"مارد من رماد"..ما قصة هذا المجسم العملاق الذي يقف في قلب مرفأ بيروت؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مضى عام على انفجار مرفأ بيروت، إلا أن ما خلفته الكارثة من آلام ودمار بقي عالقًا في الأذهان.
واليوم، في قلب مرفأ بيروت يقف مجسم حديدي عملاق على أطلال الدمار، حاملاً الألم مع الأمل.
وفي مقابلة عن بعد، يشرح المهندس المعماري والفنان اللبناني نديم كرم، صاحب فكرة مشروع "مارد من رماد"، لموقع CNN بالعربية أنه أراد أن يقدم عملًا يجسد الألم الذي خلفه انفجار بيروت والأمل الذي يظهر قوة إرادة الشعب اللبناني من أجل الحياة والوصول إلى الحقيقة.
وبدأ مشروع "مارد من رماد" منذ نحو 9 أشهر من تاريخ الانفجار أو "الجريمة ضد الإنسانية" في بيروت بتاريخ 4 أغسطس/ آب 2020 على حد تعبير كرم.
وبعد أن شاهد شباب بيروت يقومون بتنظيف الطرق والساحات، حينها خطرت لكرم فكرة أنه يمكن للجميع أن يشارك في إعادة بناء المدينة، كلٌ حسب اختصاصه واستطاعته.
ومنذ ذلك الحين، شرع كرم في تحويل المبادرة إلى واقع بالاجتماع مع الأصدقاء والاختصاصين وأصحاب الكفاءات على قلب رجل واحد من أجل تقديم عمل يكرم من خلاله بيروت.
ويقول كرم: "من هنا جاءت فكرة The Gesture أو مارد من رماد والتي تتمثل في تحويل الركام والرماد وآثار الانفجار إلى عمل فني خلاق"، مضيفًا "لقد أخذنا الرماد وخلقنا منه ماردًا، والذي يجسد من ناحية الألم من خلال بقايا الانفجار ومن ناحية أخرى يجسد إرادة الشعب اللبناني للحياة وللوصول إلى الحقيقة والعدل من خلال نهوضه كمارد".
ويشرح كرم أن هيئة مجسم المارد، الذي يبلغ ارتفاعه 25 مترًا وبوزن 30 طنًا، تجسد شخصًا يمد يده ويخرج منها المياه والتي تجسد الحياة ويجلس فوقها مجسم صغير لطائر يأمل في أن يحلق، أما من رأس المارد فيخرج منه ما يشبه الضباب، الذي يجسد الضيق من الوضع السياسي.
ويؤكد كرم على أن المشروع بعيد كل البعد عن السياسة، موضحًا أنه مشروع فني ثقافي اجتمعت فيه جهود كبيرة للتذكير بما حدث وليكون بمثابة تكريم للضحايا الذين سقطوا جراء هذه الفاجعة.
وعلى الرغم من الهدف الذي تسعى إليه هذه المبادرة، إلا أنها لقيت ردود أفعال سلبية من قبل بعض اللبنانين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويشرح كرم أن هناك غضب في الشارع اللبناني، وهو أمر يتفهمه كما أنه يحترم الانتقدات الفنية البناءه حول العمل الفني فكل شخص يملك وجهة نظر في التعبير عن رأيه، إلا أن هناك من يحاول أن ينسب له تهمًا تتعلق بموضع أخر وهو ما نعته بالكذب والافتراء، حسبما ذكره.
واستغرق إنجاز مجسم مارد من رماد نحو 9 أشهر، بعدما تمكن كرم من الحصول على موافقة إدارة مرفأ بيروت، ويصف كرم تلك المرحلة بالصعبة إذ لم يكن هناك مساعدة من قبل جهات سياسية، بعد ذلك، استغرق رسم المجسم مدة شهر، إذ شملت العملية مسح المجسم لتبقى الصورة ذاتها من آثار الإنفجار.
أما بالنسبة إلى ردود أفعال أهالي ضحايا انجار بيروت، فيشير كرم إلى أنها كانت أكثر من إيجابية خلال حفل افتتاح النصب التذكاري داخل مرفأ بيروت الذي أقيم الاثنين بتاريخ 2 أغسطس/ آب 2021 ، حيث تواجد كذلك فوج الإطفاء.
ولا يخفي كرم المشاعر التي انتابته خلال الحفل، وسط وجود أهالي الضحايا الذين حرصوا على الحضور، بالإضافة إلى كلمة ممثل أهالي الضحايا نزيه العضم، الذي طالب خلالها بالوصول إلى الحقيقة والعدالة.
وبالنسبة إلى كرم، عندما يتأمل في المجسم العملاق، يرى الدمار واليأس والحزن الألم ولكنه يرى كذلك الإرادة والأمل التطلع للأمام والوصول إلى الحقيقة.