رأي: ما هو شعور البشر تجاه السيارات الذكية؟
بقلم شيري زامير، النائب الأول لرئيس حلول إنترنت الأشياء لمنطقة رابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط وأفريقيا في جيمالتو. (ملاحظة المحرر: جيمالتو، شركة عالمية بالأمن الإلكتروني، الآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ (CNN)
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أدى التحول الرقمي الكبير إلى دخول قطاع النقل مرحلة غير مسبوقة من الأتمتة. فمع تطور "إنترنت الأشياء" والاتصال الفائق للمركبات انطلقت موجة من تقنيات التتبع والتحكم عن بعد، أدت بدورها إلى تسريع تقدم أنظمة المركبات وانتهاءً بظهور السيارات ذاتية القيادة بالكامل. وسيكون لهذا التحول آثار عميقة على كامل منظومة النقل، لم يسبق لها مثيل منذ اختراع المركبات أوائل القرن الماضي.
وفي الشرق الأوسط، تقود دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الاتجاه إقليمياً، وخاصة إمارة دبي التي تدأب حاليا على تنفيذ مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بكلفة 50 مليار درهم (13.63 مليار دولار أمريكي) لاختبار المركبات ذاتية القيادة في وسط المدينة. كما أن مباحثات إنجاز مشروع النقل الفائق السرعة "هايبرلوب" بين إمارتي دبي وأبوظبي تجري على خطى وساق وفقاً لتقرير "استشراف المستقبل"، والذي يتوقع أيضاً وصول نسبة المركبات الكهربائية ذاتية القيادة على طرقات الإمارات إلى 90٪ بحلول عام 2035، في حين سنشهد إنجاز أولى مشاريع "هايبرلوب" بحلول 2020.
"وايمو" تختبر سياراتها الذكية من دون إشراف سائق بشري
واستشرافاً لتنامي هذا الاتجاه، أجرت شركة "جيمالتو" للأمن الرقمي، دراسة حول مستقبل النقل، مستطلعة آراء أكثر من 7000 مستهلك في جميع أنحاء العالم حول السيارات المتصلة والسيارات بدون سائق ونماذج الملكية الجديدة التي يتيحها اقتصاد المشاركة. وذكر التقرير أن أكثر من ثلث المشاركين على الصعيد العالمي (%37) يعتقدون أن السيارات ذاتية القيادة ستكون على الأرجح هي الشكل الرئيسي للنقل قبل انقضاء العقد القادم.
ومع ذلك، ذكر أكثر من نصف المشاركين في دراسة "جيمالتو" أنه لا يمكنهم حاليا وضع ثقتهم الكاملة في هذه التقنية أو في الشركات المصنعة للسيارات ذاتية القيادة وشركائها التقنيين. وإذا ما أردنا جعل القيادة بدون سائق حقيقة واقعة، فمن الضرورة بمكان تطوير خدمات آمنة تماما لكسب ثقة المستهلكين.
فوائد السيارات المتصلة والذاتية القيادة
لا يخفي المشاركون في الاستطلاع حماستهم بالفوائد التي يمكن للسيارات المتصلة تقديمها على المدى القصير. فعند سؤالهم عن الأولويات التي يبحثون عنها عند استئجار سيارة متصلة، كانت المزايا الثلاث الأولى هي سهولة القيادة (%37)، وتوفير الكلفة (%37)، وخدمات الاتصال الآمن بالإنترنت (%32).
كما يمكن للسيارات ذاتية القيادة تقديم المزيد من الميزات المتقدمة عند تجهيزها بوحدات اتصال لاسلكي آمنة. ويمكن لهذه التكنولوجيا السماح للسيارات بالتواصل مع أنظمة المرور والبنية التحتية للطرق، وتلقي البيانات بشكل مباشر حول حركة المرور والسلامة على الطرق، وحالات الطوارئ، وتعرفة المرور، وأماكن ركن السيارات الشاغرة. ومن بين هذه الميزات، أظهر أكثر من نصف المستهلكين حماسهم حول تلقي معلومات حركة المرور بشكل مباشر (%66) ومعلومات حول مواقف السيارات المتاحة (58٪)، والاستفادة من خرائط أكثر دقة (%59)، وتحليل أداء السائق بشكل مباشر (%40).
ترسيخ الثقة بالتقنية
على الرغم من الفوائد الجمة التي تقدمها تكنولوجيا القيادة من دون سائق، لا يزال المستهلكون بحاجة إلى ما يضمن سلامتهم. وحاليا، لا يثق أكثر من نصف المستهلكين (%58) بأمان إتمام رحلة على متن مركبة ذاتية القيادة. وهناك مخاوف بشأن تمكن القراصنة من السيطرة على السيارة عن بعد، والتسبب بالحوادث (مصدر قلق 47٪ من المستهلكين)، فضلا عن مخاوف انتهاك خصوصية البيانات، حيث صرح 15٪ فقط من العملاء أنهم يثقون بقدرة شركات السيارات على التعامل الآمن مع البيانات التي يتم جمعها من السيارات المتصلة.
