تناغم ساحر في فيلا بالاديو بين الحضارتين الإيطالية والهندية.. عمّا أسفر؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كانوتا، راجستان، قرية صغيرة تغمرها الغبار هذه الأيام.
لكنّها ذات مرة، شكّلت صلة الوصل بين مملكتي الهند القديمتين: البلاط المغولي في أغرا والبلاط الملكي في جايبور. على هذا الطريق، يقع فندق بوتيك ومنتجع "فيلا بالاديو" (Villa Palladio).
تاريخ ملوّن
تلقّب جايبور باسم "المدينة الوردية" تيمّنًا بألوان مبانيها الهادئة. وتبعد الفيلا (فيلا بالاديو) عنها مدة نصف ساعة، لكنها تبدو وكأنها في عالم فريد خاص بها.
فيلا بالاديو ليست ورديّة اللون. كما أنها غير مزينة بالأنماط الزهرية أو الهندسية التي تشتهر بها جايبور.
عوض ذلك، يطبع جدران البناء ألوان قرمزية مستعارة من كرادلة الروم الكاثوليك، ورمّان مستوحى من لوحات بوتيتشيلي، وأشجار النخيل التي ترمز إلى المكانة الرومانية.
كانت الفيلا سابقًا، مكان إقامة عائلة كانوتا الملكية، ثم حوّلتها كل من رائدة الأعمال الإيطالية باربرا ميوليني والمصممة الهولندية ماري آن أودييانز إلى فندق بوتيكي.
كلاهما تُقيمان الآن في جايبور.
نشأت ميوليني في سويسرا، وقصدت جايبور لقضاء إجازتها عام 2005، فانتهى بها المطاف بالبقاء هناك.
أمضت السنوات الأولى من حياتها المهنية في ريف البندقية، متأثّرة بالمراجع التاريخية والمعمارية لأحد أعظم المهندسين المعماريين الإيطاليين في القرن السادس عشر، أندريا بالاديو.
اشتهر بالاديو بدمج عناصر عصر النهضة والأساليب الفرنسية المعاصرة، وابتكر أسلوبًا فريدًا تمامًا يُعرف باسم الأنغلو-بالادية.
أرادت ميوليني بناء عمارة مماثلة، تمزج بين طِرازي عمارتَي مغول الهند والروكوكو الإيطالية لإنشاء مبنى فريد.
وقالت ميوليني لـCNN: "كانت محكمة جايبور مركزًا للإنتاج الهندي الفاخر لنحو 300 عام، فيما كانت البندقية عاصمة الرفاهية الأوروبية لقرون عدّة".
وتابعت: "هناك تطور مذهل وحضور للتاريخ في جماليات المدينتَين، وعند تحاور الحضارتين، ألّفا مزيجًا رائع الجمال".
كسب دعم السكان المحليين
وللمبنى الذي أصبح فيلا بالاديو قصة قصيرة، لكنّها رائعة.
بناه أحد نبلاء كانوتا أبهاي سينغ عام 1960، وفق طراز عمارة راجاستان، مع أجنحة مفتوحة، وأقواس صدفيّة، وساحات، وأبراج، وجدران شبيهة بالحصون.
ولفتت ميوليني إلى أنّ الهيكل كان يتمتع بحالة جيّدة وتمّ الاعتناء به جيدًا. وأعربت عن أنّه ينتابك "في هذا المكان شعور بالحنين الإيطالي عندما يمر المرء على منازل وقلاع مهجورة على طرق تاريخية. كنت أرغب بإجراء الحد الأدنى من التدخّلات الهيكلية".
تضيف ماري آن أودييانز، المصمّمة الهولندية التي تتّخذ من جايبور مقراً لها، والتي تعاونت مع ميوليني: "لقد أعطاني الريف الإلهام البصري: النساء في الحقول، والأميرات الملكيات في أزيائهن وخُمُرهنّ يغطّين رؤوسهنّ. لقد مزجتها مع وفرة الذوق الإيطالي".
هكذا.. بدأت الفيلا تتشكّل.
تم تحويل أبراج المراقبة المصقولة إلى غرف ضيوف مطلية بخطوط وردية. وتوزّعت مظلات شمسية إيطالية وكراسي استرخاء حول حوض سباحة مبني وفق طراز عمارة المغول.
وأتى العمل الجاد والاهتمام بالتفاصيل ثماره في مكان قد يكون أحيانًا غير مرحّب فيه بالتصاميم الجديدة.
وقال الدكتور فيبور موكول سينغ، الذي أنجز مشاريع معمارية في كل من إيطاليا وراجستان إن "لجايبور أسلوبها المميّز الخاص بها". وتابع: "من الصعب حقًا الحصول على قبول لبعض العمارة الأجنبية هنا. المفتاح هو أنّ ظاهر فيلا بالاديو إيطالي وفي الوقت عينه متجذرة بعمق في الأرض".
كانت إحدى طرق المحافظة على تراث الفيلا إشراك الحرفيين المحليين قدر الإمكان. وأشارت ميوليني إلى أنّ فرش الفندق، والوسائد، والسجاد، والمصابيح، والكراسي، كلها مصنوعة في جايبور.
في العديد من الحالات، لم يسبق للحرفيين المحليين زيارة إيطاليا ولم يعرفوا تقاليدها، لكنهم اتبعوا رسوم أودييانز المصنوعة يدويًا لإنشاء كل شيء.
لم يشكل ذلك مفاجأة للمصممتين.
وقالت ميوليني: "في مشاريعنا، أدركنا أنّ الحرفيين البسطاء فهموا تصميمنا وحساسيتنا بشكل أفضل".
أما النتيجة النهائية فكانت تعاونًا بين الدول عوض التصادم.