دراسة: الأشهر الأولى من جائحة كورونا شهدت ارتفاعًا بضغط الدم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أشارت دراسة جديدة إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم في الولايات المتحدة، لاحظوا هذا الأمر خلال الأشهر الثمانية الأولى من جائحة "كوفيد-19".
وعندما يعاني شخص ما من ارتفاع ضغط الدم، تدفع قوة الدم لديه جدران الأوعية الدموية، ما يجعل قلبه يعمل بكفاءة أدنى. وهذا الأمر يستوجب أن تعمل الأوعية والقلب بجهد أكبر. ومن دون علاج، سيؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تلف الشرايين في نهاية المطاف، ما يزيد من خطر تعرض الشخص لنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
وتُعتبر أمراض القلب القاتل الأول في العالم، ويشكل ضغط الدم الخاضع للسيطرة الجيدة عامل خطر رئيسي قابل للتعديل، بحسب ما ذكره الباحثون في الدراسة الجديدة، المنشورة الثلاثاء، في مجلة ارتفاع ضغط الدم.
وقالت معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، التي ساهمت بتمويل الدراسة، إنها إحدى أكثر الدراسات شمولية عن اتجاهات ضغط الدم منذ بداية الجائحة.
وراجع الباحثون سجلات أكثر من 137 ألف بالغ يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وقارنوا مستوياتهم بين أغسطس/ آب 2018 ويناير/ كانون الثاني 2020، مع مستوياتهم بين أبريل/ نيسان 2020 ويناير/ كانون الثاني 2021. وقد حصلوا على هذه السجلات من مركز سيدراز سيناي الطبي في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، ومركز ايرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك الأمريكية، وOchsner Health في مدينة نيو أورلينز الأمريكية. أما متوسط عمر المشاركين فكان يبلغ 66 عامًا. وأكثر من نصفهم من النساء، و30٪ من ذوي البشرة السوداء اللون.
وفي الدراسة، ارتفع تسجيل قياس الضغط الانقباضي للمرضى 1.79 ملم زئبق كمعدل وسطي، وارتفع تسجيل قياس الضغط الانبساطي بمعدل 1.30 ملم زئبق.
وأفادت المعاهد الوطنية للصحة في بيان صحفي، أنه "رغم أنّ هذه الزيادات قد تبدو قليلة، إلا أن الدراسات تشير إلى أنّ زيادة ضغط الدم بمقدار 2 ملم زئبقي فقط، قد تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تصل إلى 5٪".
وقال مؤلف الدراسة الدكتور هيروشي غوتاندا، الأستاذ المساعد بقسم الطب الباطني العام في مركز سيدارز سيناي الطبي، إنّ الزيادة الإجمالية في الأرقام كانت "أقل ممّا كان متوقعًا".
ويعتقد غوتاندا أنّ التوسّع باتجاه الطبابة عن بعد، أثناء الجائحة ربما ساعد. ووجدت دراسات أخرى أن العلاج عن بعد كان بديلًا فعالًا لزيارة الطبيب شخصيًا للتحكم بارتفاع ضغط الدم.
ورغم أنّ ارتفاع ضغط الدم لا يسبب الأعراض دومًا، إلا أنه يتمّ تشجيع من يعانون منه على مراقبة ضغط الدم لديهم في المنزل، كي يبلّغوا طبيبهم بحالهم. وعليه، سيتمكن الأطباء خلال الموعد، من تغيير وصفتهم الطبية إذا كان ضغط الدم لديهم مرتفعًا على نحو مستمر.
وكشفت الدراسة، أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من الجائحة، لم يفحص الناس ضغط الدم في المنزل على جري عادتهم. وتراجع ذلك بنسبة تصل إلى 90٪ عما كان عليه الواقع قبل الجائحة. وبمرور الوقت، ارتفع عدد الفحوصات، لكن حتى انتهاء مدة الدراسة، كانت فحوصات ضغط الدم اليومية ما زالت أدنى من المستويات المسجلة قبل الجائحة.
وبالنسبة للقيود، شملت الدراسة من كان في بإمكانهم الوصول إلى الرعاية الصحية. أما من لا يتمتعون برعاية صحية أو تأمين، فقد تكون نتيجتهم مختلفة.
ورأى غوتاندا أنّ "أثر الجائحة على ضغط الدم قد يكون أكبر بكثير".
وأضاف أنّ الدراسة لا تحدّد سبب ارتفاع مستويات ضغط الدم، ويصعب تحديد ذلك على نحو منفرد. لكنها قد تنطوي على تغييرات مرتبطة بالجائحة، وممارسة الروتين اليومي.
وقدم الدكتور إدواردو سانشيز، كبير المسؤولين الطبيين للوقاية في جمعية القلب الأمريكية، بعض الأسباب الأخرى، إذ أوضح أن "زيارات الرعاية السريرية تراجعت بشكل كبير في الأشهر الأولى من الجائحة، إن لجهة تأخر طلب الرعاية من قبل المرضى، وتراجع حضور بعض مقدمي الرعاية السريرية. وكان سلوك المريض مدفوعًا بتفسيره لرسائل الوقاية من كوفيد والخوف منه. وفي مرحلة أبكر، ربما يكون فقدان الوظيفة قد ساهم بتقليل الرعاية وعدم تعبئة الوصفات الطبية. وكانت الزيارات تتزايد والتحكم بضغط الدم آخذ بالازدياد".
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن الناس حصلوا على قدر أقل من النوم، ونوم غير صحي خلال الجائحة. كما أنه بالتزامن مع إغلاق الصالات الرياضية والبقاء في المنزل لوقت أطول، تراجعت ممارسة الرياضة، واتُّبع نظام غذائي غير صحيً، وتم استهلاك المزيد من الكحول.
ولفت غوتاندا إلى أنّ الباحثين يأملون بإلقاء نظرة بعد ذلك، على الأثر الذي ستحدثه هذه الزيادة الطفيفة في ضغط الدم على الصحة العامة للمريض، موضحًا أن هؤلاء يريدون أيضًا معرفة أي من المرضى قد واجه صعوبة بالوصول إلى الطبابة عن بُعد.
ويمكن أن يكون للطب عن بعد أثرًا واسعًا. إذ يعاني قرابة نصف البالغين في الولايات المتحدة من ارتفاع ضغط الدم، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، وحوالي نصف هؤلاء يعانون من ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط. ومع انتشار وباء السمنة، فمن المحتمل أن يرتفع العدد.
ويمكن أن يكون ارتفاع ضغط الدم وراثيًا، لكن ثمة أمور يمكنك القيام بها لإبقائه تحت السيطرة. وتوصي جمعية القلب الأمريكية بمراقبة الضغط بانتظام، كخطوة أولى. ويمكن للأشخاص الذين يعرفون معدل ضغط الدم لديهم إجراء تغييرات إذا احتاجوا لذلك.
ويمكن للأدوية معالجة ارتفاع ضغط الدم. كما يمكن للتغييرات بنمط الحياة المساعدة في ذلك، مثل الإقلاع عن التدخين أو التدخين الإلكتروني، وإدارة الإجهاد، والحفاظ على وزن صحي، واتباع نظام غذائي صحي للقلب.
أما النظام الغذائي الصحي للقلب، فهو غني بالخضار، والحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، مع التقليل من الملح، والدهون المشبعة، واللحوم الحمراء، والحلويات، وشرب الكحول.