ما هو أفضل حليب صحي بأثر منخفض على البيئة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما يتعلّق الأمر بالحليب الأفضل لكوكب الأرض، سيؤكد دعاة حماية البيئة إنّ الحليب المصنوع من النباتات هو الفائز.
وأدى التقدّم بأكبر الدول المنتجة للألبان مثل الصين، وإيطاليا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة إلى زيادة إنتاج الحليب بكميات كبيرة لكل بقرة. وتنتج بقرة أمريكية الآن أربعة أضعاف كمية الحليب التي تنتجها بقرة في الهند، بالتوازي مع خفض الأثر البيئي للحيوان. حتى أن هناك بقرة في ولاية ويسكونسن الأمريكية، تُدعى Selz-Pralle Aftershock 3918، سجلت الرقم القياسي العالمي لإنتاج الحليب: 78170 رطلاً من الحليب خلال 365 يومًا.
ورغم ذلك، لا يزال الطلب العالمي على الموارد الطبيعية لتغذية الأبقار هائلًا، وفقًا لتحليل تلوي وضع عام 2018، مقتبس على نطاق واسع من الدراسات حول هذه المسألة.
وتستخدم صناعة الألبان قرابة 10 أضعاف مساحة الأرض ومرتين إلى 20 مرة من المياه إسوة بإنتاج حليب الصويا، أو الشوفان، أو اللوز، أو الأرز، وفقًا لتحليل دراسة عام 2018، أجراها مختبر بيانات التغيير العالمي غير الربحي، وجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة.
وتوصّل التحليل إلى أنّ منتجات الألبان تسبب انبعاثات توازي ثلاثة أضعاف انبعاثات الغازات الدفيئة. وأفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنّ التجشؤ والبراز الناتج عن اجترار الحيوانات مثل الماشية والأغنام والماعز يولّد غاز الميثان، وهو من الغازات الدفيئة وأقوى بـ80 مرة من ثاني أكسيد الكربون بتدفئة كوكب الأرض خلال 20 عامًا.
ورغم ذلك ما برح الناس يشربون الحليب لأسباب غذائية، إذ أنه مصدر مهم للبروتين والمواد المغذية في بعض أنحاء العالم. وقد يجعل ذلك الإجابة عن ماهية الحليب الأفضل لك ولأطفالك أكثر تعقيدًا.
هل حصلت على حليب؟
وقال الدكتور والتر ويليت الباحث الرائد في مجال التغذية لـCNN إنّ "الحليب رائع جدًا من الناحية الغذائية، لأنّ الثدييات الصغيرة يمكنها العيش على الحليب لأشهر عدّة والنمو"، مضيفًا أن "هذا لا يعني بالضرورة أنه غذاء مثالي لحياتنا كلها".
وتناول ويليت، وهو أستاذ علم الأوبئة والتغذية بجامعة هارفارد T.H. كلية تشان للصحة العامة، وأستاذ الطب بكلية الطب في جامعة هارفارد، مع الدكتور ديفيد لودفيغ، زميله في جامعة هارفارد، وطبيب الغدد الصماء وطبيب الأطفال، موضوع الحليب وصحة الإنسان في مراجعة عام 2020 لمجلة نيو إنغلاند الطبية.
عظام قوية: تعمّق الطبيبان بالاعتقاد الشائع بأن شرب الحليب يمنح عظامًا صحية أقل عرضة للكسر. ورأى ويليت أنّ هذا يشكل التبرير الأساسي للتوصيات الغذائية الأمريكية الحالية المتمثلة بتناول 3 أكواب يوميًا من الحليب الخالي من الدسم، أو منتجات الألبان الأخرى للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و18 عامًا، والبالغين، وكوبين ونصف كوب يوميًا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و8 أعوام.
ومن المثير للاهتمام أنّ مراجعات التحليل التلوي للدراسات التي فحصت شرب نحو 4 أكواب من الحليب يوميًا، لم تجد أي فائدة نهائية للوقاية من الكسور، حتى لدى الأطفال، بحسب ما ذكره ويليت.
