"هل سأستعيد طفلتي".. هكذا أثّر مرض التهاب الكبد الغامض على طفلة سليمة بسرعة صادمة بأمريكا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في اليوم الذي نُقلت فيه بيلين شواب البالغة من العمر عامين لإجراء عملية جراحية لزرع كبد جديد، كانت تعاني من الهذيان، وبشرتها برتقالية اللون.
وقالت والدتها، كيلسي شواب، لكبير المراسلين الطبيين في CNN، الدكتور سانجاي غوبتا: "لم تبدُ عيناها وكأنهما ملتصقتين برأسها بعد الآن"، وكانتا "تتحركان في جميع الاتجاهات".
وعلى ما يبدو، أصبح كبد بيلين متضررًا جدًا وبشكلٍ فجائي لدرجة أنه لم يعد قادرًا على تنظيف الأمونيا من دمها.
وتُعتبر بيلين جزءًا من تحقيقٍ وطني تجريه المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) في حالات التهاب الكبد الحاد المفاجئ، أو تورّم الكبد، الذي أصاب 109 طفل في 25 ولاية، ومنطقة.
وأفاد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها الأربعاء معاناة حوالي 340 طفلًا آخر من حالات مماثلة في جميع أنحاء العالم.
وفي الولايات المتحدة، تُوفي خمسة أطفال، بينما احتاج 15 منهم إلى عملية لزرع الكبد.
وعلى الصعيد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة، أصبحت هناك 11 حالة وفاة، بينما خضع 11 طفلاً عمليات لزرع الكبد في المملكة المتحدة.
ومثل بيلين، كان غالبية الأطفال تحت سن الخامسة من العمر، ولم يعان الكثير منهم من مشاكل صحية واضحة قبل ظهور علامات إصابة الكبد، مثل فقدان الشهية، وتحول العينين والبشرة إلى اللون الأصفر، وهي أعراض تُسمى اليرقان. بينما كان لدى البعض بول داكن وبراز رمادي غائم.
وفي غضون أسبوع، انتقلت بيلين من الركض حول مزرعة عائلتها في ولاية داكوتا الجنوبية بأمريكا إلى غرفة بوحدة العناية المركزة في مستشفى "M Health Fairview Masonic" للأطفال في مدينة مينيابوليس الأمريكية، حيث كان الأطباء يفحصون دمها أربع أو خمس مرات في اليوم لمراقبة ما إذا كان كبدها يتعافى.
وعند مشاهدتها لمعاناة بيلي، فكّرت شواب: "هذه ليست طفلتي"، كما أنها تساءلت عمّا إذا كانت ستستعيد ابنتها.
"مرض غير اعتيادي"
والكبد مسؤول عن عددٍ من الأدوار المهمة، إذ أنه يتحكم بعوامل التخثّر في الدم على سبيل المثال، ويساهم في الاستجابة المناعية للجسم، كما أنه يُصفّي الأمونيا الناتجة عن تفكيك البكتيريا في الأمعاء للبروتين.
وتتراوح مستويات الأمونيا الطبيعية في الدم بين 25 و40، بحسب ما ذكره المدير الجراحي لبرنامج زراعة الكبد في مستشفى "M Health Fairview Masonic" الأمريكي للأطفال، الدكتور سريناث تشيناكوتلا، ووصل مستواه عند بيلين إلى 109.
ووضع تشيناكوتلا، وهو جرّاح مشهور عالميًا، بيلين ضمن قائمة الانتظار لزرع الأعضاء، ويحصل الأطفال على أولوية قصوى بشكلٍ تلقائي.
وفي عام عادي، قد يُجري تشيناكوتلا هذه العملية لعشرة أطفال.
ويحتاج غالبيتهم لعملية زرع الكبد لأنهم وُلدوا وهم يعانون من أمراض المناعة الذاتية، أو عيوب خلقية، وقد يحتاج المرء إلى كبد جديد نتيجةً لفشل مفاجئ بالكبد.
وقال تشيناكوتلا: "هذا العام، قمنا بعملية زرع الكبد لطفلين مصابين بفشل في الكبد. وهذا أمر غير معتاد بالنسبة إلينا".
لغز طبّي
وثبتت إصابة أكثر من نصف الأطفال في التحقيق الذي تُجريه المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، بما في ذلك بيلين، بالفيروس الغدّي 41، وهو نوع من الفيروسات يسبب بالعادة اضطرابًا في المعدة، وأعراضًا تشبه أعراض نزلات البرد.
ولم يتم ربط الفيروس بفشل الكبد لدى الأطفال الأصحاء من قبل، والأطباء غير متأكدين من كيفية ارتباط المرض به.
وليس من الواضح ما إذا كان الفيروس يؤدي إلى إتلاف الكبد بشكلٍ مباشر، أو ما إذا كان يتسبب في إطلاق استجابة مناعية غير عادية تجعل الجسم يهاجم أنسجته.
هدية مُنقذة للحياة
وكانت بيلين على رأس قائمة زرع الأعضاء لثلاثة أيام عندما تلقت عرضًا لكبد من شخص يبلغ من العمر 16 عامًا من ولاية تكساس الأمريكية، وأتى ذلك في الوقت المناسب.
طريق طويل نحو الشفاء
وتتلقى بيلين حاليًا العلاج للمساعدة في استعادة القوّة التي فقدتها جراء إصابتها بالمرض.
وأوضح الأطباء أنها تتعافى بسرعة ملحوظة.
وعبر سرد قصتها، تأمل شواب أنها ستتمكّن من مساعدة العائلات الأخرى في تجنّب المصير ذاته.
وقالت شواب إنه "أمرٌ مرعب، ومُروّع.. ولا يمكن للعديد من العائلات التعامل مع الضغط الذي يفرضه هذا الأمر عليهم من النواحي العاطفية، والجسدية، والعقلية، والمالية".