دراسة: لقاحات الإنفلونزا لا تكافح سلالة الفيروس المسيطر حاليًّا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- طرأ تغيير على أحد فيروسات الإنفلونزا السائد حاليًا، بحيث أنّ اللقاحات الحالية لا يمكنها مقاومته على نحو جيّد، ما يؤشّر إلى أنّها لن تمنع الإصابة، وفق ما نشر باحثون، الخميس. لكنّ هذه اللقاحات ما زالت تحمي من الإصابة بالمرض الشديد.
وقال سكوت هانسلي، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة بنسيلفانيا الأمريكية، والمشرف على الدراسة، لـCNN إنّه "تبيّن لنا من الدارسات التي أجريناها في مختبراتنا أنّ هناك عدم تطابق كبير".
وأضاف أنّ هذا خبرًا سيّئًا للقاح الانفلونزا الذي يحمي من أربع سلالات هي: H3N2، H1N1، وسلالتان من فئة الإنفلونزا B. وشملت دراسة هانسلي سلالة H3N2، لكن يحدث أن تكون السلالة المنتشرة على نحو أساسي، حاليًا.
قد يفسّر عدم تطابق اللقاح مع هذه السلالة، تفشّي عدوى الإنفلونزا في جامعة ميتشيغان الأمريكية الشهر الماضي، التي أصابت 700 شخص. وكان 26% من المصابين تلقوا اللقاح المضاد للإنفلونزا، وهي نسبة تعادل من أتت نتيجتهم سالبة. ويعتبر ذلك مؤشرًا إلى أنّ اللقاح لم يحمِ من الإصابة.
هذا ما تفعله فيروسات الإنفلونزا، وفق هانسلي. وقال: "راقبنا هذا الفيروس لأشهر عدّة". وأوضح أنّ الفيروسات تتحوّر باستمرار، أكثر من أي فيروسات أخرى، ضمنًا فيروس كورونا. وفي إمكان متحوّرات عدّة الانتشار في الوقت نفسه. لكن نسخة H3N2 تغيّرت، ما يجعلها تتهرّب من المضادات الحيوية التي ينتجها الجسم استجابة للقاحات.
وتشكّل المضادات الحيوية الخط الأول لمواجهة المخترقين، ومنهم الفيروسات. ويبدو أنّ اللقاح الحالي لا ينتج أيّ من المضادات الحيوية المناسبة لمقاومة هذه السلالة المتحوّرة من H3N2 الذي أطلق عليها اسم 2a2 وقتيًّا.
ولفت هانسلي إلى أنه لحسن الحظ هذه التغيّرات لم تؤثر على خط الدفاع الثاني الذي يقدّمه النظام المناعي، المعروف باسم T-Cells (الخلايا التائية)، فحتى لو لم يحمِ اللقاح من الإصابة بالعدوى لكنه يحمي الناس في الغالب، من الإصابة بالمرض الشديد والوفاة.
وأشار هانسلي وزملاؤه في تقرير أوّلي نشر على الإنترنت، لم ينشر بعد في مجلة علمية، إلى أنّ "الدراسات أظهرت بوضوح أنّ لقاحات الإنفلونزا الموسميّة تحمي باستمرار من الاستشفاء والوفاة، حتى في السنوات التي نشهد فيها عدم تطابق جراء تنوع كبير في مولدات الضد".
وشدّد التقرير على أنّ "التلقيح أساسي من أجل التخفيف من معدل الإستشفاء لا سيّما أنّ فيروسات SARS-CoV-2 و2a2 H3N2 تتفّشى بالتوازي في الأشهر المقبلة".
وكانت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أشارت إلى أنّ الإنفلونزا اختفت افتراضيًا العام الماضي، لكنّها عادت هذه السنة. ولفتت إلى أنّ التخوّف الأكبر هو من "ضربة مزدوجة" من تفشي الإنفلونزا وكوفيد-19.
وأفاد فريق هانسلي في التقرير أنّ "مناعة الناس تجاه فيروسات الإنفلونزا متدنية نوعًا ما، ذلك أنّها لم تنتشر على نطاق واسع خلال جائحة كوفيد-19".
ولفتوا إلى أنّ "التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات الواقية، وتراجع الرحلات الدولية ساهمت في تدنّي انتشار فيروسات الإنفلونزا عالميًا. وما أن خّفّفت الإجراءات المتصلة بكوفيد-19 أو رُفعت، يرجّح أن تتفشى فيروسات الإنفلونزا على نطاق واسع جراء ضآلة الحصانة السكانية الناجمة عن العدوى خلال السنتين الماضيتين".
تتغيّر فعالية لقاحات الإنفلونزا من سنة لأخرى. وجزء من المشكلة هو الوقت اللازم لتصنيع لقاحات الإنفلونزا. فمعظمها تتّبع التقنية القديمة التي تتطلّب استخدام بيض الدجاج الذي تتم حضانته لأسابيع. لذا يتم اختيار سلالات اللقاح قبل ستة أشهر من توزيع اللقاحات.
في هذا الوقت، في وسع الفيروس أن يتحوّر، وأن تنتشر سلالات أخرى، وهذا ما جرى على ما يبدو هذه السنة، وفق هانسلي.
تنخفض فعالية اللقاح، خلال السنوات التي لا يتطابق فيها اللقاح مع الفيروسات المنتشرة جدًا، وقد تصل أحيانًا إلى نسبة 6٪. وكانت نسبة الفعالية الإجمالية هذه، سُجلت ضد إنفلونزا H3N2 خلال موسم الإنفلونزا في عام 2014-2015، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
وقال هانسلي إن التغيرات التي طرأت على فيروس H3N2 هذا العام تذكّرنا بالطفرات التي كان اللقاح ضعيفًا للغاية في مواجهتها عام 2014-2015. وكتب الباحثون أن الأمور لا تزال قابلة للتغيير.
وأضافوا: "في حين أن حالات الإصابة بفيروسH3N2 2a2 تتزايد بسرعة في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم، يرجّح أن تسود سلالات أخرى من H3N2 مستقبلًا". وتابعوا: "كما يرجّح أيضًا أن تهيمن فيروسات H1N1 أو الإنفلونزا B في وقت لاحق من موسم 2021-2022"، لافتين إلى أنّه "لم يتّضح بعد إلى أي مدى يمكن أن تتوافق اللقاحات مع هذه السلالات.
ووفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، فإن الإنفلونزا تتسبّب بوفاة 12 إلى 52 ألف شخص سنويًا، ويرتبط ذلك بموسم الإنفلونزا، وتُدخل 70 ألف شخص إلى المستشفى.