كما أنّ دراسة سابقة وضعها مع زملائه عام 2014 توصّلت إلى أن ثمة خطرًا أكبر بنسبة 9٪ لكسر الورك في وقت لاحق مقابل كل كوب إضافي من الحليب يوميًا يستهلكه المراهقون، ولكن ليس الفتيات. وفي مقارنة أجريت من دولة لأخرى، اكتشف ويليت ولودفيغ معدلات أعلى من كسور الورك في الدول التي استهلكت كميات أعلى من الحليب والكالسيوم.
الطول: واعتبر ويليت أن الحليب يساعد الأطفال على النمو بشكل أطول. ما الخطأ فى ذلك؟ وأوضح أنّ الأشخاص الذين يتمتعون بطول قامة هم أكثر عرضة لمزيد من كسور العظام.
وأظهرت الدراسات أيضًا وجود ارتباط بين الطول وزيادة خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات ومشاكل الرئة. ويبدو أنّ الأشخاص من ذوي القامة الطويلة يعانون من أمراض قلبية أقل، لكنّهم أكثر عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني أو عدم انتظام ضربات القلب ودوالي الساقين.
عدم تحمل اللاكتوز: وأشار ويليت إلى أن منتجات الألبان لا يمكن تقديمها لطفل بعد 12 شهرًا بسبب وفرة البروتين والمعادن التي تحتوي عليها. ويمكن أن تسبب منتجات الحليب التي تُعطى قبل بلوغ الطفل عامه الأول نزيفًا معويًا وتلفًا لكليتيه، بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
وقدّرت الدراسات أنّ 68٪ من سكان العالم قد يكون لديهم حساسية على الحليب، الأمر الذي يتسبب بانتفاخ البطن، والتشنّج، والألم.
الهرمونات والمضادات الحيوية: قال ويليت إنّ الأبقار الحلوبة تكون بحالة حمل دائمة تقريبًا، ما يعزز بشكل طبيعي مستويات البروجستين والإستروجين والهرمونات الأخرى في الحليب. وأضاف أنه لزيادة إنتاج الحليب، يتم تربية الأبقار اليوم أيضًا لإنتاج مستويات أعلى من عامل النمو الشبيه بالإنسولين 1، أو IGF-1.
وربط استهلاك البشر المتزايد لـIGF-1 بالسرطان ومقاومة الإنسولين.
إنقاص الوزن: من الواضح أن الحليب قليل الدسم أو الخالي من الدسم، يعتبر خيارًا صحيًا أكثر من المشروبات الغازية السكرية أو الدايت، والشاي والمشروبات المصنّعة الأخرى في السوق. ولفت ويليت إلى أنّ الدراسات التي أجريت على منتجات الألبان أظهرت أن اللبن الزبادي وحده مرتبط بزيادة الوزن بشكل أقل.
ووجدت مراجعة التحليل التلوي لعام 2020، أن الحليب كامل الدسم قد يساهم بتقليل السمنة لدى الأطفال.
الخلاصة: ويرى ويليت أننا "بحاجة للنظر إلى كل ما نقوم به من منظور بيئي"، مضيفًا أن "الجواب ليس فقط بعدم وجود منتجات ألبان للجميع، لكن ثلاث حصص من الحليب يوميًا ليست ضرورية للصحة وتشكل كارثة بيئية".
وأشار ويليت إلى الهدف الذي وضعته لجنة "EAT-Lancet"، أي شرب 250 غرامًا أو كوبًا واحدًا من الألبان يوميًا، لإنشاء نظام غذائي عالمي صحي ومستدام.
وأضاف ويليت أنّ "حصة واحدة يوميًا، ربما تكون أفضل إسوة بتناول الزبادي غير المحلى أو الجبن، وبعد ذلك يمكنك إضافة بعض بدائل الحليب النباتية". وتابع: "أعتقد من وجهة نظر صحية وبيئية، أن هذا الأمر يشكل نقطة انطلاق معقولة".
أفضل حليب نباتي
ويشهد سوق الحليب النباتي ازدهارًا.
وأوضح كريستوفر غاردنر، خبير التغذية، وأستاذ أبحاث الطب في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية في كاليفورنيا أنّ كل الجوز تقريبًا، وكذلك البقوليات والحبوب أصبحت خيارات للألبان النباتية. وأحدث بديل هو حليب الموز".
