لوحة "الخطيبة المترددة" من القرن الـ19 تحاكي نساء العالم اليوم.. كيف؟

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: Auguste Toulmouche/From Wikipedia

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم طلّتها الأرستقراطية والثوب الفاخر المزين بالفراء  الذي ارتدته داخل منزل فرنسي فخم، في وقت ما من منتصف القرن التاسع عشر، إلا أنّ غضبها الصامت يمكن لنساء العالم إدراكه.

محتوى إعلاني

إنها "الخطيبة المترددة"، عنوان لوحة الرسام أوغوست تولموش التي رسمها في عام 1866. واستنادًا إلى تاريخ الفن، تنتمي هذه اللوحة إلى الحركة الفنية الواقعية التي طغى عليها الفن الانطباعي بوصول الرسامين الانطباعيين الفرنسيين بعد فترة وجيزة.. ولكن، بعد مرور أكثر من 150 عامًا ها هم هواة الفن يعيدون تقييمها على منصة "تيك توك". 

محتوى إعلاني

أوحت بعشرات التأويلات من المستخدمين الذين تخيلوا الأفكار المزعجة بلا شك التي مرّت بخلد هذه المرأة عند رسمها. وأورد أحد التعليقات: "ستبدين أجمل بكثير مع ابتسامة على وجهك". إنها تحظى بتقدير النساء اللواتي يشاركنها خيبة أملها في حصر الأدوار بين الجنسين. وهي تدعو إلى إعادة تقييم نسوية للوحة عينها.

في هذا الصدد، علّقت كاثرين براون، الأستاذة المساعدة بتاريخ الفن والثقافة البصرية في جامعة لوبورو، بالمملكة المتحدة، أنّه عندما عُرضت لوحة "الخطيبة المترددة" لأول مرة، كان يُنظر أحيانًا إلى الأعمال التي تصوّر سخط النساء الهادئ على أنه غير جاد، وكان الكثير من الفن الشعبي في ذلك الوقت يسخر من النساء العازبات. 

وتابعت براون التي كتبت عن أعمال تولموش في دراسة بعنوان "القارئات في الرسم الفرنسي 1870-1890"، أنه من خلال النظرة المعاصرة، أظهرت "الخطيبة المترددة" تضامن النساء معها، ومناصرتهنّ لبعضهنّ البعض لجهة "التفاوض بشأن الأنظمة القمعية".

وقالت لـCNN: "بعد مرور أكثر من قرن ونصف القرن، ربما ما زلنا نكتشف الأهمية السياسية الكاملة لهذا النوع من التضافر".  

تولموش لم يكن رسامًا نسويًا.. لكنّ أعماله تحاكي نساء اليوم

رسم تولموش مشاهد لنساء فرنسيات أنيقات وثريات في بيئاتهنّ المنزلية، وغالبًا ما كان يؤرّخ مآثرهنّ الرومانسية. كانت النساء في لوحاته، ظاهريًا، أكثر بقليل من مجرد نساء من الطبقة العليا يرتدين ملابس فاخرة في ظهورهنّ الأول. وألمحت براون إلى أنّ الروائي الفرنسي إميل زولا وصف شخصيات تولموش في عام 1874 بأنهنّ عبارة عن "دمى لذيذة".

وروت براون أنّ لوحات تولموش حققت نجاحًا جزئيًا حينها بسبب "فانتازيا الحياة الأنثوية" التي صوّرها: فالنساء في أعماله هنّ زوجات، وأمّهات، وأخوات، وبنات، لا يبتعدن عن أدوارهن في المجال المنزلي.

وأضافت أنّ لوحة "الخطيبة المترددة"، التي تُترجم أيضًا إلى "العروس المتردّدة"، عُرضت في الأصل تحت عنوان "زواج المصلحة" في صالون أكاديمية الفنون الجميلة بالعاصمة الفرنسية باريس، في عام 1866.

أوضحت براون أنّ أعمال تولموش كانت شائعة لبعض الوقت، حيث تم إعادة إنشاء لوحاته في كثير من الأحيان كرموز في الصحف. لكنها استدركت أنّ الرسامين الانطباعيين مثل كلود مونيه وإدغار ديغا طغوا على هذا النوع من الفن الواقعي. 

Credit: Auguste Toulmouche/From Wikipedia

ورغم أنّ تولموش "لم يكن رسامًا للفن النسوي على الإطلاق"، بحسب ما ذكره براون، ولكن النساء في لوحاته ينظر إليهنّ اليوم على أنهنّ تخريبيات ماكرات.

في لوحة "الفاكهة المحرمة" التي رُسمت في عام 1865، تظهر ثلاث شابات تتأمّلن الكتب في المكتبة بحماس، فيما تحرس الباب امرأة رابعة. لقد تسلّلن إلى هذه الغرفة بحثًا عن معلومات، "حول الجنس بالتأكيد" التي تم حجبها عنهنّ، بحسب ما أوضحه براون، انطلاقًا من ابتساماتهنّ الساخرة.

ورأت براون أنّ النساء الأربع في "الفاكهة المحرّمة" يظهرن مجددًا في "الخطيبة المترددة"، ويدعمن الآن واحدة منهنّ "في طريقها التعيس نحو المذبح".

وأشارت براون إلى أنّ "إحدى الشابات الأربع في عمل "الفاكهة المحرّمة" على وشك الزواج الآن، ربما من الشخص الخطأ، أو لأنها لا تريد الزواج على الإطلاق. وبحسب سردية العملين الفنيين، يبدو أن المرأة الشابة في لوحة الفاكهة المحرّمة تعرف ما الذي ستختبره". 

"الخطيبة المترددة" تغازل معجبيها "على تيك توك"

ينظر بعض مستخدمي "تيك توك" إلى الخطيبة باعتبارها متمردة، ولا تدخل بهدوء في زواج غير راضية عنه. كما افترض مستخدمون آخرون أنها ربما لم تنجذب إلى الرجال على الإطلاق، وبما أن المثلية الجنسية كانت تُعتبر غير أخلاقية في فرنسا بالقرن التاسع عشر، فإن العيش بشكل علني كان شبه مستحيل في ذلك الوقت.

ورغم أننا قد لا نعرف أبدًا القصة الكاملة للمرأة التي تجلس على الكرسي بذراعين، إلا أن مظهرها الضَجِر مألوف لأي شخص اضطرّ إلى ابتلاع غضبه.

نشر
محتوى إعلاني