صور تحيي مشاعر الحنين وتستحضر "العصر الذهبي" للأروقة الأمريكية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يشبه تقليب صور فرانك بوهبو للأروقة (صالات الألعاب) في كاليفورنيا الدخول في آلة الزمن.
وفي حديث له مع CNN قال: "هذه هي قوة الأروقة"، في دقيقة واحدة كنت في ثمانينيات القرن الماضي، والدقيقة التالية أمسيت في الحاضر.
تم تصوير كتاب بوهبو الجديد "Back to the Arcade" الذي صُوّر القسم الأكبر منه عام 2019، رغم عدم نشره حتى الآن بسبب الجائحة، ويضم بين دفتيه قرابة 150 من الصور التي صورت في معظمها بلوس أنجلوس وجنوب كاليفورنيا. ويهدف من خلال هذا المشروع إلى "توثيق ثقافة الأروقة (صالات الألعاب) والملجأ الذي تُمثّله"، بحسب بوهبو.
وأضاف: "لطالما كنت مفتونًا بهذه المساحات، واعتقدت أن تصويرها بالكاميرا سيساعدني على التعمق أكثر في عالمها وتخليدها".
وأوضح بوهبو أنه "لطالما كانت صالات الألعاب جزءًا من العديد من الأفلام التي ترعرعت عليها"، موضحًا كيف قادته السينما إلى هذه الفكرة. بدءًا من "Back to the Future Part II" إلى"Jaws" و"Terminator 2"، التي شكّلت نوعًا ما جزءًا من ثقافة البوب المرئية لدينا. كنت أرغب باستكشاف ذلك وإحياء ذكرى حقبة ماضية، وكذلك ذكريات طفولتي الشخصية".
وبوهبو الفرنسي الذي انتقل إلى لوس أنجلوس عام 2018، كان يصور غالبًا في الليل، حيث يقود سيارته داخل وخارج المدينة للعثور على مجموعة من الأروقة المختلفة، المتراوحة بين المشرقة والصديقة للعائلة إلى المتقلبة والمظلمة. ثم قام بعد ذلك بتصوير ليس فقط الألعاب إنما الجماهير الذين جذبتهم هذه الصالات أيضًا.
وقال: "كان لكل صالة أجواءها المختلفة تمامًا، وهذا أمر ممتع بالنسبة لي". وتابع: "لقد وجدت التنوع مصدر إلهام لا ينتهي. مزيج من الأجواء الحالمة والشعور بالوحدة أيضًا".
ملاعب خيالية
ظهرت صالات الألعاب في الولايات المتحدة في مطلع القرن العشرين، رغم أنها كانت تسمى في ذلك الوقت أروقة التسلية، أو أروقة العملات المعدنية، مع ألعاب تعمل بقطع النقود المعدنية مثل أجهزة اختبار القوة وآلات القمار وألعاب السباق التي توفر الكثير من الترفيه.
في ثلاثينيات القرن الماضي، أدى إدخال لعبة الكرة والدبابيس (pinball machine) إلى تفوقها على الألعاب الأخرى، الأمر الذي جذب الجماهير بشكل لم يسبق له مثيل. ومع ذلك، بحلول نهاية ذلك العقد، تم حظر آلات الكرة والدبابيس في جميع أنحاء البلاد، لأنها اعتبرت ألعاب الحظ وشكلاً من أشكال المقامرة. واستمر ذلك لوقت طويل لا سيما في مدينة نيويورك الأمريكية.
ساعد تطوير الألعاب الكهروميكانيكية (ألعاب EM)، مثل "Periscope" لسيغا (1966) و"سبيدواي" شيكاغو كوين (1969)، في إعادة تعريف ألعاب الأروقة على أنها ألعاب مهارات، وليست صدفة. ولكن خلال سبعينيات القرن الماضي، احتلت صالات الألعاب كما نعرفها اليوم مكانتها في ثقافتنا الجماعية بفضل نوع جديد من الجاذبية: لعبة الفيديو.
في عام 1971، أصبحت لعبة فيديو قتالية فضائية تسمى "Computer Space" أول لعبة أركيد يتم بيعها تجاريًا وتعمل بقطع النقود المعدنية تم إصدارها في البلاد ، مما وضع الأساس لصناعة جديدة من شأنها أن تحدث ثورة ليس فقط في الأروقة، ولكن في ثقافة الألعاب و فكرة الشباب الأمريكي.
