من إلغاء العروض إلى قطع العلاقات.. هكذا رد عالم الفن على الغزو الروسي لأوكرانيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ستائر مسارح أُسدلت، ومعارض فنية توقفت، وفنانون استُبدلوا.. هكذا أتى رد المسؤولين الثقافيين الرئيسيين حول العالم، ومن داخل روسيا حتى، على غزو أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي، فأُلغيت عروض وتعرضت مؤسّساتها الفنية لضغوط.
حتى الآن، فرّ نحو مليون لاجئ من أوكرانيا، فيما يواصل الكرملين هجومه على المدن الأكثر اكتظاظًا بالسكان، ضمنًا العاصمة كييف.
وفي الوقت الذي فُرضت عقوبات تهدف إلى شل الاقتصاد الروسي، يتم راهنًا تقليص النفوذ الثقافي للبلاد.
فلن تشارك روسيا بعد الآن في الأحداث الدولية الكبرى مثل بيينالي البندقية، والمسابقة الموسيقية المتلفزة، Eurovision. كما ألغى فنانون وممثلون، مثل إيغي بوب وفرانز فرديناند، عروضًا مرتقب إحياؤها في روسيا، في حين نُبذ من أعربوا عن دعمهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي ألمانيا، طُرد فاليري غيرجيف، المايسترو الروسي قائد أوركسترا ميونخ الفيلهارمونية، لرفضه إدانة الحرب أو بوتين، الذي تربطه به علاقات وثيقة، وفقًا لبيان صادر عن عمدة ميونيخ، ديتر رايتر.
وانضم وزير الثقافة الأوكراني، أولكسندر تكاتشينكو، إلى مجموعة من الفنانين، وأصحاب المعارض، والممثلين، والموسيقيين، ومخرجي الأفلام الأوكرانيين للمطالبة بفرض عقوبات ثقافية شاملة وشديدة، وذلك من خلال توقيع عريضة تدعو المؤسسات الدولية إلى إلغاء الشراكات الثقافية مع الاتحاد الروسي، وقطع العلاقات مع المواطنين الروس الذين يجلسون في المجالس الاستشارية، وحظر مشاركة روسيا في الأحداث الفنية الكبرى مثل مهرجان "كان" السينمائي.
لكن البعض حذّر من العزلة الثقافية لجميع الروس بسبب الحرب. فرايمونداس مالاسوسكاس، الذي كان من المقرر أن يشرف على الجناح الروسي في بينالي البندقية في أبريل/ نيسان المقبل، انسحب من الحدث، لكنه قال إنه لا يريد أن يدير عالم الفن ظهره للفنانين الروس.
وقال في بيان على موقعه على الإنترنت: "أنا أعارض صراحة الاعتداء والإخضاع الحاليين اللذين تمارسهما روسيا. ولديّ قناعة أيضًا بأنّه لا ينبغي التنمّر على روسيين أو نبذهم بسبب السياسات والإجراءات القمعية التي ترتكبها بلادهم".
وتابع: "بدلاً من ذلك أدعو إلى أشكال متعددة المستويات من التضامن حيث توجد منتديات دولية للفن والفنانين من روسيا للتعبير عن الحرية التي لا يمكنهم التعبير عنها في وطنهم".
فيما يلي بعض ردود فعل الفنانين والمنظمات والمؤسسات الثقافية على الحرب في أوكرانيا:
روسيا ستغيب عن بيينالي البندقية
عندما انسحب مالاسوسكاس والفنانان الروسيان الكسندرا سوخاريفا وكيريل سافتشينكوف من المشاركة في بيينالي البندقية، ألغوا فعليًا تمثيل الاتحاد الروسي في أحد أكبر التجمعات الفنية وأكثرها شهرة في العالم.
ويُعتبر الجناح الروسي الذي صممه المهندس المعماري أليكسي شتشوسيف، عنصرًا ثابتًا في بينالي البندقية منذ عام 1914، الذي يقام كل عامين لعرض أعمال بعض أهم الفنانين المعاصرين في البلاد.
وأعرب البيينالي في بيان له عن "تضامنه الكامل مع هذه الخطوة النبيلة والشجاعة".
ومن غير المرجح أن يتم افتتاح الجناح الأوكراني هذا العام أيضًا، بحسب البيان الرسمي المنشور على انستغرام الذي أوضح أن جميع الأعمال في المعرض توقفت.
أوبرا متروبوليتان لن تتعاون مع الفنانين الموالين لبوتين
أعلنت دار الأوبرا الأشهر في الولايات المتحدة، أوبرا ميتروبوليتان في نيويورك، الأحد أنها لن تتعاون مع فنانين روس أو منظمات تدعم الرئيس فلاديمير بوتين حتى ينتهي غزوها لأوكرانيا.
