كيف تتحدث مع الأطفال بين 5 و 11 عامًا حول الحصول على لقاح فيروس كورونا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لطالما انتظر الكثير من الأهل إعلان "فايزر/بيو إن تك" الخميس عن طلبها من إدارة الأغذية والدواء الأمريكية السماح بالاستخدام الطارئ للقاحها ضد فيروس كورونا، لفئة الأطفال بين 5 و11 عامًا.
وتحتاج البيانات المقدّمة إلى أسابيع للمراجعة وفقًا لبروتوكولات "إدارة الغذاء والدواء"، حتى تأخذ فيما بعد الضوء الأخضر للاستخدام على الأطفال من قبل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
ويُثير موضوع كيفية إعداد الأطفال لتلقي جرعة لقاح "كوفيد-19" قلق الأهل. فماذا يخبرونهم عن هذه التجربة؟
وتواصلت CNN مع طبيب الأطفال وخبير تنمية الطفل الدكتور ديفيد هيل لطرح الأسئلة عليه التي يريد الآباء - والأطفال - الإجابة عليها. وهيل هو الرئيس السابق للأكاديمية الأمريكية لمجلس طب الأطفال للاتصالات والإعلام، وهو حاليًا مضيف مشارك في البودكاست الرائد "Pediatrics on Call"، الذي تبثّه "الجمعية الأمريكية لطب الأطفال".
CNN: هل تعتقد أنّ الأطفال ما بين 5 و11 سنة سيشعرون بالقلق بسبب تلقي لقاح "كوفيد-19"؟
دكتور هيل: بقدر ما يتعلق الأمر بالأطفال، هذا مجرد لقاح آخر، حقنة أخرى. كيف سيكون رد فعلهم إلى حد كبير - إن لم يكن بالكامل - يعتمد على كيفية تأطير البالغين في حياتهم للتجربة. إذا كنا نعبر عن قلقنا أو شكوكنا أو قلقنا، فسوف يشعرون بذلك تمامًا. إذا كنا نعبر عن الثقة والراحة، فسوف يشعرون بذلك أيضًا. والأطفال دائمًا ما يستمعون، حتى عندما نعتقد أنهم ليسوا كذلك.
يريد الأطفال دائمًا أن يعرفوا: "هل سأكون بخير"؟ كأهل، نحتاج إلى أن نكون قادرين على إعطائهم إجابات صادقة ومطمئنة. ولم يتم بعد التدقيق في البيانات المتعلقة بالجرعة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 11 عامًا، ولكن بناءً على تجربتنا مع اللقاحات الأخرى، نأمل أن نكون قادرين على القول: "أجل إنه لقاح آمن، وسيحميك من المرض".
CNN: كطبيب أطفال، ما هو الخوف الأكبر الذي يواجهه الأطفال عند تلقي أي نوع من اللقاحات برأيك؟
دكتور هيل: وفقًا لخبرتي، فإن أكثر ما يثير قلقهم هو: "لا أريد أن أتألّم من وخزة الإبرة. هل ستؤلمني كثيرًا؟". بدايًة أنا لا أكذب على طفل. لا أقول لهم إنها لن تشعرهم بالوجع بالمطلق، أو أنهم لن يشعروا بها، لأنّ ذلك غير صحيح.
عليك أن تقول لهم: "هل تعلمون أنها ستؤلمكم قليلًا لكنها أقل ألمّا من أمور أخرى تتعرضون لها يوميًّا، كأن تقعوا أرضًا أثناء الجري، أو تُصيبون إصبع رجلكم"، ثمّ تمنح الطفل إحساسًا بالسيطرة على الموضوع، وبالشعور بالقوة، وبأنهم يُقدمون على أمر مهم. اسأله: "تريد أن تلعب كرة القاعدة (baseball) وأن تستخدم يدك اليمنى، صحيح؟ ربما عندها يُستحسن أن أعطيك الحقنة في يدك اليسرى".
كما أخبرهم عن أمور يفعلونها تخفّف من شعورهم بالوجع، مثل: "هل تعلمون أنكم إذا أخذتم نفسًا عميقًا ثم أخرجتموه ببطء، ستشعرون بألم أقل؟ وكذلك الأمر إذا غنّيتم أو أمسكت بيدكم"، وغيرها من الأمور التي تشتّت التركيز أو تدعو إلى التفكير بأمور جميلة تساعد وتحدث فرقًا بالتجربة.
CNN: يريد الأطفال معرفة ما إذا كان في إمكانهم اللعب مع أصدقائهم، أو زيارة جدهم وجدتهم في عطلة الأعياد المقبلة، والتقاط الصور مع بابا نويل. هل ذلك ممكن للأطفال الذين تلقوا اللقاح؟
دكتو هيل: ترتبط الإجابة عن هذا السؤال في المجمل، بواقع الاستجابة المجتمعية. وعندما تنخفض معدلات الإصابة بالعدوى، تغدو الكثير من الأمور آمنة جدًا. ويتعلّق الأمر أيضًا بمدى فعالية هذا اللقاح على الأطفال، وبعدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح، وإذا كانوا يأخذون احتياطاتهم، ويستخدمون كمامات الوجه، ما يؤدي إلى تدني هذه الأرقام، ويخفّف بالتالي من الخطر العام حتى يصير ضمن المعدلات المقبولة.
