أمريكا تحذر من ارتفاع إصابات جدري القردة هذا الصيف.. هل جرعة لقاح واحدة تكفي؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وسط القلق المتزايد من احتمال مواجهة الولايات المتحدة زيادة بحالات الإصابة بمرض جدري القردة هذا الصيف، أظهرت ثلاث دراسات جديدة أنّ جرعتين من لقاح "جينيوس" المضاد لجدري القردة أكثر فعالية بكثير من جرعة واحدة.
وقال الدكتور كريستوفر برادن، مدير استجابة جدري القردة لدى مراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، في لقاء إعلامي عن بعد، الخميس: "تتراوح تقديرات فعالية اللقاح في هذه الدراسات بين 36% و75% لجرعة واحدة، وبين 66% و86% لجرعتين من لقاح جينيوس".
وتابع: "ما نستنتجه من هذه الدراسات الثلاث أنّ فعالية اللقاح ذات أهمية بالغة، وأنّ تلقّي جرعتين يُعد خيارًا أفضل من تلقي جرعة واحدة".
ولفت إلى أنّ ذلك سيجنب إصابة الأفراد بجدري القردة، والمرض الشديد أو حتى الوفاة.
تتبع الدراسات تفشي جدري القردة، الذي انتشر في العديد من الدول العام الماضي، ما أدّى إلى تسجيل أكثر من 30 ألف حالة إصابة في الولايات المتحدة، وأثّر بشكل غير متناسب على الرجال المثليين وثنائيي الجنس.
وفي أغسطس/ آب الماضي، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على إعطاء إذن الاستخدام الطارئ للقاح "جينيوس" المضاد لجدري القردة المكوّن من جرعتين للبالغين المعرّضين لمخاطر عالية.
عادةً ما يعطى اللقاح على جرعتين، بفاصل زمني مدته أربعة أسابيع، لكن خلال تفشي العام الماضي، تم إعطاء جرعات فردية في محاولة لتوسيع إمدادات اللقاح لتطعيم أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وفي حين أن عدد حالات الإصابة بجدري القردة في الولايات المتحدة قد انخفض بشكل كبير منذ ذروة تفشي المرض في أغسطس/ آب الماضي، فإن المسؤولين بمراكز مكافحة الأمراض يحثون الأشخاص الذين لم يكملوا جرعتهم الثانية من اللقاح على القيام بذلك، قبل هذا الصيف.
ورغم إعطاء حوالي 1.2 مليون جرعة لقاح حتى الآن، إلا أن نسبة 23% فقط من الأشخاص الأكثر عرضة للخطر تلقت اللقاح بالكامل على المستوى الوطني.
فعالية التطعيم ضد جدري القردة
تشير إحدى الدراسات الواقعية، التي أجريت في عشرات الولايات القضائية الأمريكية بين أغسطس/ آب 2022 ومارس/ آذار 2023، إلى أن تلقي جرعتان من لقاح "جينيوس" المضاد لجدري القردة أثبت فعالية بنسبة 85.9% في الوقاية من عدوى جدري القردة المصحوب بأعراض، وأن فعالية اللقاح بعد جرعة واحدة كانت نسبتها 75.2%.
لتقييم فعالية اللقاح المضاد لجدري القردة بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والمتحولين جنسيًا، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا، قام باحثون من مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها ومؤسّسات أمريكية أخرى بتحليل بيانات 309 مرضى بجدري القردة و608 مريض يخضعون لتجارب مقارنة.
توافقت نتائج هذه الدراسة مع نتائج الدراسات السابقة التي تقيّم أداء اللقاح أو فعاليته، بحسب ما ذكر الباحثون في التقرير الأسبوعي لمعدل الوفيات والأمراض الصادر عن مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها الذي نُشر الخميس.
لكن إلى متى تستمر مدة الحماية من اللقاح بمرور الوقت؟ الإجابة ما برحت مجهولة.
كتب الباحثون من مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها ومؤسسات أمريكية أخرى، أنه لهذا السبب، يجب على الأشخاص المعرضين لخطر كبير للإصابة بمرض جدري القردة إكمال سلسلة اللقاح المكونة من جرعتين.
وأشارت دراسة أخرى في التقرير الأسبوعي للمرض والوفيات الصادر عن الوكالة، نُشرت الخميس أيضًا، إلى أنّ جرعة واحدة من لقاح "جينيوس" كانت فعالة بنسبة 68.1% ضد عدوى جدري القردة المصحوبة بأعراض، بينما كانت الجرعتين فعالة بنسبة 88.5%.
تضمنت تلك الدراسة، التي أجراها باحثون في وزارة الصحة بولاية نيويورك ومؤسسات أخرى في نيويورك، بيانات من يونيو/ حزيران حتى ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، حيث تم الإبلاغ عن إجمالي 375 حالة إصابة بجدري القردة إلى وزارة الصحة، وتسجيل توزيع أكثر من 27 ألف جرعة أعطيت.
لتقدير فعالية اللقاح ضد العدوى، قام الباحثون بتحليل بيانات لعينة من 252 رجلاً، 18 عامًا وما فوق، شُخّصت إصابتهم بجدري القردة في نيويورك خلال الفترة الممتدة بين يوليو/ تموز وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وقارنوا النتائج التي توصلوا إليها مع عينة من 255 مريضا شخصت إصابتهم بأمراض أخرى مثل داء السيلان أو داء الزهري.
ولفت تحليلهم إلى أن الفعالية الإجمالية للقاح، عند دمج البيانات الخاصة بجرعة واحدة وجرعتين، كانت 75.7%.
وكانت دراسة منفصلة نشرتها سابقًا مراكز مكافحة الأمراض في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، توصلت إلى أنه بين الرجال الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا، كان معدل الإصابة بمرض جدري القردة أعلى بمقدار 9.6 مرات لدى غير الملقحين مقارنة مع الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من اللقاح، و7.4 مرات أعلى مقارنة مع الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى فقط من اللقاح.
وأظهرت الدراسة السابقة أيضًا، أنه مقابل كل إصابة بمرض جدري القردة بين الأشخاص الملقحين بالكامل بجرعتين، سُجّلت 10 إصابات بين الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم.
ومع اقتراب موسم الصيف، يواصل مسؤولو الصحة الفيدراليون والمحليون جهودهم لزيادة الوعي حول أهمية تلقي لقاح جدري القردة للأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
ووجدت مراكز مكافحة الأمراض في دراسة وضعتها بأكتوبر/ تشرين الأول أنه بين نحو 500 ألف شخص تلقوا الجرعة الأولى من لقاح "جينيوس" وكانوا مؤهلين للحصول على جرعة ثانية، تلقت نسبة 57.6% فقط تلك الجرعة الثانية.
وجدري القردة، مرض فيروسي ينتقل من طريق الاتصال الوثيق، ورغم أنه قد يصيب أي شخص، إلا أنه خلال تفشي العام الماضي، كانت الإصابات تحدث بشكل رئيسي بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال.
تسبب العدوى طفحًا جلديًا يمكن أن يبدو بداية مثل البثور، وقد تشمل الأعراض الأخرى الحرارة، والرعشة، وتضخم العقد الليمفاوية، وآلام، وإرهاق.
في حالات نادرة، قد يؤدي جدري القردة إلى الوفاة خصوصًا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهازهم المناعي.
والإثنين الفائت، أصدرت مراكز مكافحة الأمراض تحديثًا لشبكة التنبيه الصحي الخاصة به، حذّرت فيه من المخاطر المحتملة لظهور حالات جديدة من جدري القردة هذا الربيع والصيف.