"ليست لدينا حرية".. إليك وجوه ضحايا العبودية الحديثة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وسط غطاء كثيف من الغبار، تقوم المصورة ليسا كريستين بتسليط عدسة كاميرتها على الرجال، والنساء، وحتّى الأطفال الذين يعملون لـ16 ساعة متواصلة يومياً في أفران القرميد في الهند. ويعمل هؤلاء الأشخاص في ظروف قاسية ودرجات حرارة عالية إلى درجة أن الكاميرا بيد المصورة توقفت عن العمل تماماً.
وتُعد أفران القرميد في الهند واحدة من الأماكن العديدة التي سافرت إليها المصورة ليسا كريستين حول العالم من أجل مهمتها، وهي توعية المجتمع حول العبودية، والتي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا.
ومثل العديد من الأشخاص، لم تكن كريستين على دراية بأن العبودية لا تزال موجودة، إذ أنها علمت عن الأمر لأول مرة في قمة فانكوفر للسلام عام 2009، عندما قابلت أحد مؤيدي منظمة "Free the Slaves"، وهي منظمة غير حكومية مكرسة للقضاء على العبودية الحديثة.
وفي حديثها مع موقع CNN بالعربية، قالت كريستين: "بعد تحدثنا، كنت غاضبة جداً، وكنت بصراحة مليئة بالخجل، لعدم معرفتي بقساوة العبودية في عالمنا اليوم".
ومن هناك، بدأت رحلتها في الخطوط الأمامية للتوعية بشأن هذه القضية في جميع أنحاء العالم، من أفران الطوب في آسيا، إلى أعماق مناجم الذهب غير القانونية في أفريقيا.
من آسيا إلى أفريقيا.. هكذا تبدو العبودية الحديثة
وفي البداية، كانت كريستين توثق الثقافات الأصلية حول العالم، وكل ما هو جميل، إلا أن أعمالها تحولت إلى شكل من أشكال النشاط مع مرور الوقت، ويتبين ذلك خلال مشروع "العبودية الحديثة" (Modern Day Slavery) الخاص بها.
ويوجد هناك قرابة 41 مليون شخص يُجبرون على العمل في صناعة غير قانونية، وفقاً لما قالته كريستين، ورغم كون العبودية محظورة في جميع الدول، إلا أن المجرمين يكسبون 150 مليار دولار سنوياً من المستعبدين.
ورأت المصورة العبودية الحديثة وجهاً لوجه لأول مرة في أفران القرميد الموجودة في نيبال والهند.
وفي هذه الصناعة، يعمل الرجال، والنساء، والأطفال، وعائلات بأكملها على تكديس القرميد على رؤوسهم.
وقد يقوم الأفراد بوضع 18 قطعة من القرميد على رؤوسهم كل مرة، ما يشكل وزناً ثقيلاً، إذ يصل وزن كل قطعة إلى كيلو ونصف، وفقاً للمصورة.
ويعمل الأفراد في بيئة تصل درجة حرارتها إلى 120 درجة، وقالت كريستين: "لم تكن هناك استراحات للطعام، أو تناول الماء، أو فترات استراحة لاستخدام الحمام.. وكانت درجة الحرارة والغبار شديدة جداً إلى درجة أن كاميرتي أصبحت ساخنة جداً، وتوقفت عن العمل".
وفي جبال الهيمالايا، تعرفت المصورة إلى الأطفال الذين يقطعون أميالاً من التضاريس الجبلية المنحدرة وهم يحملون ألواح صخرية كانت أثقل من أجسادهم الصغيرة.
وفي نيبال، قابلت كريستين نساء، وفتيات، وفتيان يتم اختطافهم من قراهم الجبلية للعمل في الاستعباد الجنسي.
وخلال مهمتها، وصلت كريستين إلى بحيرة "فولتا" في غانا، حيث يُجبر الأطفال على العمل لساعات طويلة في قوارب لصيد السمك، مع أنهم لا يستطيعون السباحة.
أشخاص حقيقيون يستحقون الكرامة والاحترام
وتؤكد كريستين أنه لا يمر يوم بدون أن تفكر بالأشخاص الذين قابلتهم خلال مهمتها في تسليط الضوء على العبودية الحديثة، فقالت: "أولئك الأشخاص الجميلين الذين يتعرضون لسوء المعاملة، إنهم أبطالي".
ومن الصور التي التقطتها كريستين، والتي أثرت بها بشكل كبير، هي صورة لفتى يُدعى كوفي من غانا.
وقابلت المصورة هذا الطفل في ملجأ يُعيد تأهيل الأطفال الذين تم إنقاذهم من قرى الصيد في بحيرة "فولتا".
ورغم أن الملجأ يقوم بإعادة تعريف الأطفال إلى معنى اللعب، إذ أنهم نسوا هذا المعنى بسبب العبودية، إلا أن كوفي لم ينس كيفية اللعب والاستمتاع بوقته.
وقالت المصورة: "كانت (ضحكته) معدية، وكان يجعلنا جميعاً نضحك".
وعندما بدأت كريستين بالعمل على مكافحة العبودية الحديثة قبل أكثر من عقد من الزمن، لم تتمكن العديد من المنظمات من الحصول على التمويل بسبب قلة الأشخاص الذين يعلمون بوجود العبودية.
ولكن، في عام 2014، تمت دعوة المصورة إلى الفاتيكان لمشاهدة البابا فرانسيس وغيره من الزعماء الدينيين وهم يوقعون على قرار لإنهاء العبودية، كما أنها تأثرت بالاهتمام الذي حظيت به حركة مكافحة الاتجار بالبشر أثناء حديثها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك العام الماضي.
ولذلك، قالت كريستين: "لا يزال الطريق طويل، ولكن هذه الأحداث تلهمني. ولا يزال هناك حاجة إلى التوعية، إذ ليس لدى غالبية الأشخاص الذين أتحدث إليهم فكرة عن مدى خطورة هذه القضية".