وآمل طبعًا أن تزيد فعالية هذه اللقاحات مع الوقت لدى الأعمار الصغيرة، للوصول إلى وقف تطبيق التدابير الوقائية. لكن هذا الأمر يتعلّق بمسؤولية كل شخص، وتراجع الفيروس إلى نقطة لا يشكل فيها خطرًا كبيرًا.
CNN: هل سيتوقف الأطفال عن وضع الكمامات في أماكن اللعب إذا تلقوا اللقاح؟ ماذا عن المدارس؟
دكتور هيل: لا أعتقد أنّ في وسعنا التخلّي عن الكمامات حتى تتمّ السيطرة على نحو كبير على الفيروس. وحاليًا، نشهد حالات إصابة بمتحور "دلتا" بين الأشخاص الذي تلقوا اللقاح. واللقاح فعال جدًا لجهة أنّه يحمي الأشخاص من الدخول إلى المستشفى، ومن خطر الموت جراء الإصابة بـ"كوفيد-19"، لكن هذا الواقع لا يلغي إمكانية الإصابة بالفيروس بعد تلقي اللقاح.
وحتى لو تلقى الفرد لقاحه بالكامل يتوجّب عليه وضع كمامة الوجه خارج المنزل أو في مكان مغلق صغير. وكان ذلك متاحًا لوقت قصير قبل ظهور متحور "دلتا"، إذ كانت معدلات الإصابة بفيروس كورونا متدنية جدًا، وبدت الحماية التي يوفرها اللقاح مرتفعة على نحو كاف لدرجة.
لكنّ متحور "دلتا" غيرّ كل المعايير، وأعادنا إلى الخلف، مع تجدّد انتشاره خلال الموجة الثالثة. ولذا علينا التخفيف من حدّته من خلال إعادة وضع الكمامات. لكن، أكرّر، إنّ ذلك يتعلق بمعدلات الإصابة المحقّقة. وحين تصل إلى مستويات متدنيّة كثيرًا وكافية، في إمكاننا الأمل بأننا سنتخلص من استخدام الكمامات، ونجتمع مجدًدا في أماكن صغيرة.
CNN: طالما أنّ غالبية الناس تلقوا اللقاح، لِمَ على الأهل السعي إلى إعطاء أطفالهم (5 و11 عامًا) لقاح "كوفيد 19"؟
دكتور هيل: في العام 2021، نحن لا نواجه الفيروس عينه الذي عرفناه عام 2020. وبعض الاعتقادات التي قمنا بتكوينها حول أخطار "كوفيد-19" على الأطفال بين سنة و18 شهرًا، لا يمكن تطبيقها اليوم.
وتبيّن في بداية الجائحة، أنّ الأطفال كانوا أقل عرضةً للإصابة بفيروس كورونا من البالغين. لكنّنا ندرك اليوم أنّ في إمكان الأطفال أن يُصابوا بالمرض الشديد في حال تعرضوا للفيروس. وأكثر ما يقلقنا هم الأطفال الذين يعانون من حالات استثنائية مثل، البدانة المفرطة، الشائعة بين الأطفال في الولايات المتحدة، وأمراض الرئة، والربو، وأمراض القلب، وطبعًا من لديهم ضعف في المناعة، وهي كلها عوامل جدية تؤدي إلى حالات خطرة في حال الإصابة بـ"كوفيد".
ولحسن الحظ، فإن عدد الأطفال الذين فارقوا الحياة جراء الإصابة بـ"كوفيد 19" متدنٍّ جدًا بالمقارنة مع اعداد البالغين، لكن عددًا لا بأس منهم دخلوا الى المستشفى، ووُضعوا في غرف العناية الفائقة.
واعتقدنا سابقًا أنّ الأطفال لا ينشرون الفيروس. لكننا نعلم اليوم أنهم يمكن أن يكونوا مصدر التفشي في العائلة، وبالتالي سيكون انتشار الفيروس سهلا جدًا.
ونعلم الآن أن الإصابة بـ"كوفيد-19" قد تتسبّب بالتهاب عضلة القلب (Myocarditis). وهذا أيضًا ما تسبّب به أحد اللقاحات المضادة لكورونا التي قُدمت للشباب، لكن الحالات المسجّلة كانت نادرة جدًا، وأقل شيوعًا من تلك المسجلة جراء التقاط "كوفيد".
وأودّ الإشارة إلى أن الإصابة بكورونا تُعرّض الأطفال للإصابة بمرض "متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال" (MIS-C) وعوارضه أشبه بمرض كاوازاكي، الذي يمكن أن يهدّد حياة الأطفال لأنه يتسبّب بأمراض القلب أو المرض الشديد والطويل. كل الأطفال الذين أصيبوا بهذه الحالة تماثلوا للشفاء، لكنها كانت عملية طويلة وصعبة جدًا.