هل تحولت أزمة كورونا في الولايات المتحدة إلى كارثة إنسانية؟ سانجاي غوبتا يوضح
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يشرح الدكتور سانجاي غوبتا، كبير مراسلي CNN الطبيين، أنه يعتبر أزمة تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة من بين أسوأ الكوارث الإنسانية التي مر بها خلال العشرين عاماً من عمله كصحفي، إذ لم يعتقد أنه سيمتحن مشاعر المعاناة والخسارة تجاه بلده.
وواجهه غوبتا العديد من الأزمات والدمار في جميع أنحاء العالم بشكل مباشر على مدار العشرين عاماً الماضية.
وكان بعضها كوارث طبيعية لمرة واحدة، مثل أعقاب تسونامي عام 2004 الذي ألحق الدمار بالمجتمعات الساحلية على طول حافة المحيط الهندي، بالقرب من مركز الزلزال.
ويقول غوبتا: أثناء وجودي هناك، قمت بزيارة مخيم لإعادة التوطين في سريلانكا، حيث وجد 3000 شخص مع توفر استخدام حمام واحد فقط.
وفي عام 2010، وصل غوبتا بعد 14 ساعة فقط من وقوع زلزال في هايتي، حيث ولم يكن الجيش ومنظمات الإغاثة الكبيرة قد وصلوا بعد، لذلك شاهد غوبتا تداعيات الزلزال مباشرة في العاصمة بورت أو برنس، وأشارت التقديرات إلى مقتل 100 ألف شخص على الفور، ثم وفاة 120 ألف آخرين خلال الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك.
ويتذكر غوبتا مشاهد الأطفال الصغار وهم يركضون خلف الشاحنات التي كانت تنقل الجثث للتحقق مما إذا كان آباؤهم هناك.
ويضيف غوبتا: حتى يومنا هذا، أعتبرها واحدة من أصعب القصص التي قمت بتغطيتها على الإطلاق.
ثم مجاعة 2011 في الصومال، حيث أدى الجفاف الشديد إلى مقتل أكثر من ربع مليون شخص نصفهم من الأطفال.
ولم يعتقد غوبتا أبداً أنه سيشعر بإحساس الخسارة والمعاناة تجاه بلده أمريكا، ولكن مع تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة، أعتبره الآن من بين أسوأ الكوارث الإنسانية التي غطتها.
وبعد أن أمضى عقدين من الزمن في السفر إلى أكثر الأماكن دماراً على هذا الكوكب، يعرف غوبتا المقومات المروعة لأزمة إنسانية وهي حدث فردي أو سلسلة من الأحداث التي تطغى على الموارد الطبية مما يؤدي إلى أعداد وفيات لا يمكن تصورها، وكثير منها يمكن الوقاية منه.
وتجاوزت الولايات المتحدة حاجز الـ10 ملايين حالة إصابة بـ"كوفيد-19"، وتوفي نحو 250 ألف أمريكي حتى الآن.
وفي يوم الخميس، سجلت الولايات المتحدة رقماً قياسياً في حالات فيروس كورونا اليومية بـ 153،496 حالة إصابة جديدة، مع وجود أكثر من 67،000 شخص في المستشفى حالياً.
وبدأت المستشفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تعاني من الإرهاق مرة أخرى، مع ارتفاع عدد الحالات بالوتيرة السريعة التي شهدها شهر مارس/آذار الماضي. وتتقلص قدرة وحدات العناية المركزة في العديد من الولايات ويزيد النقص في الموظفين من الضغط.
وبحلول بداية العام المقبل، من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يدخلون المستشفى ويعانون من أزمة التنفس وفقاً لما يقوله غوبتا.
وبحلول الأول من مارس المقبل، قد يفقد 439 ألف شخص حياتهم بسبب "كوفيد-19"، وفقاً لتوقعات من معهد القياسات الصحية والتقييم في كلية الطب بجامعة واشنطن.
