دراسة: تناول الميلاتونين للنوم بات شائعًا.. رغم ضرره الصحي الكبير
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة أنّ هناك إقبال متزايد من قبل البالغين على تناول الميلاتونين من دون وصفة طبية حتى يتمكّنوا من النوم، وبعضهم يتلقى جرعات بكميّات عالية الخطورة.
وفي الوقت الذي يُعتبر فيه الاستخدام العام لهذه الأقراص بين البالغين في الولايات المتحدة "متدنيًا نسبيًا"، توثّق الدراسة "زيادة ملحوظة تضاعفت كثيرًا لجهة استخدام الميلاتونين في السنوات القليلة الماضية"، وفقًا لاختصاصية النوم ريبيكا روبينز، الأستاذة المحاضرة في قسم طب النوم، بكلية الطب في جامعة هارفارد، غير المشاركة في الدراسة.
وأظهرت الدراسة المنشورة في المجلة الطبية "JAMA" الثلاثاء، أنه بحلول عام 2018، كان الأمريكيون يستهلكون أكثر من ضعف كمية الميلاتونين المستخدمة قبل عشر سنوات. وأشارت روبينز إلى أنّ الخبراء يشعرون بالقلق من أثر الجائحة السلبي على النوم الذي ساهم ربما، بالاعتماد الكبير على أقراص التنويم.
ولفتت إلى أنّ "تناول العقاقير المساعدة على النوم قد ارتبط بتطوّر الخرف والوفاة المبكرة، وفق ما بيّنت دراسات مستقبلية".
كما يوجد رابط بين الميلاتونين والصداع، والدوخة، والغثيان، وتشنجات المعدة، والنعاس، والتسبب بالاضطراب أو الضياع، والانفعال، والقلق الخفيف، والاكتئاب والارتجاف، فضلاً عن انخفاض ضغط الدم بشكل غير طبيعي. كما يمكن أن يتفاعل مع الأدوية الشائعة، ويسبّب الحساسية.
لكن استخدامه المؤقت يبدو آمنًا، إن لجهة تنظيم اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، أو لعمال المناوبة، والأشخاص الذين يجدون صعوبة في النوم، ولكن ذلك ما برح مجهولًا على المدى الطويل، وفقًا للمركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية في معاهد الصحة الوطنية.
جرعة أكبر.. قوانين محدودة
وبيّنت الدارسة أنّه منذ عام 2006، تتناول فئة صغيرة، لكن متنامية من البالغين كميات من الميلاتونين تتجاوز بكثير جرعة الـ5 ميليغرامات المحدّدة يوميًا، والمستخدمة عادة كعلاج قصير المدى.
ورغم ذلك، قد تحتوي الحبوب المعروضة للبيع على كميات أكبر من الميلاتونين من تلك المذكورة على الملصق. وخلافًا للأدوية والطعام، لم تُعطِ إدارة الغذاء والدواء الترخيص الكامل للميلاتونين، وعليه ما من شروط فيدرالية تفرض على الشركات اختبار حبوب التنويم هذه للتأكد من أنها تحتوي على كمية الميلاتونين المعلن عنها.
وقالت روبينز، المشاركة في تأليف كتاب "النوم لتحقيق النجاح! كل ما يجب أن تعرفه عن النوم لكنّك تعبت من الاستفسار"، إنّ "الأبحاث السابقة وجدت أنّ محتوى الميلاتونين في مكمّلات الميلاتونين غير القانونية والمتاحة تجاريًا، تتراوح بين 83٪ إلى +478٪ من الكمية المشار إليها على الملصق".
ووجدت دراسات سابقة أيضًا أن 26٪ من مكملات الميلاتونين تحتوي على مادة السيروتونين، وهو "هرمون قد يكون أثره ضارًا حتى عند المستويات المنخفّضة نسبيًا"، وفقًا للمركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية، التابع لمعاهد الصحة الوطنية.
ويمكن أن يؤدي استهلاك الكثير من السيروتونين عبر الجمع بين الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب، وأدوية الصداع النصفي، والميلاتونين، إلى تفاعل خطير ينتج عنه أعراض مثل الارتجاف الخفيف، والإسهال، في حين أنّ رد الفعل الأكثر شدة يمكن أن يؤدي إلى تصلّب العضلات، والحرارة، والتشنّجات، وحتى الموت.
إنه هرمون وليس عشبة
ونظرًا لأنّه يُشترى من دون وصفة طبية، يقول الخبراء إنّ العديد من الناس يعتبرون الميلاتونين مكمّلًا عشبيًا أو بمثابة فيتامين. لكن في الحقيقة، الميلاتونين هرمون تصنعه الغدة الصنوبرية، الموجودة في عمق الدماغ، وتفرز في مجرى الدم لتنظيم دورات النوم في الجسم.
وأوضح روبينز لـCNN في مقابلة سابقة حول تأثير الميلاتونين على الأطفال أن "هناك رأي مفاده أنه إذا كان طبيعيًا، فلن يتسبب بالضرر"، موضحة: "نحن في الحقيقة لا نعرف أثر الميلاتونين على البالغين والأطفال، على المدى الطويل".
وثمة حقيقة أخرى مفادها أنّ الدراسات وجدت أنّ استخدام الميلاتونين قد يكون مساعدًا على النوم إذا استخدم على نحو صحيح، وتمّ تناوله قبل ساعتين من النوم، غير أن الفائدة الفعلية الناجمة عنه قليلة.
وفي هذا الإطار، أوضحت الدكتورة كورا كوليت برونر، الأستاذة بقسم طب الأطفال في مستشفى سياتل للأطفال التابعة لجامعة واشنطن، لـCNN في مارس/آذار الماضي، أنّه عندما يتناول البالغون الميلاتونين، ينامون بوقت أسرع يتراوح بين 4 و8 دقائق".
ورأت برونر: "لذا بالنسبة لشخص يستغرق ساعات حتى يغفو، ربما أفضل شيء يفعله هو إيقاف تشغيل شاشاته الصغيرة، أو ممارسة بين 20 إلى 40 دقيقة من التمارين الرياضية يوميًا، أو الامتناع عن شرب منتجات تحتوي على الكافيين".
وتابعت: "هذه جميعها أدوات فعّالة للنوم، لكن الناس يقاومون الإقدام عليها. إنهم يفضلون تناول الأقراص المنوّمة".