وحتى الآن، وجد غاردنر أنواع حليب تعتمد على البقوليات (فول الصويا، والبازلاء، والفول السوداني، والترمس، واللوبياء)، والمكسرات (اللوز، وجوز الهند، والبندق، والفستق، والجوز، والمكاديميا، والكاجو)، والبذور (السمسم، والكتان، والقنب، وعباد الشمس)، والحبوب (الشوفان، والأرز، والذرة، والحنطة، والكينوا، والتيف، والقطيفة)، وحليب البطاطس.
الأثر البيئي: ولم يبحث العلم بعد في الأثر البيئي لكل دخول جديد إلى سوق الحليب البديل، لكن يمكن قياس حليب الأرز مقابل فول الصويا واللوز والشوفان.
من هو الحليب الفائز؟
ووفقًا لتحليل Global Change Data Lab، فإن الأمر نسبي. إذ أن الأرز يتمتع بأقل أثر على استخدام الأرض، واللوز بأقل أثر على انبعاثات الدفيئة، وفول الصويا بأقل أثر على استخدام المياه العذبة والإثراء الغذائي. أما حليب الشوفان فحجز مكانًا له في الوسط بينها.
ومن الناحية الغذائية، أوضح غاردنر أن لكل فئة من فئات الحليب البديل مزايا وعيوب مقارنة مع منتجات الألبان، مضيفًا أنه لم يكن قادرًا على مراجعة جميع العلامات التجارية في السوق، لأنها "كثيرة جدًا بحيث يتعذّر تغطيتها بشكل واقعي".
الكالسيوم: منتجات الألبان الفائزة هنا، لكن مصنعي الحليب النباتي حلّوا هذه المشكلة عبر إضافة الكالسيوم، وفقًا لما ذكره غاردنر.
البروتين: يحتوي فول الصويا والحليب المصنوع من البازلاء، مثلًا، على قدر البروتين ذاته الذي نقع عليه في منتجات الألبان. وتعتبر أنواع الحليب الأخرى التي تعتمد على البقوليات خيارات جيدة أيضًا.
ولفت غاردنر إلى أنّ حليب جوز الهند، وحليب الأرز، يحتويان على مستويات قليلة من البروتين، وحليب اللوز يحتوي على أقل من غرام من البروتين في الوجبة، ويتراوح حليب الشوفان بين 1 و 3 غرامات لكل وجبة.
الدهون والصوديوم والكوليسترول: مقارنة بالكوليسترول الغذائي في منتجات الألبان الكاملة، فإن غالبية أنواع الألبان النباتية تُعد خيارات جيدة، لأنها لا تحتوي أبدًا على الكوليسترول، بحسب ما أوضحه غاردنر.
وتُعتبر مستويات الصوديوم متساوية نسبيًا بين حليب النباتات ومنتجات الألبان. وأضاف أن الدهون المشبعة منخفضة، باستثناء حليب جوز الهند، وهو نبات استوائي يحتوي بشكل عام على مستويات عالية منها.
الفيتامينات A و Dو B12: وقال غاردنر إن السبب الوحيد الذي يجعل الألبان مصدرًا جيدًا للفيتامينات A وD هو أنها مدعمة بتلك الفيتامينات في تصنيعها. وهذا الأمر ينسحب على الحليب النباتي.
المُحليات المضافة: تحتوي منتجات الألبان على مُحلٍّ طبيعي داخلي خاص بها، أي اللاكتوز، وهو السكر الذي يزعج معدة الكثير من الناس. وأوضح غاردنر أنّ حليب النباتات لا يتمتّع بهذه الميزة، وهذا هو المكان الذي يمكن أن تتعثر فيه التغذية.
ومع ذلك ، فإن العديد من العلامات التجارية للحليب البديل تقدم نسخة غير محلاة. ونصح غاردنر باختبار "أنواع الحليب غير المحلاة. والتي عادة ما تكون لذيذة مثل النسخة الأصلية، ولكنها تحتوي على سعرات حرارية وكربوهيدرات وسكريات أقل".