أعلى قمة غير متسلقة في العالم.. ما قصة جبل "موتشو تشيش" في باكستان؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إنه ليس أعلى جبل في العالم، فماذا يجعل من قمة جبل "موتشو تشيش" في باكستان أحدث وجهة على قائمة أعتى قمم الجبال للمتسلقين؟
وجبل "موتشو تشيش" هو عبارة عن كتلة من الصخور المحاطة بالأنهار الجليدية والجليد، يبلغ ارتفاعها 7،453 متراً في واد بعيد من سلسلة جبال كاراكورام شمال باكستان.
ومن بين أعداد الجبال التي لا تعد ولا تحصى، والتي لم تطأها بعد أقدام بشرية ولم تخلد قممها بمقطع فيديو مثير على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب"، فإن قمة جبل "موتشو تشيش" بمقوماته البرية والمجنونة، يعد أعلى تلة غير متسلقة على الأرض.
وكانت قمة إيفرست من بين هذه الجبال حتى عام 1953، عندما نجحت مهمة الوصول إلى أعلى نقطة في الهيمالايا والتي تعد أعلى نقطة على الأرض.
وبعد عام واحد فقط، أي عام 1954، تم اجتياز ثاني أعلى قمة في العالم وهي قمة "كاي 2"، ثم اجتياز أعلى ثالث قمة في العالم، وهي قمة جبل "كانغشينجونغا"، في عام 1955، والقائمة تتابع.
والآن حان دور قمة جبل "موتشو تشيش"، الذي يحتل على الأرجح المرتبة 61 على قائمة أعتى الجبال. وهنا تبدأ تصنيفات ارتفاع الجبل في التلاشي، ولكن الطموح البشري الطبيعي لتحقيق الصعود الكبير الأول القادم يظل واضحاً كما كان دائماً.
ويعتقد جيسون مارتن، المدير التنفيذي لمعهد جبال الألب الأمريكي، أن العنصر الأكثر إثارة للاهتمام عندما يتعلق الأمر بالصعود لأول مرة على قمم الجبال العملاقة البعيدة مثل جبل "موتشو تشيش"، هو الوصول إلى هذه البقعة من العالم الآخر حيث لم تطأه أقدام أي شخص آخر.
أما العنصر الآخر، بالطبع، يتمثل في التحدي الإضافي، إذ لا توجد معلومات تقريباً حول كيفية القيام بذلك، وفقاً لما قاله مارتن.
أعلى جبل غير متسلق في العالم
وتختبئ سلسلة من التلال الضخمة التي يبلغ ارتفاعها 7،000 متر في كاراكورام الغربية على جدار باتورا، والتي تلوح في الأفق فوق أحد أكبر الأنهار الجليدية غير القطبية في العالم.
وعلى مدى العقود الماضية، أحبط جبل "موتشو تشيش" جميع محاولات الرحلات الاستكشافية المتفرقة للوصول إلى ذروته بعيدة المنال.
واحتفظت القمة التي بالكاد تمت زيارتها بالجدل حولها كأعلى جبل غير متسلق لعدة سنوات حتى الآن، إذ لا تزال قمة جبل آسيوي آخر، يبلغ ارتفاعها 7570 متراً، أي جبل "جانجخار بوينسوم" يعد فعلياً أعلى جبل غير متسلق على الأرض في الوقت الحالي، ولكن موقعه في مملكة بوتان، حيث تم حظر تسلق الجبال منذ عام 2003، يعني أن هذه القمة المحظورة تم سحبها من القائمة.
وهناك نقطة قابلة للنقاش مفادها أن جبل "موتشو تشيش"، من الناحية الفنية يعد قمة ثانوية. وبحسب مجلة "ناشيونال جيوغرافيك"، يعرّف معظم الجيولوجيين الجبل بأنه تكوين أرضي مستقل يتجاوز 300 متر فوق المنطقة المحيطة به.
ويقول متسلق جبال الألب فيل دي بيجر، الذي كان جزءاً من رحلة استكشافية من المملكة المتحدة مكونة من ثلاثة أشخاص إلى جبل "موتشو تشيش" في أغسطس/آب عام 2014، إنه "لا يزال هناك الكثير من القمم غير المتسلقة هناك أكثر"، مؤكداً أن موتشو تشيش، بحسب التعريفات، يعد بالفعل أعلى قمة غير متسلقة متبقية في العالم.
وغالباً ما يتم سؤال دي بيجر عن جبل "موتشو تشيش" من قبل المتسلقين الذين يرغبون في تحقيق إنجاز "الصعود الأول" لأعلى قمة غير متسلقة ومسموح بتسلقها. ولكن بالنسبة إلى دي بيجر، فإن اكتشاف المجهول يعد أكثر إثارة للاهتمام من المفاخرة بإنجاز الصعود إلى القمة.
ويشرح دي بيجر لـ CNN أن القمة غير المتسلقة في كاراكورام لم يتم تحديدها على الخريطة من قبل مثل قمم المشهورة في جبال الهيمالايا، إذ لا تزال في الأساس استكشافية للغاية. وهذا ما دفع فريقه للذهاب إلى تلك المنطقة بشكل عام.
وخلال الحملة الاستكشافية عام 2014، توقف المتسلقون الثلاثة أدراجهم عند وصولهم لارتفاع 6000 متر، أي أسفل القمة بكثير، عندما اعترضت حافة ثلجية طويلة شديدة الانحدار طريقهم بشكل غير متوقع وتحولت إلى طبقة جليدية صلبة.
ويروي دي بيجر "وفقاً لما سمعناه من الرحلات الاستكشافية السابقة، التي صعدت التلال ذاتها خلال السنوات الماضية، كنا نأمل في القيام بخطوات أساسية".مضيفاً أنه بحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى هناك، لم يكن الفريق مستعداً لبلوغ ذلك الارتفاع ولهذه المدة دون التمكن من إقامة معسكر.
وكانت الطبقة الجليدية المائلة، والتي من المحتمل أن تكون ناجمة عن تغير المناخ على مر السنين، تنذر بظروف قاسية وغير متوقعة على القمة منذ البداية.
وبعد رحلة مثيرة إلى الجبل المنعزل على طول طريق كاراكورام السريع المنحدر، ورحلة تستغرق عدة أيام من وادي هونزا تضم قطعان الياك الصاخبة، ومتاهة جليدية مليئة بالشقوق الصخرية في طريقهم إلى معسكر، كان متسلقو الجبال الثلاثة قد حددوا موعد تسلقهم وفقاً لظروف أكثر جفافاً.
وبدلاً من ذلك، تفاجأ الفريق بهبوب عاصفة ثلجية شديدة.
وعلى الرغم من سوء الأحوال الجوية والمزيد من الحظ السيئ على المنحدرات العلوية، كانت الرحلة الاستكشافية القصيرة بمثابة قصة نجاح للفريق.
ويقول متسلق الجبال تيم أوتس، أحد أعضاء فريق الاستكشاف إن "أهم ما في الأمر كان مجرد الوجود هناك في تلك البيئة. كانت الرحلة الفعلية والمحاولة هي الهدف. إذا كنا قد وصلنا فعلاً إلى القمة لكانت هذه المكافأة."