مسببات الأمراض المنقولة بالهواء.. الصحة العالمية توسع تعريفها
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توسّع منظمة الصحة العالمية نطاق التعريف عن مسببات الأمراض المحمولة بالجو، مثل "كوفيد-19"، والأنفلونزا، والحصبة، كي تشمل متى تنتشر فيه قطرات الجهاز التنفسي عبر الهواء وحين تحط على الشخص، بغض النظر عن حجم القطرة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يهدف التقرير الجديد إلى إزاله الالتباس حول كيفية"وصف انتقال مسبّبات الأمراض عبر الهواء، التي يمكن أن تنقل العدوى للبشر".
ووفق التقرير الصادر عن الوكالة المنشور الخميس، الذي طُوّر بالتعاون مع مئات العلماء ضمن مجموعة التشاور الفنية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، يمكن استخدام عبارة "الانتقال عبر الهواء" لوصف متى تصبح جزيئات الجهاز التنفسي المعدية محمولة بالهواء وتنتشر، ويمكن أن تندرج الفئات الفرعية "منقولة بالهواء" و"الترسب المباشر" تحت مظلة هذا المصطلح الشامل.
ويشير مصطلح "انتقال العدوى عبر الهواء" إلى أنه عندما تنطلق جزيئات الجهاز التنفسي المعدية في الهواء، عند السعال أو العطس، وتدخل الجهاز التنفسي لشخص آخر استنشقها، بحسب منظمة الصحة العالمية. وتشير الفئة الفرعية "الترسيب المباشر" إلى أنه عندما تنطلق جزيئات الجهاز التنفسي المعدية في الهواء وتهبط مباشرة على فم شخص آخر، أو أنفه، أو عينيه، ما قد يُسبّب العدوى.
قد تتضمّن عناصر التوصيف هذه جزيئات "من مجموعة من الأحجام" التي يمكن أن تنطلق عبر مسافات قصيرة وطويلة، وفق ما أفادت الوكالة بتقريرها. وهذا يعني أنه لا يوجد حد أدنى أو أقصى لحجم الجسيمات عند استخدام المصطلحات المحدثة.
وقالت لينسي مار، عالمة الهباء الجوي، والأستاذة في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، والعضو في المجموعة الاستشارية التي وضعت التقرير الجديد، لـCNN: "هذا التقرير مهم لأنه سيمكن من التواصل بشكل أفضل وأكثر وضوحًا مع الجمهور، حول انتقال مسبّبات الأمراض وكيفية الحد من مخاطر انتقال العدوى".
وفي حديثها مع CNN، قالت: "تسبب الفهم الخاطئ سابقًا، لانتقال الأمراض المعدية عبر الهواء سوء فهم كبير حول كيفية انتقال ’كوفيد-19‘، وكيف يمكن للناس حماية أنفسهم بشكل أفضل. كانت وكالات الصحة العامة مترددة في استخدام كلمة ’المحمولة جوا‘ بسبب اختلافات الفهم بين الخبراء حول ما يعنيه ذلك. آمل أن يسمح هذا التقرير للعاملين في مجال الصحة العامة باستخدام كلمة ’محمولة جوا‘ لأن هذه الكلمة هي أبسط وأوضح طريقة للشرح للشخص العادي كيف يمكن أن ينتقل المرض".
وورد في تقرير الصحة العالمية أنّ المصطلحات الجديدة لمسببات الأمراض المحمولة جوا تتوافق مع كيفية وصف الأمراض الأخرى، مثل "المنقولة بالماء" أو "المنقولة بالدم".
وجاء في التقرير: "يجب أن يُنظر إلى الأوصاف الواردة في هذه الوثيقة كنقطة انطلاق لمزيد من مراجعة الأدلة، والمناقشات العاجلة والتفصيلية، والأبحاث متعددة الاختصاصات مع التمويل المرتبط بها".
وأفاد جيريمي فارار، كبير العلماء لدى منظمة الصحة العالمية، في بيان مصوّر أنّ المصطلحات الواردة في التقرير الجديد يمكن أن تساعد العلماء من مختلف الاختصاصات على إيجاد توافق ووضوح لجهة وصف مسببات الأمراض المحمولة جواً.
