3 مؤشرات حيوية تتوقع خطر إصابة النساء بأمراض القلب بالمستقبل..ما هي؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يمنح قياس النساء في منتصف العمر لثلاثة مؤشرات حيوية في الدم، صورة أوضح حول خطر تعرّضهنّ لأحداث القلب والأوعية الدموية الكبرى مثل النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وذلك قبل عقود من الزمن، وفق ما توصّلت إليه دراسة جديدة.
عندما يتعلق الأمر بمخاوف النساء بشأن صحتهنّ، فإنّ أمراض القلب لا تتصدّر عادة القائمة، لكن ربما يجب تغيير ذلك.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، فإنّ أمراض القلب تعتبر القاتل رقم 1 للنساء في الولايات المتحدة. ففي عام 2021، كانت مسؤولة عن وفاة أكثر من 310.000 امرأة، أي واحدة من كل 5 حالات وفاة للنساء.
ووجدت الأبحاث أن حوالي 80٪ من النساء بين الـ40 والـ60 عامًا من عمرهنّ يعشن مع عامل خطر واحد بالحد الأدنى لمرض الشريان التاجي، لكن حوالي نصف عدد النساء فقط يدركن أن أمراض القلب تشكّل أكبر خطر صحي لهنّ.
ورأى الخبراء أنّ وجود مقاييس أفضل للمخاطر في وقت مبكر من الحياة، قد يساعد النساء على اتخاذ خطوات حاسمة لتحسين صحتهن قبل فوات الأوان.
قراءة مختلفة لاختبارات شائعة
الاختبارات التي اعتمدتها الدراسة ليست جديدة. وأوضح مؤلف الدراسة الدكتور بول ريدكر، مدير مركز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريغهام والنساء أن "هذه الاختبارات متاحة على نطاق واسع وشائعة". وأضاف أنها غير مكلفة، إذ تتراوح أسعارها بين 10 و12 دولارًا لكل اختبار.
وجدت الدراسة أن نتائج الاختبارات الثلاثة هذه، يمكن أن تتنبأ بمخاطر القلب والأوعية الدموية لدى النساء الأصحاء على ما يبدو، قبل 30 عامًا من تعرّضهنّ لحدث قلبي وعائي كبير مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
ووصف ريدكر هذا الاكتشاف بالمذهل، "لأنه يخبرنا أن العملية التي تؤدي إلى مرض تصلب الشرايين لدى هؤلاء الشابات تبدأ في وقت مبكر جدًا من الحياة".
وفي الدراسة المموّلة من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، المنشورة في مجلة نيو إنغلاند الطبية السبت، وتمّ تقديمها بمؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في العاصمة البريطانية لندن، تابع ريدكر وزملاؤه قرابة 40 ألف امرأة لمدة 30 عامًا، بدءًا من أوائل التسعينيات.
وشارك في الدراسة متخصصات في مجال الصحة. وكان متوسّط أعمارهنّ في بداية الدراسة 55 عامًا، لكنّ بعضهنّ كنّ في الأربعينيات من عمرهنّ. وكان معدّل واحدة من كل أربعة منهنّ لديها إصابة بارتفاع ضغط الدم، وواحدة من كل ثمانية مدخنة حاليًا. وكان لدى قرابة 3% منهنّ تاريخ من مرض السكري، وكان لدى حوالي 14% منهن أب واحد بالحد الأدنى أصيب بنوبة قلبية قبل سن الـ65 عامًا.
في بداية الدراسة، وافقت حوالي 28000 امرأة على تقديم عينات دم. استخدم الباحثون هذه العينات لقياس ثلاثة مؤشرات حيوية:
- البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، المعروف باسم الكوليسترول السيئ؛
- البروتين التفاعلي سي عالي الحساسية (CRP)؛
- البروتين الدهني (أ)، أو LP (أ).
"انفجار بيولوجي"
تؤثر هذه العوامل الثلاثة على مخاطر القلب والأوعية الدموية بطرق مختلفة.
يساهم الكوليسترول LDL بتراكم الدهون في الشرايين وكان لفترة طويلة مقياسًا كلاسيكيًا لمخاطر القلب.
أما البروتين التفاعلي سي عالي الحساسية هو أحدث ما توصل إليه العلم. وهو جزء من استجابة الجهاز المناعي للكوليسترول، ووسيلة يستخدمها الباحثون لقياس الالتهاب المتصاعد في الأوعية الدموية، وهو ما لا يستطيع الشخص الشعور به.
