صور صادمة.. بحرينية تجسّد معاناتها من نظرة المجتمع إلى مرضها النفسي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "صلي لا؟"، "أنتِ دائما مكتئبة"، "قلّة إيمان"، هذه بعض العبارات التي تعلو محيّا البحرينية إيناس سيستاني، بإحدى صورها المفاهمية التي تدور حول موضوع الصحة النفسية، وتروي تجربتها الشخصية مع اضطراب نفسي لم تكن تعرف كيف تتعامل معه.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، تحكي المصورة البحرينية أنّها شخّصت باضطراب الشخصية الحدية في عام 2019.
واضطراب الشخصية الحدية، اضطراب نفسي يؤثر في نظرة الشخص لنفسه وللآخرين؛ ما يؤدي إلى صعوبة في السيطرة على المشاعر والسلوك، واضطراب في التعامل مع الآخرين بشكل متكرر، وفقًا لمجموعة "مايو كلينك" الطبية.
في البداية، أرادت سيستاني تسليط الضوء على تجربتها الشخصية مع اضطراب الشخصية الحدية ومراحل تطور تجربتها مع الصحة النفسية على مر السنين، بدءًا من الاكتئاب، ووصولاً إلى كيفية تعايشها مع الاضطراب النفسي.
وكانت المجموعة الأولى من صور سيستاني تهدف خصيصًا لتجسيد كيفية تعامل المجتمع مع المرضى النفسيين وكيف يمكن للكلمة الجارحة أن تحفر ندوبًا في الشخص، كأنها جروح جسدية، بحسب ما ذكرته لـCNN بالعربية.
وتقول: "أقوم بإنشاء الصورة في اللحظة التي أعيش فيها شعورًا مرتبطًا بصحتي النفسية، مثل نوبة اكتئاب أو التعامل مع إساءة الفهم".
وتضيف: "معظم أعمالي لا تحمل عنوانًا، إذ أفضل أن تتحدث صوري المفاهيمية عن نفسها".
إلى الآن، قامت سيستاني بإنشاء مجموعات متنوعة من الصور تمثّل مختلف الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، واضطراب تشوُّه الجسم، والتوتر، وبالطبع اضطراب الشخصية الحدّية.
وقبل تشخيص حالتها في الولايات المتحدة، كانت سيستاني تدرك أنّها ليست على ما يرام.
وتقول: "بدأت كل هذه المشاكل عندما كنت في سن المراهقة، حينها عانيت من حالات شديدة من الاكتئاب وكنت ألجأ لأطباء نفسيين لمساعدتي في علاج حالة الاكتئاب، لكن مع مرور الوقت، تفاقمت حالتي وشعرت بأن ما أعاني منه هو أكثر من مجرد اكتئاب".
وخلال دراستها في الولايات المتحدة للحصول على درجة الماجسيتر، بدأت أعراض اضطراب الشخصية الحدية تتفاقم لديها، لذا طلبت المساعدة. ومن خلال الخضوع لجلسات العلاج بالتوازي مع مراجعة طبيب نفسي قام بتشخيص حالتها.
لجأت سيستاني إلى التصوير الفوتوغرافي المفاهيمي لتجسيد تجربتها والتركيز على التحديات التي يواجهها الأشخاص الذين يعيشون مع اضطرابات نفسية، نتيجة نقص الوعي والتثقيف حول الأمراض النفسية.
تسعى سيستاني لنشر الوعي حول الأمراض النفسية وتصحيح المفاهيم الشائعة حولها، وتشجيع النقاش والدعم للأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض.
وتقول: "عند إنشاء هذه الصور، أود أن أفكر فيها كتجربة جماعية تتيح تفسيرات مفتوحة وتخلق فرصة للمشاهدين للتعاطف مع ما يرونه ويربطوه بتجاربهم الشخصية".
وتضيف: "أعمالي تهدف إلى توفير مادة للتفكير حول كيف يمكننا التخلص جماعيًا من الصورة النمطية المرتبطة بالأمراض النفسية وكيف يمكننا إيجاد طُرق لبناء مجتمع متسامح يتقبّل الآخر".
وبعد مشاركة هذه الصور عبر منصات التواصل الاجتماعي، قام العديد من الأشخاص بالتواصل مع سيستاني لإخبارها عن تجاربهم الخاصة مع المرض النفسي وعن مدى صعوبة التحدث عنه لأصدقائهم وعائلاتهم، وكيف كانوا يقابلون بالتجاهل بدلًا من الدعم للبحث عن العلاج.
أما اليوم، تعرب الشابة البحرينية عن سعادتها برؤية تغير كبير في مدى إدراك الناس للمرض النفسي في الوقت الحاضر، إذ بدأ عدد كبير بالتحدث عن حالتهم علنًا، ما يؤسس لمجتمع داعم نتيجة ذلك.