فاهيتا باللحم وفلفل مزروع في الفضاء..هكذا استمتع رواد ناسا بوجبتهم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إنها حفلة التاكو في الفضاء التي نظمتها محطة الفضاء الدولية التابعة لناسا الجمعة، والتي تحلم بالمشاركة فيها بالتأكيد. وقد دعت المحطة رواد الفضاء فيها ليتناولوا شطائر التاكو المكسيكية، احتفالًا بقطاف المحصول الأول من الفلفل الأخضر الذي زُرع ونضج في الفضاء. وهكذا، اختبر طاقم المحطة أخيرًا مذاق الفلفل الذي استُهلّ اختبار زراعته في محطة الفضاء في تموز/يوليو الماضي.
وتُعتبر دراسة "Plant Habitat-04" بين الأكثر تعقيدًا في المختبر المداري حتى تاريخ اليوم، لأنّ الفلفل يستغرق وقتًا حتى ينضج، أطول من المدة التي احتاجتها الاختبارات السابقة التي تمحورت حول زراعة أنواعًا متعدّدة من الخس، وزهور الزينيا، والفجل.
وبعد مرور أربعة أشهر على زراعته، قطف رائد الفضاء مارك فاندي الفلفل، الجمعة. ثمّ تمّ تعقيمه قبل أن يجلس طاقم المحطة إلى مائدة ويتذوّق بعضًا من الفلفل الأحمر والأخضر، ويملؤوا استمارة تتعلّق بمذاقه وملمسه.
وكتبت رائدة الفضاء ميغان ماكآرثر بتغريدة على "تويتر" أنّها أعدّت "أفضل تاكو على الإطلاق في الفضاء: فاهيتا اللحم، بالإضافة إلى بندورة طرية، وأرضي شوكة، وفلفل الهاتش".
وستُرسل بعض حبات الفلفل إلى الأرض حتى تخضع للتحليل، بينما تستمر نباتات الفلفل الأخضر بالنمو في المحطة الفضائية. وسيقوم طاقم رواد الفضاء "SpaceX Crew-3" التي ستنطلق من مركز محطة كنيندي التابعة لناسا في فلوريدا الأمريكية هذا الشهر، بالإشراف على القطاف الثاني عند وصولهم.
وهذا المنتج النادر يعني أكثر من مجرد تنوّع بالنظام الغذائي، بل إنه مثير أيضًا لهؤلاء الرواد. ولنجاح هذه التجربة انعكاسات علمية عدّة على مستقبل غذاء رواد الفضاء والمهمات الفضائية الطويلة.
أما نسبة الحر المعتدلة في هذا الفلفل يمكن أن يكون مذاقها حارًّا أو حلوًا أكثر، وفق كمية المياه المخصصة لريّها، وكيف تنمو في بيئة منعدمة الجاذبية الأمر الذي يجهد النباتات ويؤثر عليها.
النباتات تنمو في فضاء منعدم الجاذبية
ويعيش البشر ويعلمون في محطات الفضاء الدولية منذ عشرين عامًا. وتُوضّب الوجبات التي يحتاجونها مسبقًا. لكن قد يحدث وأن يحصلوا على وجبات طازجة خلال مهمات إعادة الإمداد. ورغم ذلك، فهذه العلب الغذائية ستكون محدودة عندما تطول المهمات الفضائية، لا سيّما الرحلات المتجهة إلى القمر والمريخ. فكلما طالت مدة تخزين الأطعمة، كلما تدنت نسبة المواد الغذائية التي تحتويها مثل الفيتامين "سي" والفيتامين "كاي".
ومنذ العام 2015، نجح روّاد الفضاء في زراعة نحو عشرة أصناف مختلفة في المحطة الفضائية وكان لهم الفرصة باختبار كل منها.
ويشكّل هذا الفلفل مصدرًا مهمًا للفيتامين "سي" بالإضافة إلى مواد غذائية أخرى، كما أنه تمّ اختباره على الأرض في بيئات تحاكي ما قد تختبره النباتات في المحطة الفضائية.
وتُلقح نباتات الفلفل ذاتيًّا، لذا يسهل نموّها، وهي تُقطف وتؤكل من دون الحاجة إلى طبخها. كما أنّها تحتوي على مستويات متدنية من الجراثيم، لذا من الآمن أكلها نيئة.
واحتاج الباحثون إلى سنتين لاختيار فلفل "هاتش" لتجربتهم الفضائية. ومرّد الإسم إلى العديد من الأنواع التي تنمو في بلدة هاتش الواقعة في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، ووادي هاتش جنوبي هذه الولاية. لكنّ هذه النبتة تحديدًا هي نوع هجين طوّرته جامعة ولاية نيو مكسيكو، وهو مزيج من فلفل هاتش سانديا وفلفل اسبانيولا الذي ينمو شمال نيو مكسيكو.
غير أنه لا يمكن التعريف عن الفلفل الفضائي رسميًا بفلفل هاتش لأنه لم يُزرع وينمو وينضح في وادي هاتش.
وأُرسلت 48 نوعًا من البذور في علبة خلال مهمة إعادة إمداد إلى المحطة الفضائية في حزيران/يونيو. وقد وضعت العلبة داخل مختبرات "موطن النباتات المتطورة" (lab's Advanced Plant Habitat) التي تعادل حجم مايكروويف. ويمكن أن يتم الاشراف على الموطن ومراقبته من قبل مركز محطة كينيدي في فلوريدا، وقد يشمل ذلك ريّها، والتحكم بالإضاءة وإدارة المراوح حتى ينتقل اللقاح.
التتبيل يشمل مأكولات الفضاء أيضًا
وإحدى تداعيات الحياة في صفر جاذبية هي خسارة رواد الفضاء لبعض حواسهم مثل التذوق والشم، لذا من الأفضل أن يتناولوا طعامًا حارًا، أو طعامًا أضيفت إليه الأعشاب والبهارات الموسمية.
وإضافة بعض الخضار الطازجة أو الفلفل إلى لائحة الطعام يسمح لرواد الفضاء بزيادة جودة وجبتهم الغذائية. لكن زراعة هذه النباتات والإشراف على نموها له فوائد أخرى. فقد عبّر رواد الفضاء عن السعادة التي تغمرهم عندما يشاهدون ويتنشقون رائحة أوراق النبات الأخضر في الفضاء لأنها تذكرهم بالأرض. كما أنهم يساعدون في تلقيح بعض النباتات.
وقال مات رومين، الباحث الأول في هذا الاختبار، في بيان، إنّ "نمو خضار ملوّنة في الفضاء، له فوائد إيجابية على الصحة الجسدية والنفسية، في المدى البعيد"، مضيفًا: "نكتشف أنّ نموّ النباتات والخضار الملونة والروائح تساهم في تحسين صحة رواد الفضاء".
وقالت لاشيل سبنسر، المشرفة على فريق المشروع العلمي في بيان إن "الجمع بين الجاذبية القليلة جدًا، ونوعية الضوء والحرارة، بالإضافة إلى نسبة رطوبة الجذور، كلها عوامل تؤثر على المذاق، لذا من المثير للاهتمام اكتشاف كيفية نمو الخضار ونضجها".