مستوحى من المحار.. جامعة إماراتية في أبوظبي تبتكر حلا لمعالجة المياه الملوثة بأصباغ النسيج
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في كل عام، تستهلك صناعة النسيج 1.3 تريليون غالون من المياه لصبغ الملابس، وهو ما يكفي لملء مليوني حمام سباحة بالحجم الأولمبي.
وتتدفق غالبية هذه المياه، المحملة بمواد كيميائية وصبغات ضارة، من دون معالجة في الأنهار والجداول.
ولهذا السبب ابتكر الباحثون في جامعة خليفة في أبوظبي، مادة نانوية جديدة يقولون إن بإمكانها تنقية مياه الصرف الصناعية من هذه الأصباغ وغيرها من الملوثات.
ويشرح إيناس ناشف، وهو قائد المشروع وأستاذ في الهندسة الكيميائية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، أن المادة تتكون من حبيبات صغيرة تشبه الرمل، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة فقط في مجموعات، حيث تجمع الملوثات على أسطحها وفي مسامها.
وتتكون المادة النانوية من مادة تُسمى البوليمر تحاكي "الصمغ" الذي يستخدمه بلح البحر للالتصاق بالصخور، إلى جانب مادة مذيبة.
ويشير ناشف إلى أن العثور على المادة المذيبة المناسبة كان بمثابة تحدٍ، إذ أنّ غالبية المذيبات سامة، ولكن فريق البحث حدد واحدة فعالة وصديقة للبيئة أيضًا.
واختبر الفريق مادتهم النانوية على صبغة حمراء برتقالية تسمى أحمر الآليزارين Alizarin Red S، ونشروا النتائج التي توصلوا إليها في وقت سابق من هذا العام.
ويقول ناشف: "حتى الآن، لا توجد تأثيرات سامة"، مضيفًا أنه يمكن معالجة البوليمر من الملوثات ثم إعادة استخدامه، ولافتًا إلى أن "الباحثين ينظرون إلى الكفاءة وكذلك البيئة في الوقت ذاته".
أزمة مياه عالمية
وبينما أن صناعة النسيج تُعد أحد أكبر العناصر المساهمة في إنتاج مياه الصرف الصناعي، ولكنها ليست وحدها، إذ يساهم التصنيع، والتعدين، والبتروكيماويات، والمستحضرات الصيدلانية، والزراعة في تفاقم هذه المشكلة.
وتقدّر الأمم المتحدة أنه على مستوى العالم، يتم إنتاج نحو 95 تريليون غالون من مياه الصرف الصحي كل عام، أي ما يعادل تقريبًا 41 عامًا من مياه الشرب لجميع البشر.
ووجد تقرير تاريخي، نشرته اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه الشهر الماضي، أنّ 20% فقط من مياه الصرف الصحي تتم معالجتها حاليًا، مع نسبة إعادة تدوير أقل بكثير، ما يساهم في نقص عالمي في المياه النظيفة.
ويتوقع التقرير أن يفوق الطلب على المياه العذبة العرض بنسبة 40% بحلول عام 2030.
وتمثّل صناعة النسيج ما يصل إلى 20% من مياه الصرف الصناعي على مستوى العالم، وهي حقيقة دفعت ناشف وفريقه إلى تركيز جهودهم على الأصباغ.
وقد استهدف الباحثون "الأصباغ الأنيونية"، إذ لا تتوفر طرق كثيرة فعالة لإزالة هذه الأنواع من الأصباغ في المياه.
ويأمل ناشف أن تتمكن مادته عالية الكفاءة من إحداث تأثير في مشكلة مياه الصرف الصحي الملوثة في صناعة النسيج.
ويوضح ناشف: "في الوقت الحالي، يمكن معالجة الأصباغ (الأخرى)، لكن تسبب الصبغة الأنيونية، مشكلة. لذلك سوف يحتاجون (هذه المادة النانوية) لمعالجتها".
ما وراء المنسوجات
وبعد أن أظهرت المادة النانوية المستوحاة من بلح البحر نتائج واعدة في المختبر، يبحث ناشف عن شركاء صناعيين لاختبارها في هذا المجال.
كما يأمل في ابتكار حلول لإزالة ما هو أكثر من مجرد صبغات النسيج من المياه.
ويعمل ناشف على تطوير مادة نانوية أخرى يقول إن بإمكانها إزالة الفيروسات من مياه الصرف الصحي بالمستشفى، وهو ابتكار يمكن أن يساعد في الحد من انتشار الأوبئة في المستقبل.
ويمكن أن تساعد بوليمرات تنظيف المياه هذه أيضًا في جعل عمليات تحلية المياه أكثر استدامة - وهو عامل مهم في الشرق الأوسط، حيث تندر مصادر المياه العذبة.
وتستهلك محطات التحلية الكثير من الطاقة لإزالة الملح من الماء. ويقول ناشف إن استخدام المواد النانوية القائمة على الأغشية في المعالجة المسبقة يمكن أن يخفض الطاقة اللازمة لمعالجة المياه، مضيفًا: "إذا استطعنا استهداف ذلك، فسيقل الحمل على محطات تحلية المياه".
ويأمل ناشف أن يكون عمله في مختبره يتمتع بتأثير إيجابي في العالم الحقيقي على إمدادات المياه وأن ينفع الجيل القادم.