وتابع:"ما تفعله هذه الوثيقة هو جمع الاختصاصات معًا، والحصول على اتفاق مشترك. عندما أقول ’الهباء الجوي‘، عندما أقول ’عبر الهواء‘، لا يهم إذا كنت مهندسًا، أو طبيبًا، أو ممرضة، أو شخصًا في مجال الصحة العامة. نحن نعلم أننا نعني الأمر عينه. هذا يغطي في الواقع العديد من التهابات الجهاز التنفسي التي تنتقل عبر الهواء. وأعتقد أن هذا أيضًا تاريخي".
وكان ثمة حاجة إلى مثل هذا الإجماع، في ذروة جائحة "كوفيد - 19".
"الكثير من الإخفاقات"
أثناء الجائحة، تم استخدام مصطلحات مختلفة بطرق مختلفة لوصف كيفية انتشار فيروس كورونا، مثل المحمولة جوًا أو انتقال بالهواء أو انتقال الهباء الجوي، ما تسبّب بالكثير من الإرباك.
وأفاد فارار: "يمكننا جميعًا أن نرى أن الاختصاصات المختلفة كانت تصف الأمور بطرق مختلفة. كان الأشخاص من مختلف الخبرات العلمية يستخدمون مصطلحات مختلفة، وبالتالي كانوا يتحدثون في بعض النواحي في ما بينهم عوض العمل معًا".
وفي الوقت ذاته تقريبًا، حثت مجموعة من العلماء منظمة الصحة العالمية على أن تكون أكثر صراحة بشأن احتمالية إصابة الناس بالفيروس من القطيرات العائمة في الهواء.
ورأى فارار أنه لو صدر تقرير منظمة الصحة العالمية الجديد قبل جائحة "كوفيد-19"، "لربما وصف مسؤولو الصحة العامة انتقال العدوى بأنه ’منتقل عبر الهواء‘ وأوصوا على الفور بارتداء أقنعة عالية الجودة، وشددوا على أهمية التهوئة الجيدة في الداخل، وقلّلوا من التركيز على التباعد الاجتماعي وغسل اليدين".
ويتناول التقرير الجديد مشكلة قالت الدكتورة جيسيكا جوستمان، أستاذة الطب في علم الأوبئة وخبيرة الأمراض المعدية بكلية فاجيلوس للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا، إنها احتارت عندما ظهر "كوفيد-19" لأول مرة، في ما إذا كان الهباء الجوي لفيروس كورونا أو لقطرات أكثر أهمية لجهة العدوى.
وأوضحت جوستمان، غير المشاركة في الدراسة الجديدة، أنّه "توجد جزيئات الجهاز التنفسي في سلسلة واسعة من الأحجام، لكن على مدى عقود، استخدمنا حدًا فاصلًا يتراوح بين 5 و10 ميكرون، وكل ما دون هذا الحد تعتبر الجزيئات هباءً، وفوقه قطرات".
وتابعت أنّ "هذا الاستخدام للحجم المقطوع لم يبد منطقيًا أبدًا بالنسبة لي، فالتقرير يوصي بأننا لم نعد نستخدم الحجم المقطوع، ويقترح عوض ذلك أن ننظر إليه على أنه سلسلة متصلة كما هي".
وقال ستيفن س. مورس، أستاذ علم الأوبئة بكلية ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا لـCNN، إنّ التقرير الجديد "يعد تحسّنَا"، لأنه يوضح إلى حد ما المصطلحات التي تم استخدامها لسنوات عديدة لوصف انتقال العدوى عبر الهواء والذي يشمل جزيئات أكبر وأصغر.
وأشار مورس غير المشارك في التقرير، إلى أن "بعض الوكالات والعلماء اعتقدوا خطأً أن انتشار (فيروس كورونا) كان فقط من خلال القطرات، التي لا تنتقل إلى مسافة بعيدة مثل الجزيئات الأصغر. لقد استغرق الأمر بعض الوقت كي ندرك أنّ كليهما يمكنهما تمكين العدوى. ربما ينطبق هذا على معظم فيروسات الجهاز التنفسي، وربما جميعها، رغم أن التفاصيل قد تختلف".
وخلص إلى أنه "كانت هناك إخفاقات كثيرة في التعامل مع الجائحة، وكان من المفيد الحصول على قدر أكبر من الوضوح، لكنني لا أعتقد أن ذلك كان سيحدث فرقًا كبيرًا بشكل عام. كان يمكن أن يساعد الناس على حماية أنفسهم بشكل أفضل، لكن لم تكن لدينا معدات الحماية الشخصية المناسبة المتاحة على أي حال".