وفي رسالة فيديو نُشرت على منصّة فيسبوك، قال المدير العام لأوبرا متروبوليتان، بيتر غيلب: "فيما نؤمن إيمانًا راسخًا بالصداقة القوية والتبادل الثقافي القائم منذ فترة طويلة بين الفنانين والمؤسسات الفنية في روسيا والولايات المتحدة، لم يعد بإمكاننا التعاون مع الفنانين أو المؤسسات التي تدعم بوتين أو التي يدعمها هو، حتى يتوقف الغزو، وعادت الأمور لنصابها ودفعت التعويضات".
فنانون ومتاحف يلغون معارض في روسيا
قام الفنان الأيسلندي المعاصر راغنار كجارتانسون، المعروف بأعمال الأداء وتجهيزات الفيديو التي تعكس حالة الإنسان، بسحب معرضه الذي يقام في متحف GES-2 الجديد في موسكو.
في حديث لـCNN، أشار إلى شجاعة الفنانين الروس المحليين الذين ألغوا عروضهم الخاصة كرد فعل على الحرب.
وأعلن متحف غاراج للفن المعاصر في موسكو، الذي أسّسه المليادير الروسي رومان أبراموفيتش وجامع الأعمال الفنية الروسية الأمريكية داشا جوكوفا، إرجاء جميع المعارض حتى انتهاء الغزو على أوكرانيا.
وورد في البيان المنشور على موقع المتحف الإلكتروني: "لا يمكننا دعم الوهم بحياة طبيعية عند وقوع مثل هذه الأحداث".
مسابقة Eurovision تمنع روسيا من المنافسة
لم يمر يوم على إعلان اتحاد البث الأوروبي سماحه لروسيا بالمشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية Eurovision، وهي مسابقة غنائية متلفزة شهيرة، حتى عاد عن قراره مؤكّدًا في بيان صدر الجمعة أنه في شهر مايو/ أيار المقبل، لن يُسمح لفنانين يمثلون روسيا بالمنافسة. وأفاد البيان أنّ "القرار يعكس القلق الناجم عن الأزمة غير المسبوقة في أوكرانيا، فإن إدراج مشاركة روسية في مسابقة هذا العام سيؤدي إلى تشويه سمعة المنافسة".
المملكة المتحدة تنأى بنفسها عن الباليه الروسي
ألغت دار الأوبرا الملكية في المملكة المتحدة إقامة فنية لشركة باليه البولشوي الشهيرة ومقرّها موسكو. وكان مقررًا تحديد موعد الإقامة هذا الصيف، وكان التنسيق والتخطيط في "المراحل النهائية"، بحسب ما أفاد بيان أُرسل إلى CNN.
وقال متحدث باسم دار الأوبرا الملكية: "للأسف، في ظل الظروف الحالية، لا يمكن أن يستمر الموسم الآن".
وتعد شركة باليه البولشوي إحدى أقدم شركات الباليه في العالم، وهي مسؤولة عن أول إنتاج على الإطلاق لاستعراض "بحيرة البجع" Swan Lake، بين آخرين. لكن مكانتها كإحدى أبرز الرموز الثقافية في البلاد معقد بسبب تشابكها مع الحكومة الروسية.
كما تأثرت العروض التي قدمتها العديد من فرق الباليه الروسية الأخرى، حيث تم سحب عروض لفرقة الباليه الروسية الحكومية في سيبيريا في بلدة نورثهامبتون الإنجليزية، وألغيت عروض بحيرة البجع من قبل فرقة باليه موسكو الملكية في دابلن بأيرلندا.
أكاديمية السينما الأوروبية تقاطع الأفلام الروسية
أقامت الأكاديمية الأوكرانية للسينما عريضة عامة دعت من خلالها إلى المقاطعة الدولية للسينما الروسية، بما في ذلك العروض المبرمجة ضمن مهرجانات السينما الدولية.
استجابت أكاديمية السينما الأوروبية بالدعم، قائلة إنها ستستبعد المشاركات الروسية من جوائز الأفلام الأوروبية. وقالت في بيان لها: "تظل أكاديمية السينما الأوروبية مكانًا لدعم وتوحيد جميع صانعي الأفلام الذين يشاركوننا إيماننا بكرامة الإنسان، والحرية، والديمقراطية، والمساواة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان".
وتابعت: "نحن نقدّر صناع الأفلام الشجعان في روسيا الذين وقفوا ضد هذه الحرب. لكن في ضوء هجوم وحشي وغير مبرر، علينا أن نقف مع أخواتنا وإخواننا في أوكرانيا الذين حياتهم معرضة للخطر".
رغم ذلك، أتت الردود متباينة من المهرجانات السينمائية، ففيما أعلن مهرجان ستوكهولم السينمائي الدولي منع عرض الأفلام الممولة من الحكومة الروسية، لم يستبعد مهرجان البندقية السينمائي ومهرجان كان السينمائي، أحد أرقى التجمعات السينمائية، أي فيلم أو صانعي أفلام روسيين.
وبدلاً من ذلك، سيمنع المهرجانان أي مسؤول أو مؤسسة روسية من الحضور، وكذلك أي شخص له صلة بالكرملين.