مصمم مكتبة قطر الوطنية يحاول "الهروب" في جميع تصاميمه.. ما السبب؟

نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- دائما ما يبحث ريم كولهاس عن مخرج، فالمهندس المعماري الحائز على جائزة بريتزكر، الذي صمم مقر تلفزيون الصين المركزي في بكين، معرّض لرهاب الأماكن المغلقة، ولن يخاطر بإثارة هذه المخاوف في أحد مبانيه الخاصة.

محتوى إعلاني
اكتمل بناء مقر تلفزيون الصين المركزي، من تصميم شركة الهندسة المعمارية OMA في عام 2012 وكان بمثابة فصل معماري جديد في المدينةCredit: Philippe Ruault/OMA

وهذه المخاوف كان لها الفضل بإعادة تشكيل أفق المدن، ودفعها للأعلى وللخارج، مخلّفة مساحات مفتوحة وغير معقّدة داخل تصميمات كولهاس الخارجية الحديثة.

وقال كولهاس لـCNN: "في جميع المباني التي صممتها، يمكنك القول إنني أحاول الهروب".

المقر الرئيسي لمؤسسة قطر في الدوحة.Credit: Delfino Sisto Legnani/Marco Cappelletti/OMA

وعلى ما يبدو، فإن المكتبات وكولهاس بمثابة خطين غير متوافقين، إذ أن تصميم المكاتب عادة يتخذ شكل المتاهة الخانقة ذات الإضاءة الخافتة، وتكاد لا تتوافق مع حساسية كولهاس الجمالية.

ومع ذلك، تُعد مكتبة سياتل العامة، التي اكتملت عملية بنائها في عام 2004، واحدة من أشهر أعماله، وعندما صمم مكتبة قطر الوطنية، قام بخرق القاعدة مرة أخرى.

وكونها مفتوحة وذات تهوية جيدة، لن تتوقع أبدًا أنها تحوي أكثر من مليون كتاب تحت سقفها المنحدر.

وافتُنح المبنى بالدوحة في عام 2018، حيث تحدثت CNN مؤخرًا مع الشريك المؤسس الشهير لشركة المهندسين المعماريين العالميين "OMA".

وتُعد دولة قطر موطنا لحوالي ثلاثة ملايين شخص، غالبيتهم من المغتربين.

تحتوي مكتبة قطر الوطنية، التي تبلغ مساحتها 42 ألف متر مربع، على أكثر من مليون كتاب.Credit: Iwan Baan/OMA

ومن غير المستغرب أن كولهاس الذي قام بتأليف كتاب يحمل عنوان "اقتل ناطحة السحاب" في عام 2004، لا يعتقد أن الطول هو كل شيء، إذ قال: "ما زلت أعتقد أن ناطحات السحاب ليست بالضرورة الهيكل الأكثر إثارة للاهتمام الذي يمكنك التفكير فيه".

ورأى كولهاس أن هناك طرقا أخرى لتعزيز الوجهات، كالمطارات، والمتاحف، وكذلك المكتبات.

تحتوي مكتبة قطر الوطنية، ذات الشكل الماسي، على نصوص ومخطوطات نادرة من الدراسات العربية الإسلامية، بعضها معروض في قسم تحت الأرض مغطى بالحجر، ما يعطي الشعور بأنها عبارة عن اكتشافات أثرية.Credit: Iwan Baan/OMA

وقد فكر كولهاس على نطاق واسع خلال السنوات الأخيرة باستخدام المساحة والموارد. وافترض معرض "الريف: المستقبل"، وهو معرض بقيادة كولهاس بمتحف غوغنهايم في مدينة نيويورك الأمريكية خلال عام 2020، أن الريف قد شهد تغييراً جذرياً لجعل التحضر ممكناً.

ولفت إلى أن المدن بحاجة إلى إعادة التفكير، وقال: "في نهاية المطاف، إذا أردنا أن نأخذ الاستدامة والمناخ على محمل الجد، أعتقد أننا ربما ندخل في فترة يُصبح فيها أفق المدن أقل تجانساً".

وهذا يعني عددًا أقل من المباني الشاهقة للغاية التي تتشابك مع خطوط أفقية متطرفة.

وتابع: "أستطيع أيضًا أن أتخيل أنه سيكون هناك توزيع أكثر مساواة عبر المدينة. أتوقع – لكنه توقع خطير للغاية – أنه ستكون هناك طرق جديدة للسكن في الريف، ولكن بطريقة أكثر مسؤولية".

ولطالما كان كولهاس ناقدا فيلسوفًا للهندسة المعمارية، وكونه صحفيا سابقا، لا يزال يكتب على نطاق واسع، ويعيش "حياة مزدوجة"، حيث بإمكانه "فعل وكتابة ما يريد"، بشكل مستقل عن مكتبه الخاص بالهندسة المعمارية.

ومع ذلك، لا يوجد في هذه الصناعة مجال كبير للأيديولوجيين الذين يطالبون بالواقعية والاحترام في بعض الأحيان لقوى السوق.

مكتبة سياتل العامة، من تصميم كولهاس، التي اكتملت عملية بنائها في عام 2004، رُتبت أرضياتها مثل كومة من الكتب المكدسة على عجل، ثم ربطت بجدران ضخمة ذات زوايا من الزجاج المتشابك.Credit: Delfino Sisto Legnani/Marco Cappelletti/OMA

وأوضح كولهاس أن المهندسين المعماريين في الماضي كانوا يخدمون إلى حد كبير وظيفة مدنية، حيث عملوا في الهيئات العامة. وظهرت صفارة الإنذار بالقطاع الخاص في الوقت الذي دخل فيه هذه المهنة، خلال فترة أواخر السبعينيات والثمانينيات.

وقال إن فترة الليبرالية الجديدة التي أطلقها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر آنذاك كان لها بالطبع تأثير كبير على الهندسة المعمارية.

وتابع: "لقد بدأنا العمل مع الأفراد الذين لديهم طموحاتهم الفردية".

واعتبر كولهاس أن دولة قطر قوية جدًا، ولديها طموحات محددة للغاية، حيث يمكنك كمهندس معماري أن تعمل من أجلها.

وحاليا تعمل شركته "OMA" على تصميم متحف قطر للسيارات القادم، أي المتحف الذي تبلغ مساحته 30 ألف متر مربع، وأقيم في موقع معرض قطر للسيارات لعام 2011، ولم يتم تحديد تاريخ الانتهاء منه بعد، ولكنه يعد رمزا مناسبا لدولة نفطية تتجه نحو اقتصاد المعرفة.

نشر
محتوى إعلاني