آلهة الشمس..هل وجدت مكاناً لها في البتراء؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تركت القليل من الحضارات القديمة بصمة معمارية لا تمحى، تماماً كما فعل الأنباط في البتراء، جنوب الأردن.
فقد نحتت تلك الحضارة في الصخور القاسية المعابد المهيبة، وغرف الدفن والمنازل التي ما تزال قائمة، منذ حوالي 2300 عام.
ومن المنطقي، أن توفر الآثار المتناثرة في جميع أنحاء منتزه بترا الأثري الذي تبلغ مساحتة 2.8 مليون قدم مربع، الكثير من المعلومات للمؤرخين حول الثقافات القديمة.
وفي الواقع، وبطريقة مستغربة فإن ما يعرف عن الحياة النبطية القديمة وتقاليدها يعتبر قليلاً جداً، خصوصاً أن ما يقدر بـ85 في المائة من المساحة، لم يتم حفرها من قبل، فضلاً عن أن ما ذكر في السجلات المكتوبة ليس كثيراً.
وقالت الأستاذة المشاركة في قسم الأنثروبولوجيا في جامعة "إيست كارولينا" والتي تشارك برئاسة مشروع بترا الشمالية ميغان بيري: "لا أعتقد أننا نفهم حقاً ما أهمية حقيقة بعض هذه الهياكل."
وفي الآونة الأخيرة، سعى فريق من العلماء لكسب بعض التبصر في وظيفة هذه الهياكل القديمة الخاصة عن طريق قياس الظواهر السماوية. وأشارت النتائج التي توصلوا إليها، والتي نشرت في مجلة "نيكسوس نتوورك" إلى أن الأنباط بنوا عن قصد غالبية الهياكل المقدسة في البتراء لتسليط الضوء على ظواهر الطقس، بما في ذلك فصلي الصيف والشتاء والانقلاب الشمسي والاعتدال الحراري .
ولاحظ المشرف على الدراسة في معهد الفيزياء الفلكية في جزر الكناري، خوان انطونيو بيلمونت، أن التأثيرات مذهلة خصوصاً فيما يعرف باسم الدير، وهو واحد من مناطق الجذب الأكثر زيارة من قبل السياح في البتراء.
وأضاف بيلمونت أن "الإضاءة مذهلة، ويعكس غروب الشمس من خلال البوابة الضوء على المناطق المقدسة في الداخل العميق،" موضحاً أن "بصرف النظر عن جمالية الموقع، فإن التأثيرات التي يمكن ملاحظتها فقط خلال أسبوع أو أكثر بعد الانقلاب الشتوي، تقدم أيضا معلومات عن الهدف من المبنى."
وفي الواقع، كان هناك الكثير من النقاش في مجتمع علم الآثار لتحديد وظيفة دقيقة للدير. لماذا تم بناؤه؟ هل كان عبارة عن قبر أو هيكل؟ ولم يكن هناك أي إجابات واضحة قبل إجراء دراسة بيلمونت.
وأوضح بيلمونت أنه "بسبب هذا التوافق، من الواضح الآن أنه كان بالتأكيد معبد ذو طابع ديني،" مضيفاً أن "هذا يمكن أن يساعدنا على فهم المعتقدات الدينية للأنباط، وأيضا الأسلوب الذي تم اعتماده للسيطرة على الوقت، ويبين أهمية رصد التقويم القمري عن طريق الملاحظة الشمسية والقمرية. ونحن حقا نعثر على الكثير من المرافق في هذا النوع من القياسات."
أما بيري، والتي لم تشارك في الدراسة، فقالت إن النتائج قد تبدو معقولة، لافتة إلى عدم اقتناعها تماماً بالمنهجية المستخدمة.
وأوضحت بيري: "أعتقد أن فكرة قيام الأنباط بذلك، ليست مستغربة في الواقع، بل تتلاءم مع جوانب دينية أخرى، واحتمال فهم المكان والفضاء."
وقد أمضت بيري الكثير من الوقت في دراسة تخطيط المعالم الأثرية في البتراء بحثاً عن أدلة حول ما إذا كانت المدينة قد بنيت بطريقة طبيعية أو كما اقترح بيلمونت، كان مخططاً لها.
ولاحظت بيري أن "المقابر بنيت على التضاريس الطبيعية، ولا شيء من حيث تصميمها يقترح وجود أي رابط مع توجه الطاقة الشمسية، خصوصاً أنها ليست لديها الوجهة ذاتها، ولكنها تحيط بالمدينة، وتواجع عدداً لا حصر له من الاتجاهات."
وفي المقابل، قال بيلمونت والذي عمد إلى قياس اتساق أكثر من 30 موقعاً نبطياً، سواء في البتراء أو في مواقع أخرى في جميع أنحاء الأردن وإسرائيل، إن قياساته متسقة جدا بحيث يستحيل أن تكون مجرد مصادفة.