لماذا يُصاب المزيد من الشباب بمرض فيروس كورونا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- خلال المرحلة الأولى من صراع البرازيل مع فيروس كورونا، شكلت فئة كبار السن غالبية أولئك الذين أصيبوا بالمرض والوفاة الناجمة عن "كوفيد-19".
ولكن منذ العام الجديد، دخلت البرازيل في أسوأ أيامها لهذا الوباء حتى الآن.
وقد حطمت أعداد الحالات والوفاة اليومية السجلات السابقة.
ووسط هذه الزيادة، ظهر نمط مقلق، إذ يبدو أن المزيد من الشباب يصابون بمرض شديد ويتعرضون للوفاة الناجمة "كوفيد-19"، وفقاً لما يقوله الأطباء لـ CNN.
ويبقى السؤال عن السبب، هل هناك سلالة متحورة جديدة من الفيروس تصيب الشباب مما يزيد من شدة مرضهم؟ هل يتصرف الشباب بطرق تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى؟ أم هل يمكن أن يكون الأمر مزيجاً من الاثنين؟
أطباء وحدة العناية المركزة: نستمر في استقبال المرضى الأصغر في السن
وفي جميع أنحاء البلاد، يواصل أطباء العناية المركزة قول الشيء ذاته، أي خلال هذه الموجة الأخيرة، أصبح المرضى أصغر سناً يدخلون المستشفى أكثر من أي وقت مضى.
وقال الدكتور بيدرو آرتشر، طبيب العناية المركزة البالغ من العمر 33 عاماً في مستشفى عام في مدينة ريو دي جانيرو، إنهم يستقبلون مرضى من الأصحاء تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً، مضيفاً: "هذا هو الفارق الكبير في هذه الموجة الأخيرة".
وتحدثت CNN إلى نحو عشرة من أطباء وممرضات وحدات العناية المركزة منذ منتصف يناير/ كانون الثاني، عبر مستشفيات متعددة في عدة ولايات برازيلية.
وأجمع جميعهم على أن أسرة العناية المركزة الخاصة بهم مليئة بالشباب أكثر من أي وقت مضى.
وقال طبيب وحدة العناية المركزة لوان ماتوس دي مينيزيس، متحدثاً إلى CNN بالقرب من مستشفى عام في مدينة ماناوس الأمازونية إن "أعداد الإصابات الخطيرة أعلى بكثير مما كانت عليه خلال الموجة الأولى".
وتنشر وزارة الصحة البرازيلية إحصاءات وطنية عن أعمار ضحايا "كوفيد -19".
ووجد تحليل لوكالة "فرانس برس" عن بيانات الوزارة أن عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و59 عاماً يمثل حوالي نسبة 27% من وفيات "كوفيد-19" على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، أو نحو ذلك بزيادة قدرها 7% عن أرقام ما قبل ديسمبر/كانون الأول العام الماضي.
ووجدت وكالة "فرانس برس" أيضاً أن نسبة الوفيات لمن هم في سن 60 عاماً أو أكثر انخفضت بنسبة 7% خلال الفترة الزمنية ذاتها. ولم تتحقق CNN بشكل مستقل من التحليل.
وقال مسؤولو الصحة في ولاية ساو باولو، وهي الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البرازيل، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الشهادات القصصية من الأطباء في جميع أنحاء البلاد حول خطورة الحالات لدى الشباب مدعومة ببياناتهم.
وقال المسؤولون إن نسبة 60% من المرضى الأصغر سناً المصابين بـ"كوفيد-19" يحتاجون إلى أسرة داخل العناية المركزة، وهو رقم أعلى من السابق خلال الوباء.
وبالنسبة للأطباء، تعتبر مشاهدة المرضى الصغار في السن يموتون أمراً وحشياً بشكل خاص.
وقالت الدكتورة ماريا دولوريس دا سيلفا، البالغة من العمر 42 عاماً، في طب العناية المركزة في ساو باولو إن وفاة شخص في الثلاثينيات من العمر مؤلم للغاية، مضيفةً أن "لديهم حياة طويلة ويسلبها كوفيد-19 منهم".
على من يقع اللوم؟
وتزامنت الزيادة في كل من المرض والوفاة بين الشباب مع ظهور على الأقل سلالة متحورة واحدة من فيروس كورونا في البرازيل.
ومن المتفق عليه على نطاق واسع أن ما يُسمى بالفيروس المتحور "P.1"، والذي يقول العلماء إنه نشأ في البرازيل، يُعد أكثر قابلية للانتقال، بمعدل 2.2 مرة وفقاً لدراسة حديثة.
ووفقاً لدراسة أجريت بتاريخ 4 مارس/ آذار الجاري على 8 ولايات برازيلية أجراها معهد البحوث الصحية الوطني "فيوكروز"، فإن أكثر من نصف جميع حالات "كوفيد-19" في ست ولايات كانت "مرتبطة بتحورات مثيرة للقلق"، بما في ذلك "P.1"، بالإضافة إلى السلالات التي اكتشفت لأول مرة في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا.
ويعتقد العديد من الأطباء أن الفيروس المتحور "P.1"، الذي ظهر لأول مرة في نهاية العام الماضي، له علاقة بالتحول في التركيبة السكانية بين المرضى.
ولكن من السابق لأوانه معرفة الدور الذي يلعبه هذا الفيروس المتحور بالتحديد.
وقال جيسم أوريلانا، عالم الأوبئة البرازيلي: "من المحتمل أن تكون هذه التحورات الجديدة أكثر فتكاً، ولكن ليس لدينا بيانات علمية تؤكد ذلك".
وأشار أوريلانا إلى أن ما نعرفه هو أن الفيروس المتحور "P.1" أكثر قابلية للانتقال، وهذا يلعب دوراً كبيراً خلال هذه الموجة الثانية".
وأوضح الخبراء أيضاً أن زيادة الحفلات بالعام الجديد وعطلات احتفال "الكرنفال" في الجزء الأول من العام، قد ترتبط بذلك، وقد يكون الأشخاص الأصغر سناً الذين يشاركون في الحفلات أكثر تعرضاً للعدوى مؤخراً.
ورغم من أن برنامج طرح اللقاحات في البرازيل يعاني من تحديات، إلا أنه يمضي قدماً ببطء مع اعتبار كبار السن كأولوية. ويقول الخبراء إنه كلما حصل كبار السن على التطعيم، كلما كان عدد الحالات والوفيات أكثر انحرافاً تجاه فئة الشباب.