عندما يبدأ الكوليسترول بالتراكم في الشرايين، فإنه يشكل بلورات. ويرى الجهاز المناعي البلورات على أنها غريبة، ويبدأ بالاستجابة لإزالتها. وفي هذه العملية، يتم إنتاج البروتين التفاعلي سي عالي الحساسية.
ويمكن لدهون LP(a)، أن تتراكم في الأوعية الدموية وتشكل لويحات تسدّ الشرايين، على غرار الكوليسترول LDL. ويُعتبر خطر إصابة الشخص بمستوى مرتفع من LP(a) وراثي إلى حد كبير، إذ أن حوالي 1 من كل 5 أشخاص في جميع أنحاء العالم لديهم مستوى مرتفع من LP(a) لكنهم قد لا يعرفون ذلك بسبب غدم وجود أعراض. ويمكن لأي شخص عيش نمط حياة صحي، ويكون مستوى الكوليسترول طبيعيًا ومع ذلك يصاب بانسداد شرياني رئيسي بسبب LP(a).
في العيادة، يدرس الأطباء ويقيسون كل من هذه المؤشرات الحيوية بشكل مستقل.
وقال ريدكر: "لكنها ليست مستقلة عن بعضها البعض من حيث ’الانفجار البيولوجي‘ الذي تتسبب به".
وأوضحت الدكتورة ليزلي تشو، مديرة مركز أمراض القلب والأوعية الدموية للنساء في عيادة كليفلاند، غير المشاركة في البحث، أن هذه نقطة قوة رئيسية لهذه الدراسة، مشيرة إلى "أنّ التأثير التراكمي لعوامل الخطر مثير للاهتمام للغاية وقوي جدًا".
ارتفاع المؤشرات يعني مخاطر أكبر
في نهاية فترة الدراسة، أراد الباحثون معرفة عدد المشاركات اللواتي تعرضن لحدث قلبي وعائي رئيسي: مثل نوبة قلبية،و سكتة دماغية، وإجراء لفتح شريان بالقرب من القلب، أو الوفاة بسبب حدث قلبي وعائي. شهدت النساء في الدراسة نحو 3600 حدث قلبي وعائي رئيسي أولي.
ثم قسم الباحثون المشاركات إلى خمسة مجموعات متساوية تقريبًا تسمى خُمسيات، وفقًا لمستويات كل مؤشر حيوي، وقارنوا خطر الأحداث القلبية الوعائية الرئيسية بين من هم في الخُمس الأعلى والخُمس الأدنى.
وجدوا أنّ المؤشرات الحيوية الثلاثة كانت مرتبطة بشكل فردي بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويبدو أن الالتهاب هو المحرك الأقوى.
- كانت النساء اللواتي لديهن أعلى مستويات من البروتين الدهني التفاعلي عالي الحساسية (أكثر من 5.18 مليغرامات/ لتر)، أكثر عرضة بنسبة 70% للإصابة بحالة صحية بالقلب ممّن لديهن مستوى أدنى.
- النساء اللواتي لديهن أعلى مستويات من البروتين الدهني منخفض الكثافة (أكثر من 151 مليغرامًا/ ديسيلتر) أكثر عرضة بنسبة 36% للإصابة بحالة صحبة بالقلب.
- النساء اللواتي لديهن أعلى مستويات من LP(a) (أكثر من 44 مليغرامًا/ ديسيلتر) أكثر عرضة بنسبة 33% للإصابة بحالة صحية بالقلب.
كانت التأثيرات أقوى عندما تم النظر في المؤشرات الحيوية الثلاثة معًا. وبالمقارنة مع من لم يكن لديهنّ مستويات عالية في أي من هذه المؤشرات الحيوية الثلاثة، كانت النساء اللواتي سٌجّل لديهن مستويات عالية من الثلاثة أكثر عرضة بثلاث مرات تقريبًا للإصابة بحالة صحية بالقلب وأكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بنحو أربع مرات.
وقال ريدكر "نستمر في التشخيص غير الكافي والعلاج غير الكافي للنساء مقارنة بالرجال"، مضيفًا أن إحدى الرسائل الرئيسية للدراسة تتمثل بأنه يجب تحديد النساء في منتصف العمر المعرضات لمخاطر مرتفعة وعلاجهن في وقت مبكر.
وخلص إلى أنه "لماذا نبدأ بإعطاء الستاتينات للنساء في سن الـ65 عامًا بينما نبدأ بإعطاءها للرجال في سن الـ50 عامًا؟".
وأردف أنه يأمل بأن تساهم الدراسة في تثقيف الأطباء حول أهمية طلب هذه الاختبارات. وأضاف: "أود شخصياً أن أرى فحصاً شاملاً لهذه المؤشرات الثلاثة".