أيها المشاة.. السيارات الذكية ستنتصر لكم!
وتتنوع المخاطر الأمنية المرتبطة بالسيارات المتصلة وذاتية القيادة، لتشمل سرقة بيانات الاستخدام، وتعطيل السيارات، وخطف السيارات الفردية، أو مهاجمة أسطول بأكمله، أو حتى إجبار المركبة على أداء وظائف "غير متوقعة". ومن الواضح أن المستهلكين على بينة بهذه القضايا المحتملة، مما يدل على حاجة مصنعي السيارات لبناء الثقة في هذه المنظومة الجديدة للنقل. وتعد هذه المهمة ذات أهمية قصوى لدفع التبني والنمو الناجح للسيارات المتصلة، وإلا كان مصيرها الفشل، وهذا يعني أن على المركبات المتصلة وخدمات التنقل التعاون مع خبراء التكنولوجيا المناسبين لتنفيذ تدابير أمنية قوية.
الأمن في قلب التصميم
لمعالجة مخاوف المستهلكين الأمنية، يجب على الشركات المصنعة للسيارات اعتماد نهج الأمن المتعدد الطبقات ووضعه في صلب التصميم، فلن يكفي "الترقيع اللاحق" لإصلاح أي خلل غير متوقع. ويبدأ ذلك من تأمين السيارة المتصلة، وبرامجها الثابتة من خلال تطبيقات البنية التحتية للمفاتيح العامة (PKI)، وخدمات الإدارة الرئيسية، والمصادقة على الهوية. ومن المهم أيضا تأمين البيانات المنقولة من وإلى السيارة، سواء أثناء التنقل أو السكون، عبر اعتماد تكنولوجيا التشفير عالية السرعة. ومن شأن هذا النهج تأمين الوصول إلى السيارة، والحماية ضد فقدان البيانات وسرقة الهوية والاحتيال والتعطيل.
وهي في طبيعة الحال مجالات لا تمتلك معظم شركات تصنيع السيارات خبرة واسعة فيها. ولتحقيق ذلك، عليها العمل عن كثب مع خبراء المجال لضمان أمثل حماية لأنظمتهم. إضافة إلى ذلك، ستحتاج شركات تصنيع السيارات إلى أن تكون على استعداد تام للتعلم من خبراء الأمن لضمان التنفيذ الفعال.
وسيؤدي التحول الرقمي والعدد المتزايد من الخدمات إلى حاجة مصنعي السيارات إلى اعتماد حلول المصادقة الآمنة على الهوية. فعلى مدى عقود، كان من الكافي استخدام الأدوات المادية كالمفاتيح أو الأجهزة الراديوية التي يصعب استنساخها. ولكن الواقع الجديد يفرض على شركات السيارات توظيف أنظمة أكثر حداثة، كاستخدام الهاتف المحمول لدخول السيارة والتحكم بها، والاستفادة من خصائص الاستشعار البيومترية المدمجة فيها لمنح السائقين وصولا آمنا من دون مفتاح.
وتؤكد نتائج الدراسة مدى حماسة المستهلكين بحلول الأمان المبتكرة في منظومة التنقل الجديدة. حيث أعرب حوالي ثلثي المشاركين (65%) أنهم متحمسون لتعزيز الحماية ضد السرقة، في حين قال 4 من كل 10 (%39) إنهم متحمسون لاستخدام التكنولوجيا البيومترية للولوج إلى السيارات، كالتعرف على بصمات الأصابع على سبيل المثال. كما أن المستهلكين مهتمون أيضا بقدرات تخصيص وتعزيز ميزات السيارة من خلال برامج التحديث الدائمة (%31).
وفي حين يعد الأمن العنصر الحاسم لإطلاق هذه التقنية، إلا أن تصميم تجربة استخدام معززة وسلسة هي على نفس القدر من الأهمية. حيث من الضروري التخلص من العمليات المعقدة الطويلة والتي بإمكانها إعاقة انتشار حلول السيارات المتصلة. لذا فإن تصميم حلول تنقل سهلة الاستخدام بشكل مباشر هو أمر أساسي لمستقبل السيارات المتصلة وذاتية القيادة، وإلا حكم عليها بالفشل حتى قبل وصولها للطرقات.
حول البحث
قامت يوجوف باستطلاع آراء 7319 من البالغين في الفترة بين 21 -30 نوفمبر في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وروسيا. وأجريت الدراسة الاستقصائية عبر الإنترنت. وتم ترجيح الأرقام على أساس كل بلد على حدة.