بين عشية وضحاها تقريبًا، أصبحت الأروقة أماكن للاستراحة والاستمتاع بمراكز التسوق. وبنفس السرعة، بدأ عدد متزايد من الشركات، معظمها في الولايات المتحدة واليابان، في إنتاج ألعاب جديدة، الأمر الذي مهد الطريق لما أصبح يعرف باسم "العصر الذهبي" للأروقة.
وقال بوهبو عن تلك الحقبة: "كانت جودة وتنوع اختيار ألعاب الفيديو مذهلة. تلك كانت ولا تزال كلاسيكيات".
لكن المكانة الأيقونية لصالات الألعاب لم تكن لتستمر. إسوة بآلات الكرة والدبابيس، كان البعض ينظر إلى ألعاب الفيديو، من المسؤولين إلى الأهل المهتمين، على أنها تسلية منحرفة وخطيرة على الشباب (عنونت صحيفة نيويورك تايمز عام 1982 في هذا الشأن كالتالي "معركة شباب أمريكا"). بحلول هذا الوقت ، كانت أجهزة الكمبيوتر المنزلية وأنظمة الألعاب المحمولة وأجهزة التحكم مثل أتاري تعمل أيضًا على تغيير طريقة لعب الشباب. لذلك عندما تعرضت صناعة ألعاب الفيديو للركود عام 1983، أفلست العديد من شركات الألعاب البارزة أو توقفت عن صنع البرامج تمامًا، ما أثر على نحو غير مباشر على سوق الألعاب.
لقد أنهى هذا الركود فعليًا "العصر الذهبي". ورغم أن الامتيازات مثل "Mortal Kombat" و"Street Fighter" (التي كانت في الأصل ألقاب ألعاب Arcade فقط) ساعدت في إحياء بعض الأهمية الثقافية للأروقة في التسعينيات، فقد ثبت أن تراجعها لا رجوع فيه.
في عام 2005، كان هناك حوالي 44 صالة ألعاب مرخصة في نيويورك، مسجلة تراجعًا بالمئات قبل عقد من الزمن فقط، وفق صحيفة نيويورك تايمز. بحلول عام 2010، انخفض العدد إلى 23.
فرانك بوهبوت
وشهدت أجزاء أخرى من الولايات المتحدة تراجعًا حادًا مماثلا. ومع ذلك عندما شرع بوهبو في مشروع التصوير الفوتوغرافي الخاص به تفاجأ عندما اكتشف في لوس أنجلوس، على الأقل أن صالات الألعاب هذه لم تكن ميتة تمامًا.
قال: "كلما بحثت أكثر، وجدت أكثر. هناك الكثير من الهواة الذين عملوا على إعادة اللعبة مرة أخرى".
كبسولات الوقت الحنين
لقد بشرت السنوات القليلة الماضية بإعادة إحياء الأروقة الكلاسيكية القديمة، وفقًا لبوهبو الذي يعتقد أن الاتجاه مدفوع بإحساس بالحنين إلى الماضي يأمل أن يتم التقاطه في صوره.
وقال إن "صالات الألعاب هذه يمكن أن تنقل الناس في الزمان والمكان. إنها كبسولات زمنية لشيء فقدناه، لكن يمكن أيضًا أن تبدو في مكان ما في عالم آخر تقريبًا، من بُعد آخر. أردت حقًا.. تصويرها كما هي بالنسبة للكثير منا: ملاعب تشبه الأحلام".
بينما كان المصور يفكر في توسيع مشروعه ليشمل مدنًا وبلدانًا أخرى ضمنًا شيكاغو، مركز صناعة ألعاب الفيديو الأمريكية في الثمانينيات، واليابان، حيث حقق قطاع الألعاب أداءً أفضل مما هو عليه في الولايات المتحدة، رغم التحديات المماثلة ، ينظر إلى الكتاب "كرسالة حب إلى لوس أنجلوس، على وجه التحديد.
وقال "لوس أنجلس مدينة معقدة غالبًا ما تشعر وكأنها تخفي أجزاءً من نفسها. تجري الكثير في الداخل، وفي أماكن لا تعرف عنها حتى، لأن كل شيء منتشر. إنه حقًا يجعلك تنظر مرتين وتبحث بجدية عما تبحث عنه".
وأشار إلى أن الأروقة التي صورتها تمثل ذلك. "لقد شعروا وكأنهم أسرار تقريبًا، ومع ذلك كانوا مليئين بالأشخاص الذين يلعبون" معًا "ويستمتعون بأنفسهم. أعتقد أن هذا يعكس أجواء المدينة".