ليس حكرًا على كورونا.. دراسة تكشف إمكانية الإصابة بنزلة برد طويلة الأمد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل تشعر بالإرهاق حتى بعد التعافي من مرض ما؟ قد يعود السبب إلى "نزلة برد طويلة الأمد"، بحسب دراسة جديدة.
ووجد الباحثون أنه كما هي الحال مع "كوفيد طويل الأمد" عندما تستمر الأعراض بعد زوال عدوى المرض، ينسحب الأمر كذلك على عدوى الجهاز التنفسي الأخرى بالتأثير على الأشخاص الذين يعتقدون أنهم تعافوا من إصابتهم بنزلة برد.
وقالت مؤلفة الدراسة الرئيسية، جوليا فيفالدي، عالمة الأوبئة من جامعة كوين ماري في لندن: "هذه الدراسة مهمة لأنها لا تؤكد على التأثير الهائل الذي يمكن أن يحدثه "كوفيد-19" (على المدى الطويل) فحسب، بل تسلط الضوء أيضًا على أن الأشخاص المصابين بالتهابات الجهاز التنفسي الأخرى قد يكافحون أيضًا للتعافي من النوبة الحادة".
وبحسب دراسة أجريت عام 2022، أبلغت نسبة 1.3% من الأطفال ونسبة 6.9% من البالغين عن إصابتهم بكوفيد طويل الأمد، الذي عرّفه الباحثون بأنه ظهور أعراض تستمر لمدة ثلاثة أشهر في الحد الأدنى بعد الإصابة بالمرض.
وأوضحت فيفالدي أن أحدث دراسة علمية نُشرت في مجلة EClincialMedicine الجمعة، التابعة لمجلة "ذا لانسيت" The Lancet الدورية، استطلعت آراء أكثر من 10 آلاف شخص، وطلبت منهم الإبلاغ عما إذا كان لديهم كل من الأعراض الـ16 المعروفة لدى الإصابة بكوفيد الطويل الأمد.
واستفسر الباحثون أيضًا عما إذا كان المشاركون قد أصيبوا بعدوى "كوفيد-19"، أو عدوى أخرى في الجهاز التنفسي، أو لم يصابوا بأي منهما.
ووفق الدراسة الجديدة، فإن الأشخاص الذين أصيبوا بـ"كوفيد-19" وأولئك الذين أصيبوا بعدوى أخرى في الجهاز التنفسي كانوا أكثر عرضة لاستمرار أعراض المرض مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا بأي منهما منذ مايو/ آيار عام 2020.
وذكرت الدراسة أن الأعراض شملت التعب، وضيق التنفس، والدوخة، وصعوبة التركيز، ومشاكل في الذاكرة، ومشاكل في المعدة، والسعال، ومشاكل في النوم.
وأكدت فيفالدي أن الدراسة أخذت في الاعتبار المشاكل الصحية الأخرى التي ربما أثّرت على ظهور هذه الأعراض.
تاريخ طويل مع القليل من البحث
وأشارت الدراسة إلى أن الباحثين لا يزالون غير قادرين على تحديد مدة استمرار "نزلة البرد طويل الأمد" مقارنة بـ"كوفيد طويل الأمل"، مع ذلك يأملون أن تحفّز النتائج الجديدة إجراء مزيد من البحث لفهم وتشخيص وعلاج المتلازمات بعد الإصابة بالعدوى.
من جانبه، قال الدكتور ديفيد سترين، الأستاذ المشارك والمستشار الفخري بكلية الطب في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة: "رغم كونها (الدراسة) بين أول من استكشف هذه الحالة بأثر مستقبلي، إلا أنها ليست ظاهرة جديدة".
وأضاف سترين أنه في مطلع القرن العشرين، أدت جائحة الأنفلونزا عام 1918، إلى ظهور أعراض استمرت لعقود لدى العديد من الأشخاص.
وأفاد سترين في بيان مكتوب: "اليوم في المملكة المتحدة، يعيش نحو 280 ألف شخص مع التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضل (المعروف أيضًا باسم متلازمة التعب المزمن)، والعديد منهم أبلغوا عن مرض فيروسي أولي حميد باعتباره المسبب لهذه المتلازمة".
ولفتت فيفالدي إلى أن الأبحاث السابقة حول الأعراض الدائمة ركزت إلى حد كبير على الأمراض الخطيرة، مضيفة أن جائحة "كوفيد-19" كانت واحدة من المرات القليلة التي لم يركز فيها البحث الطبي فقط على الأشخاص الذين عولجوا في المستشفى.
وقالت فيفالدي في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لقد تطلب الأمر صوتًا صبورًا قويًا لجذب انتباه الجمهور والمجتمع الطبي إلى فيروس كورونا طويل الأمد".
وأضافت: "تكريمًا لهؤلاء المرضى، نحتاج إلى التأكد من أننا لا نفقد الزخم الذي لدينا في أبحاث فيروس كورونا طويل الأمد، وأن ننتهز هذه الفرصة لبناء فهمنا ومعرفتنا بمتلازمات ما بعد الإصابة بالعدوى بشكل عام".
وفي حين أنه لا يزال هناك المزيد من البحث الذي يجب القيام به من أجل تعلّم كيفية تخفيف الأعراض، فمن الواضح من تجربة كوفيد طويل الأمد أن الأعراض المستمرة يجب أن تؤخذ على محمل الجد.
ومن جهته، قال الدكتور بيتر أوبنشو، أستاذ الطب التجريبي بكلية لندن الإمبراطورية، غير المشارك في الدراسة : "يجب على الناس أن يتوقعوا عودة بطيئة إلى الحياة الطبيعية وألا يتوقعوا العودة الفورية إلى ممارسة الأنشطة الكاملة بعد الإصابة (عدوى الجهاز التنفسي الحادة) الناجمة عن أي سبب".
ومن أجل الوقاية من الإصابة بكوفيد طويل الأمد، أظهرت دراسة أجريت في فبراير/ شباط الماضي أنه قد يكون من المفيد الحصول على ما يكفي من العناصر الغذائية، والنوم بشكل كافٍ، وعدم التدخين، ,والاستهلاك المعتدل للمشروبات الكحولية، وممارسة النشاط البدني لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيًا.
ومع ذلك، حتى الأطفال والمراهقين الأصحاء عرضة للإصابة بهذه الحالة.
وأضاف أوبنشو في بيان، إنه من المهم عدم "الاستهانة من الإعاقة الكبيرة التي يعاني منها بعض المصابين بكوفيد طويل الأمد".