هذا ما تبدو عليه القدرة الإدراكية للأشخاص بعمر الـ80
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعتبر المخاوف بشأن العمر واللياقة العقلية موضوعًا متكررًا خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية، ومن المقرر أن تتصاعد في عام 2024 مع اقتراب اثنين من المرشحين الأوفر حظًا من عمر الثمانين أو تجاوزه.
وإذا أعيد انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فسيبقى الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض حتى يبلغ من العمر 86 عامًا. بينما سيبلغ الرئيس السابق دونالد ترامب 82 عامًا في نهاية ولايته الثانية.
ولكن ماذا يخبرنا العلم عن الشيخوخة وكيف يبدو مستوى الإدراك النموذجي عند سن الثمانين؟
كيف نتغير مع تقدمنا في السن؟
أوضحت الدكتورة إميلي روغالسكي، وهي أستاذة علم الأعصاب في جامعة شيكاغو، أن تراجع القدرات المعرفية يُعد جزءا طبيعيا من الشيخوخة الصحية. وبشكل عام، يصل الإدراك إلى ذروته في الثلاثينيات من العمر ثم ينخفض تدريجيًا بمرور الوقت.
وتشمل التغييرات الشائعة في التفكير مع تقدم الأشخاص في العمر بطء تذكّر الكلمات والأسماء، وصعوبة القيام بمهام متعددة، وانخفاض طفيف في مدى الانتباه، وفقًا لمركز الذاكرة والشيخوخة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. وهذه المهارات تُعد جزءا مما يسميه العلماء القدرات السائلة، التي تنخفض بانتظام طوال حياتنا.
وقالت الدكتورة مولي ماثر، وهي أستاذة مساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة الشمال الغربي بمدرسة فينبرغ للطب: "القدرات السائلة هي أفعال مثل سرعة المعالجة، والانتباه، والذاكرة العاملة. وجميعها تتطلب الكفاءة المعرفية".
وتحدث تغيرات طبيعية في الدماغ مع تقدم الشخص في العمر. وتتقلص بعض الأجزاء المهمة للتعلم والأنشطة العقلية المعقدة الأخرى، وقد يصبح الاتصال بين الخلايا العصبية أقل فعالية، وقد ينخفض تدفق الدم، وقد يزيد الالتهاب، وفقًا للمعهد الوطني للشيخوخة.
وأشارت الدكتورة أنجيلا روبرتس، وهي الأستاذة المساعدة في علوم الاتصال وعلوم الحاسوب في جامعة ويسترن التي تبحث في الشيخوخة وعوامل التدهور المعرفي إلى أن "الخلط بين الأسماء أو مواجهة صعوبة في استرجاع الأسماء، خاصة إذا كانت الأسماء متشابهة أو إذا كنت تربط شخصين معًا في عقلك، ليس بالضرورة أن يكون بمثابة أمر غير معتاد مع تقدمنا في العمر".
ورغم كونها تجارب محبطة، إلا أنها لا تشير بالضرورة إلى مشكلة أوسع في الإدراك أو الذاكرة في حد ذاتها إذا حدثت من حين لآخر، وفقا لما ذكرته روبرتس.
حتى من يوم لآخر، يمكن أن تتغير قدراتنا على التفكير بشكل جذري، وتتأثر بعوامل أخرى غير العمر، مثل المرض، والتوتر، والتشتت، وقلة النوم.
ويتم تشخيص الضعف الإدراكي المعتدل سريريًا عندما تصبح الصعوبات الإدراكية متكررة وتقع خارج نطاق ما يُعتبر شيخوخة طبيعية.
وإذا أصبحت هذه الصعوبات واضحة لدرجة أنها تؤثر على القدرات اليومية مثل ارتداء الملابس أو الذهاب إلى الحمام، فيمكن إجراء تشخيص سريري للخرف، وفقًا لمركز الذاكرة والشيخوخة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو.
وهناك العديد من أسباب الخرف، ولكن مرض الزهايمر يُعد الأكثر شيوعا بينها.
وعلى النقيض من "القدرات السائلة"، فإن بعض "القدرات المتبلورة" تتحسن مع تقدم العمر، وشرحت روبرتس أن هذا يشمل المعرفة التي تأتي من التعلّم واكتساب الخبرات، مثل تعلم مفردات جديدة.
كيف يتم اختبار الإدراك المعرفي؟
وقد يكون تقييم الإدراك أمرًا صعبًا، حتى بالنسبة للأطباء، ويمكنهم استخدام عدة طرق مختلفة لتحديد ما إذا كان شخص ما يعاني من مشاكل معرفية تقع خارج نطاق الشيخوخة الطبيعية. مثل تقييم أي تغييرات غير عادية لدى المريض أو سؤال الأقارب أو الأصدقاء المقربين عما إذا كانوا قد لاحظوا تلك التغييرات.
ويطلب الأطباء تصوير الدماغ واختبارات طبية أخرى، مثل فحص الدم، لاستبعاد العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور الإدراك، مثل العدوى أو نقص الفيتامينات. ويستخدمون الاختبارات المعرفية، مثل اختبار الحالة العقلية المصغر، لتقييم الأداء في المجالات المعرفية المختلفة.
أما اختبار الحالة العقلية المصغر، والذي يتكونّ من 11 سؤالا، فيطلب من المرضى تذكر تاريخ اليوم ومكان وجودهم، وتحديد ثلاث كلمات لتذكّرها لاحقا بعد بضع دقائق. ويتم تقييم مدى انتباههم من خلال مطالبتهم بتهجئة إحدى الكلمات بشكل عكسي. تقوم المهام الإضافية باختبار المهارات اللغوية، بما في ذلك اتباع الأوامر، وتكرار الكلمات، والقراءة، والكتابة.
مسارات الشيخوخة المختلفة
يرى الخبراء أن هناك تباينًا كبيرًا في كيفية تقدم الأشخاص في العمر.
وقال الدكتور نير بارزيلاي، وهو مدير معهد أبحاث الشيخوخة في كلية ألبرت أينشتاين للطب والمدير العلمي للاتحاد الأمريكي لأبحاث الشيخوخة، إن "العمر الزمني لا يعكس بالضرورة العمر البيولوجي".
وأوضحت روغالسكي أنه رغم أن البيانات على مستوى السكان تربط بين الشيخوخة والتدهور المعرفي، فإن المظهر الفعلي للشيخوخة متنوع للغاية على المستوى الفردي.
وتقود روغالسكي دراسة بحثية تجمع بيانات عن "كبار السن الخارقين"، وهم أشخاص في الثمانينيات من العمر ولديهم أدمغة حادة مثل أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا.
وكان الباحثون يدرسون فئة "كبار السن الخارقون" لمحاولة فهم عوامل الحماية الوراثية والبيئية التي يمكن أن تساعد في تجنب الشيخوخة.
وقد وجدوا من خلال فحوصات الدماغ أن "كبار السن الخارقون" لديهم المادة الرمادية بحجم أكبر من كبار السن العاديين في مناطق الدماغ المسؤولة عن الأداء الإدراكي والذاكرة. كما أن لديهم في المتوسط خلايا أكبر وأكثر صحة في القشرة المخية الأنفية الداخلية، وهي واحدة من أولى مناطق الدماغ المتضررة من مرض الزهايمر.
وفيما يتعلق بنمط الحياة، يميل"كبار السن الخارقون" إلى الإبلاغ عن علاقات اجتماعية قوية، ويعيشون أنماط حياة نشطة، ويستمرون في تحدي أنفسهم.