ما سبب ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء الحوامل واللواتي أنجبن حديثًا بأمريكا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أظهرت دراسة جديدة أنّ معدل وفيات النساء الحوامل ومن أنجبن حديثًا في الولايات المتحدة، ارتفع بنسبة 30% تقريبًا بين عامي 2019 و2020.
حلّلت الدراسة، التي نُشرت في الدورية الطبية "JAMA Network Open" الجمعة، معلومات حول 4،535 حالة وفاة جمعها المركز الوطني لإحصاءات الصحة التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، بين عامي 2019 و2020.
نظر الباحثون في الوفيات بين النساء الحوامل أو اللواتي أنجبن حديثًا، لغاية عام بعد الولادة.
ووجد الباحثون أن معدل وفيات النساء من أي سبب ارتفع من 54 حالة وفاة لكل 100 ألف مولود حي عام 2019 إلى 70 حالة وفاة عام 2020. وزادت معدلات الوفيات لأسباب تتعلق بالحمل بنسبة 22% ولأسباب غير متصلة بالحمل بنسبة 36%.
وأشار الباحثون إلى أنّ الأسباب غير المرتبطة بالحمل شكّلت أكثر من نصف وفيات النساء خلال عام 2020.
وكان التسمّم العرضي بالمخدّرات الأكثر شيوعًا، يليه حوادث السيارات والقتل، حيث بلغت معدلات الوفيات الناجمة عن هذه الأسباب تباعًا، 12.2%، و 5.9%، و 5.5%. ولم يتغيّر معدل الوفيات الذي ينطوي على الانتحار بشكل ملحوظ.
وحدّد مؤلفو الدراسة أيضًا تباينات عرقية وإثنية كبيرة.
وكانت معدلات الوفيات أعلى بثلاث إلى خمس مرات بين النساء الهنود الأمريكيين، أو نساء ألاسكا الأصليين، لأي سبب باستثناء الانتحار.
وكان لدى النساء السود معدلات وفيات عالية مماثلة لجميع الأسباب، مع ارتفاع خطر الوفاة الناجمة عن القتل بمعدل 5.3 مرات.
وأوضح جيفري هوارد، مؤلف الدراسة والأستاذ المساعد للصحة العامة بجامعة تكساس في مدينة سان أنطونيو، أن "إحدى الرسائل الرئيسية من الدراسة تتمثلّ بأنّ هناك مشكلة اجتماعية أكبر بكثير في الواقع، تواجه النساء الحوامل والأمهات الجدد خلال فترة ما بعد الولادة، المعروفة بأنها مرحلة من الحياة مرهقة للغاية".
وأضاف: "ما تشير إليه الدراسة هو وجود ضعف خاص لدى هذه الفئة من السكان تجاه بعض هذه العوامل الاجتماعية الأخرى".
يتوافق البحث مع زيادة معدلات الوفيات بين النساء الحوامل ومرحلة ما بعد الولادة، إلا أنّ هذا الاتجاه تفاقم بسبب جائحة "كوفيد-19"، حسبما ذكره هوارد.
وارتفع معدل الوفيات المرتبطة بالحمل بنسبة 4.4% سنويًا بين عامي 2015 و2019 مقارنة مع نسبة 29% بين عامي 2019 و2020.
الأمر المثير للدهشة بالنسبة لهوارد عدد الوفيات غير الناجمة عن الحمل.
وشرح هوارد قائلاً: "إذا عدنا إلى عام 2015، فسنجد معظم الوفيات بين هؤلاء السكان كانت لأسباب خاصة بالحمل بنسبة 60% و40% لأسباب أخرى. بحلول عام 2020، ينعكس الأمر نوعًا ما، حيث تأتي غالبية الوفيات جرّاء أسباب أخرى، غير متّصلة بالحمل".
ولفت إلى أنّ النتائج يمكن أن تعزى في غالبها، إلى الضغوط التي سبّبتها الجائحة.
وتوافق ريبيكا لاون، وهي عالمة الأوبئة بكلية تي أتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، غير المشاركة في الدراسة، إذ قالت إن النتائج "تسلّط الضوء حقًا على عوامل المناقشة التي لا تخطر على البال تقليديًا بشأن وفيات النساء الحوامل".
ويمكن للتدابير التي وضعت للحفاظ على سلامة الناس من "كوفيد-19"، مثل البقاء في المنزل، أن تؤدي في الواقع إلى تفاقم تجارب النساء مع عنف الشريك الحميم، حسبما ذكرته لاون.
وأشارت لاون إلى أنّ الحمل هو الوقت الذي يبدأ فيه عنف الشريك الحميم أو تزداد شدته. وبالتوازي مع القدرة للوصول إلى الأسلحة النارية، فهي من أكثر عوامل الخطر المستخدمة لقتل النساء أثناء الحمل أو بعد الولادة.
مع ذلك، إذا تمكنت المرأة الحامل من الوصول إلى الرعاية الصحية، فهناك مزيد من الفرص لمساعدتها وحمايتها، في ما يتعلق بالفحص بحثًا عن عنف الشريك الحميم، أو التثقيف بشأن عنف الشريك الحميم، لذا يعد الوصول إلى الرعاية عنصرًا مهمًا، وفقًا لما ذكرته لاون.
وقال الخبراء إن تناول موضوع تعاطي المخدرات أثناء الحمل وبعده يعتبر أمرًا بالغ الأهمية أيضًا، إذ أن الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية بين النساء الحوامل وبعد الولادة قد زادت خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس الاتجاهات السائدة في عموم السكان.
بالنسبة للتفاوتات العرقية والإثنية، يقول الخبراء إن هذه النتائج تتوافق مع الأبحاث التي تظهر أن النساء الأمريكيات الأصليات وذوات البشرة الداكنة أكثر عرضة لمخاطر الوفاة المرتبطة بالحمل، وأنه يجب معالجة هذه القضايا الهيكلية.
وقالت الدكتورة كاميلا ألكسندر، الأستاذة المشاركة في كلية جونز هوبكنز للتمريض: "لقد لمسنا، دراسة تلو أخرى، كيف أنّ التمييز والعنصرية البنيوية يلعبان دورًا على مستويات متعددة داخل نظام الرعاية الصحية لدينا، وكذلك في المجتمعات عمومًا، ما يمنع النساء من الوصول إلى رعاية جيدة محترمة".
وأظهرت الأبحاث أنّ 4 من كل 5 وفيات مرتبطة بالحمل يمكن الوقاية منها، لكن الخبراء يقولون إن التغييرات المنهجيّة ضرورية.
وأكدت الدكتورة فيرونيكا جيليسبي بيل، طبيبة أمراض النساء والتوليد لدى مركز "أوتشسنر" الطبي في نيو أورلينز، أنّ "السنة التي تلي الولادة تعد فترة زمنية حرجة، ولا تزال النساء معرضات خلالها لخطر عدد من أسباب الوفاة المرتبطة بالحمل، ومع ذلك، في معظم الأحيان، يتم فصلهنّ عن نظام الرعاية الصحية".
وأضافت: "من المهم للمجتمع والأسرة تقديم الدعم، وفهم المشاكل التي تواجه النساء بعد الولادة وتعرّضهنّ لخطر الموت".