تعرية المومياوات المصرية تكشف أسرارا مهمة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)- قد تكون الرغبة في تعرية المومياء قوية.. ولكن، في القرن التاسع عشر، لم يفكر العلماء المصريون مرتين قبل تمزيق أقمشة المومياء.. ولم يتمكن رمسيس العظيم من تجنب مهانة تعريته أمام جمهور من المتفرجين الفضوليين.
أما حالياً، فتطورت معرفة الخبراء أكثر في هذا المجال.
وقال منسق الأنثروبولوجيا الفيزيائية في المتحف البريطاني في العاصمة البريطانية لندن، الدكتور دانيال انطوان: "بالتأكيد، إنها عملية ضارة، وتسبب بفقدان الكثير من المعلومات وتعكر صفو المومياء ذاتها. كما أن الأمر لم يعد ضرورياَ بسبب التقدم في التكنولوجيا."
وبقيت مجموعة التوابيت التابعة للمعهد بلا توزيع لأكثر من 200 عاماً. وقرر الباحثون هذا العام، إلقاء نظرة مرة أخرى على المومياءات، باستخدام المسح الضوئي بالأشعة المقطعية، في مستشفى "رويال برومبتون" إحدى المستشفيات الأكثر تقدما في لندن.
وتم وصل البيانات التي جمعها من صور الاشعة المقطعية في برنامج التصميم الثلاثي الأبعاد، المستخدم من قبل شركات السيارات لتحليل المحركات. وقدمت التكنولوجيا صورة أوضح حتى الآن، عما كانت عليه الحياة على طول نهر النيل منذ 2500 سنة.
وأوضح أنطوان أن "الباحثين يمكن أن يقولوا للبرنامج ما هي أجزاء الضمادات، والعظام والجلد، ويمكنك قشرها بعيداً عن تلك الطبقات. كما يمكن إزالة الضمادات عمليا لإلقاء نظرة أقرب على الجسم وأي تمائم تغطيه، ثم إزالة الجلد لإلقاء نظرة على العظام وأية أعضاء تم الاحتفاظ بها،" مضيفاً أن "هذا يعني قدرتنا على رؤية أكثر بكثير من السابق."
وستعرض ثمان مومياءات من بين تلك التي خضعت للمسح الضوئي بالأشعة المقطعية، في المتحف البريطاني بدءاً من 22 مايو/أيار. أما نجمة المعرض فهي بلا شك تاموت، وهي كاهنة ومغنية المعبد والتي توفيت في منطقة الأقصر المصرية حوالي 900 عام قبل الميلاد."
وسمح التصوير بالأشعة المقطعية للباحثين بإكتشاف العديد من الأمور حول تاموت. ومن خلال تحليل عظام حوضها، تمكن العلماء من معرفة متوسط عمرها، (بين الـ30 والـ 50 عاما). ووجد العلماء بعد تفحص شرايينها، سبباً محتملاً لموتها، من خلال تراكم المواد الدهنية التي قد تكون تسبب بنوبة قلبية أو سكتة دماغية .
واستطاع فريق الباحثين أيضاً رؤية التمائم التي تم وضعها حول جثتها (وخضع العديد منها للطباعة الثلاثية الأبعاد، باستخدام بيانات التصوير بالأشعة المقطعية."
وأشار أنطوان إلى أن فريقه "تمكن من تمييز النقوش على بعض التمائم، بما في ذلك عين حورس التي غطيت شق استخدم لإزالة الأعضاء الداخلية،" موضحاً أن "عين حورس لديها خصائص علاجية، ويمكن أن تستخدم لتضميد الجراح في الآخرة."
الرجل ذو الأسنان السيئة
وكشف المسح بالأشعة المقطعية أيضاُ عن مفاجآت أخرى من المومياءات في المتحف البريطاني. وتعرف العلماء على الرجل ذو الأسنان السيئة والذي وجد في تابوت مخصص للنساء. وأظهر المسح الضوئي بالأشعة المقطعية أن الرجل توفي حوالي 600 عام قبل الميلاد، وأنه ربما عاني آلاما رهيبة في حياته بسبب وجود عدد كبير من خراجات الأسنان.
وفي هذا السياق، قال أنطوان: "لقد وجدنا أن الكثير من المومياءات تعاني مشاكل صحية سيئة مرتبطة بالأسنان، وتحديدا تسوس الأسنان والعديد من الخراجات التي تسببها العدوى التي تنتشر في مجرى الدم".
أما الرجل المجهول فهو عينة فريدة من نوعها، وقدم دليل إضافي على وظيفة التحنيط الفاشلة. وأظهر المشح الضوئي بالأشعة المقطعية وجود جزئين من الدماغ داخل جمجمته، وجزء من الملعقة التي استخدمت لإزالته.