواء هي وكالة تنظيمية مستقلة، إلا أنها ليست كذلك على الإطلاق، فهي جزء من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وهي إدارة تابعة لمجلس الوزراء، الوزير مسؤول أمام البيت الأبيض.
وأوضح البيت الأبيض أن ترامب يريد لقاحاً بحلول يوم الانتخابات.
وقال مفوض سابق آخر في إدارة الغذاء والدواء، الدكتور روبرت كاليف، إنه كان قلقاً، حتى قبل ظهور فيروس كورونا، من أن ترامب سيمارس الضغط على إدارة الغذاء والدواء لاتخاذ القرارات بطريقته.
وأشار كاليف إلى أن الضغط قد يكون أكبر أثناء الجائحة، لأن الولايات المتحدة تريد العودة إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن.
ورغم من ذلك، يعتقد كاليف أنه سيكون "سيناريو غير مرجح للغاية" بأن يتعارض ترامب مع نصيحة مستشاريه من العلماء. وحتى إن حدث ذلك، يعتقد كاليف أن الأطباء سيتدخلون وينصحون مرضاهم بعدم الحصول على لقاح لم يثبت أنه آمن وفعال.
وأكد كاليف أن "المجتمع الطبي لن يقبل بذلك"، مضيفاً أنه لن يحصل معظم الأشخاص على لقاح إذا أخبرهم الطبيب بعدم الحصول عليه ذلك.