كيف تُفكّر مثل الرياضيين الأولمبيين وتُنمّي "عقلية الفائزين"؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتدرّب الرياضيون الأولمبيون طوال حياتهم للوصول إلى هدفهم المتمثّل بالوقوف على منصة التتويج. لكنهم لا يكتفون بتقوية أجسامهم حدّ الكمال فحسب، بل إنهم يصقلون عقولهم أيضاً.
وقال عالم النفس، جيف براون، وهو أستاذ سريري مساعد بكلية الطب في جامعة هارفارد، ومؤلف مشارك في كتاب "دماغ الفائز: 8 استراتيجيات تستخدمها العقول العظيمة لتحقيق النجاح": " لا يتعلق دماغ الفائز بالحل السريع. عليك أن تُغذّي دماغك وتعتني به".
على سبيل المثال، يجب تغذيته بالدهون الجيّدة، مثل أحماض "أوميغا-3"، والحصول على قسط كاف من النوم لتعزيز الذاكرة والتعلّم.
لقد كان الرياضيون الأولمبيون تحت مجهر الباحثين لعقود من الزمن ووجدوا أنهم يشتركون في بعض السمات والعادات التي يمكن استخدامها لتطوير "عقلية الفائز".
التوتر كأمر إيجابي
قال عالم النفس الرياضي دان غولد، المدير السابق لمعهد دراسة الرياضة للشباب، إن العديد من الرياضيين الأولمبيين، لا سيما الناجحين منهم للغاية، ينظرون إلى التوتر على أنه تحدٍ وليس أمرًا يجب الخوف منه.
وفي شهر يناير/ كانون الثاني 1998، أوضحت دراسة شهيرة أن خطر الوفاة المبكرة ارتفع بنسبة 43% لدى الأشخاص الذين ينظرون إلى التوتر بشكل سلبي.
وكان خطر الوفاة لدى الأشخاص الذين ينظرون إلى التوتر كأمر إيجابي أقل من أي شخص آخر في الدراسة، حتى أدنى من الأشخاص الذين ذكروا أنهم تعرضوا لقدر ضئيل للغاية من الضغوطات النفسية.
تعلّم كيف تتخطّى المحن
قال غولد إن العديد من الرياضيين الأكثر صلابة ومرونة ذهنيًا لديهم تاريخ من التغلب على الشدائد في ماضيهم. ويمكن أن تكون هذه الشدائد عبارة عن صعوبات، أو مرض، أو حتى وفاة شخص عزيز.
وتابع: "من الصعب حقًا بناء المرونة الذهنية ما لم تتعرّض للتحدي بحياتك.. إذا قمت بحمايتك طوال حياتك، ولم أسمح لك أبدًا باكتشاف الأمور بنفسك، فلا بدّ أن تشعر بالتوتر عند مواجهة عقبة ما".
وأوضح غولد أنّ العلاقة بين الشدائد والأداء الذهني قوية للغاية. واليوم، يستخدم المدربون "تدريب الضغط" لمساعدة الرياضيين على الاستعداد للمنافسة.
وقال: "بإذن من الرياضي، يقوم المدرب بزيادة الضغط، كما لو أنني أعطيك مرض الخوف ثم أسمح للأجسام المضادة لديك بالتراكم نفسياً.. بعد ذلك، يضع المدرب الرياضي في مواقف أكثر تحديًا، حيث يحتاج إلى تحفيز تلك الأجسام المضادة".
التخلّص من الشكّ بالذات
لا مجال للشكّ في عقول الرياضيين الأولمبيين، وفقًا لغولد.
وقال: "يجب الإيمان بقدرتهم على الأداء الجيّد وخوض الحدث بثقة تامّة".
وأشار الخبراء إلى أن هناك عددًا من الأدوات التي يمكن للرياضيين، ومدربيهم، استخدامها لتطوير المرونة الذهنية، مثل الحديث الذاتي، والتخيّل، والتصوّر، واليقظة الذهنية.
تنظيم العواطف
قال غولد إن تنظيم العواطف لا يقلّ أهمية عن الاستعداد البدني أو العقلي.
وأضاف: "هناك مزيج مثالي من هذه العواطف يسمح بتقديم أفضل أداء لديك، ولكنك تحتاج إلى ضبطها عند الضرورة".
وأوضح غولد أنّ أحد الأساليب المجربة والحقيقية لتهدئة النفس ترتكز على التنفس العميق. ولكن، هناك أساليب أخرى يمكن أن تكون لها الفعالية ذاتها.
وأوضح أن بعض الرياضيين يضعون رباطًا مطاطيًا على معصمهم، ويضغطون عليه عندما يريدون إعادة تركيز أنفسهم.
تدرّب حتى يصبح الأمر روتينًا
غالبًا ما يكون لدى الرياضيين الأقوياء طقوسًا محددة قبل كلّ حدث، بحسب الخبراء.
ورأى غولد أنّ "الروتين مهم للغاية.. قد يقومون بالإحماء بالطريقة ذاتها، وقد يتخيّلون أنفسهم دومًا وهم يؤدون الحدث بشكل مثالي، حتى أنّ بعضهم يلقون النكات حتى 60 ثانية قبل الحدث".
وتابع: "الرياضيون الذين يقدّمون أداءً جيّدًا، لا سيّما تحت الضغط، يلتزمون بروتينهم.. أمّا الرياضيون الذين لا يقدمون أداءً جيدًا، لسبب ما، فهم يحيدون عن الالتزام بروتينهم".
حافظ على تركيزك
من المعروف أنّ اللاعبين المتفوقين لا يتحمّلون تشتيت انتباههم عندما يحين وقت الحدث الكبير.
وقال غولد: "يجب أن يكون الرياضيون مستعدين لمواجهة المشتتات مثل ضجيج الجماهير، أو ضحك شخص ما.. نقوم بإدخال المشتتات أثناء التدريب، مثل الضوضاء الصاخبة المجنونة عبر مكبّرات الصوت، لمساعدتهم على الحفاظ على تركيزهم وتنظيم عواطفهم".