بين الواقع والخيال..مصورة تستكشف تمرد الفتيات المراهقات بعالمهن الخاص

نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في أواخر التسعينات، تخيلت المصورة الأمريكية جوستين كورلاند الفتيات الهاربات يتجولن بين المناظر الطبيعية في أمريكا، ويجتمعن في الغابات والحقول المفتوحة. وبدلاً من مواجهة الخطر، ستخلق هذه الأرواح الضالة عالمها الخيالي في الغابة، حيث يمكن للفتيات وضع قواعدهن الخاصة.

محتوى إعلاني
تسود السلسلة أفكار عن الحرية والانتماء عندما تشكل الفتيات مجتمعهن الخاص Credit: Justine Kurland
محتوى إعلاني

ووُضعت صور كورلاند، التي التقطت بين عامي 1997و2002، في كتاب جديد يحمل عنوان "صور الفتيات".

وتعد الصور بمثابة لمحة عن الحنين إلى الماضي، عندما كانت الفتيات في ذلك الوقت يرتدين سراويل الجينز واسعة الساق الممزقة وقلادات أسنان سمك القرش. وتتمحور مواضيع الصور حول التحدي، وتحقيق الذات، والجنس الأنثوي.

بدأت كورلاند سلسلة "صور الفتيات" عام 1997 عندما كانت طالبة دراسات عليا في جامعة ييل. وفي البداية ركزت على مفهوم الفتاة الهاربة، ولكنها سرعان ما اتخذت فكرة اجتماع الفتياتCredit: Justine Kurland

وخلال السنوات الأخيرة، استمرت هذه المواضيع في الظهور بأعمال المصورات الفوتوغرافيات مع إلقاء نظرة جريئة على الأنثى.

وقالت كورلاند إنه كانت لديها الرغبة في صنع عالم يعكس التضامن النسوي المثالي بين المراهقات.

وخلال الأعوام التي تلت سلسة الصور هذه، حولت كورلاند عدسة الكاميرا الخاصة بها إلى الموضوعات التي لا تزال تنبع من وحي السلسلة، مثل المجتمع، والهوية الأنثوية، والاستكشاف، والمناظر الطبيعية الريفية الأمريكية. 

على الرغم من أن المواقع تبقى غامضة، فقد أصبح الغرب الأمريكي والتاريخ الرومانسي الطويل لرحلات الطريق بمثابة ركيزة أساسية بأعمال كورلاندCredit: Justine Kurland

وتدمج جميع أعمال كورلاند الخطوط بين الواقع والخيال، إذ غالباً ما تبدو المشاهد المنظّمة وكأنها صور وثائقية.

ويعود الفضل في ذلك إلى دراسة كورلاند، إذ تتلمذت على يد المصورين جريجوري كرودسون وفيليب لورسيا ديكورسيا، أثناء حصولها على درجة الماجستير في جامعة ييل، وكلاهما يستخدمان لغة السينما لصنع اللقطات السردية.

على الرغم من أن المشاهد منظّمة، إلا أن لقطات كورلاند يمكن أن تبدو وكأنها تصوير وثائقي، لتوحد الخط الفاصل بين الخيال والواقعCredit: Justine Kurland

وتذكرت كورلاند قائلة: "عندما عرضت العمل لأول مرة في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان هناك الكثير من المحادثات حول التصوير الفوتوغرافي المعاصر المتداخل بين الحقيقة والخيال".

وعلى الرغم من تطور ممارستها على مر السنين، إلا أن الأفكار الأساسية في أعمال كورلاند لم تتغير.

مجموعات من الفتيات المتجولات 

وبدأت فكرة سلسلة "صور الفتيات" خلال الصيف بين الفصول الدراسية في الجامعة، عندما كانت كورلاند تواعد رجلًا لديه ابنة تبلغ من العمر 15 عاماً، وتدعى أليسم، أرسلت للعيش مع والدها في مدينة نيويورك بسبب سلوكها المتمرد.

وهكذا صورت كورلاند بمساعدة أليسم قصة فتاة هاربة.

هنا الفتيات تسيطر على المجتمع الخاص بهن، حيث يقمن باستفزاز الأولاد الدخلاء على عالمهنCredit: Justine Kurland

وبدأ توثيق المشروع في المدينة، بالتقاط الصور لأليسم وفتيات أخريات يدخّن في الملاعب، أو يتسلقن الأشجار على طول الطريق السريع. وعندها وسعت كورلاند حدود منطقة التصوير، وبدأًت بشمال شرق الولايات المتحدة ثم غرباً، وأصبحت السلسلة تدور أكثر حول المناظر الطبيعية المنعزلة حيث تجد شخصياتها من الفتيات المتمردات إحساساً جديداً بالانتماء.

وفي الملاذ التي تتصوره كورلاند، تستكشف مجموعة الفتيات جداول الماء حافيات القدمين، ويقمن بالتخييم داخل السيارات المتهالكة، والشواء في الهواء الطلق، والاستلقاء في الحقول الثلجية.  

وكغيرها من العديد من المصورين قبلها، أصبحت مناظر الغرب الأمريكي خلفيةً لسلسلة كورلاند. وقد نشأ شغف كورلاند الأولي للتصوير الفوتوغرافي من خلال لقطات الرحالة المتجولين، مشيرةً إلى عمل المصور السويسري روبرت فرانك الذي يحمل عنوان  "The Americans".

واليوم، أصبحت الفتيات في سلسلة كورلاند نساءاً وأمهات. وقد بقيت المصورة على اتصال ببعضهن والبعض الآخر قمن بالتواصل معها عبر وسائل الإعلام التي غطت معرضها الذي أقيم بمعرض "Mitchell-Innes & Nash" في نيويورك عام 2018. 

وعندما تسترجع كورلاند ذكرياتها مع الفتيات في صورها، تقول إن الذكريات الأكثر متعة ليست خلال أوقات التصوير، وإنما خلال اللحظات التي تسبق ذلك، أي خلال رحلات التنقل بالسيارة إلى موقع التصوير، حينها تكون طاقة الفتيات لا حدود لها.

نشر
محتوى إعلاني