ويرى غوبتا أن هذا لا يعد سوى جزء من الكارثة الإنسانية لـ "كوفيد-19" في الولايات المتحدة، إذ أن الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها المجتمع، من فقدان الوظائف، وتدهور الصحة العقلية، والخسائر التعليمية بين أطفال المدارس لم يتم وضعها في الحسبان ومعالجتها بعد.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة، تُعرَّف الكارثة الإنسانية بأنها "اضطراب خطير في أداء المجتمع وتترتب عليه خسائر وآثار بشرية، أو مادية، أو اقتصادية، أو بيئية واسعة النطاق، تتجاوز قدرة المجتمع المتضرر على التكيف باستخدام موارده الخاصة".
وتتناسب أوضاع جائحة كورونا وتأثيرها على الولايات المتحدة حتى الآن مع هذا التعريف.
دخول فصل الشتاء
مع دخول فصل الشتاء، وسط خروج الفيروس عن السيطرة وتجمع المزيد من الناس في الداخل، خاصة خلال العطلات، يتوقع غوبتا وقوع المزيد من الإصابات والوفيات بسبب انتشار عدوى فيروس كورونا.
وتتنبأ النماذج بأنه إذا لم يتغير سلوك الأمريكيين بحلول نهاية العام الجاري، فسيصاب أكثر من 300 ألف شخص بالعدوى كل يوم. وقد يصل إجمالي عدد الحالات التي تحتاج الدخول إلى المستشفى لـ 128،000 أي ضعف العدد الحالي الآن، بحلول منتصف يناير/كانون الثاني المقبل.
وقال مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، في وقت سابق من هذا الأسبوع "ما يجب على أمريكا أن تفهمه هو أننا على وشك دخول جحيم كوفيد.".
وأوضح أوسترهولم، وهو عضو في المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن المعني بمكافحة "كوفيد-19"، لـ CNN، أن أعداد الإصابات ترتفع بشكل أسرع كل يوم، سواء بالنسبة للحالات اليومية أو في المستشفيات والوفيات، مضيفاً "لا أعتقد أن لدينا فكرة حتى الآن عن المكان الذي سيصل إليه هذا الأمر. لذا، تخيل مدى سوء الأمر الآن، فقط توقع ما سيكون عليه الأمر خلال الأسابيع والأشهر المقبلة".
ويعد الافتقار إلى القيادة والاستراتيجية الوطنية الشاملة بشأن الجائحة أحد الأسباب.
وعلى مدار أشهر، ادعى الرئيس الأمريكي ترامب أن البلاد تتحسن في أدائها خلال مواجهة الفيروس حتى عندما كان أعضاء إدارته، مثل الدكتور أنتوني فاوتشي والدكتور ديبورا بيركس، والدكتور روبرت ريدفيلد ينقلون رسالة مختلفة.
وخلال الفترة التي سبقت الانتخابات الأمريكية، عقد ترامب تجمعات كبيرة في بعض الولايات الأكثر تضرراً، حيث تجمع أنصاره بدون اتخاذ الإجراءات الاحترازية أي ارتداء الأقنعة.
وبصرف النظر عن كيفية وصول الولايات المتحدة إلى هذه النقطة، يرى غوبتا أن المأساة والكارثة الإنسانية الحقيقية هي أن الكثير من هذا كان متوقعاً ويمكن الوقاية منه.
وقد وفر خبراء الصحة العامة النصائح والإرشادات للحد من انتشار العدوى، مثل المحافظة على مسافة التباعد الجسدي، وارتداء قناع الوجه، وغسل اليدين بشكل متكرر، بحسب ما قاله غوبتا.
وبالنسبة إلى غوبتا، قامت دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية ونيوزيلندا، بعمل أفضل بكثير في السيطرة على الفيروس.
ويرى غوبتا أنه بالنسبة للولايات المتحدة، لم يفت الأوان بعد، مشيراً إلى أهمية اتباع نصائح الخبراء الموجودين للمساعدة.
ويضيف غوبتا أنه حتى في مواجهة هذه الأعداد المتزايدة من حالات الإصابة بالفيروس في أمريكا، لا زال بإمكان الشعب الأمريكي المساعدة في إنهاء هذه الكارثة.