تعرضوا للسخرية ولقبوا بـ"شاربي الحليب".. لماذا طُرد هؤلاء الأشخاص من روسيا في القرن الـ19؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عند التجول في أنحاء قرية "إيفانوفكا" بأذربيجان، توحي الكثير من جوانبها بأنها تنتمي إلى عصر آخر، أو حتّى بلدٍ آخر. وخلال مشروع "Molokans"، تستكشف المصورة الأذربيجانية سيتارا إبراهيموفا قصة هذه القرية التي يُلقب سكانها بـ"ملوكان"، أي شاربي الحليب.
مزارع خضراء، ومنازل أنيقة على النمط الروسي، من شأن زوايا هذه القرية أن تبعث الهدوء والطمأنينة في النفوس، ومع ذلك، كانت نشأتها بعيدة عن الهدوء.
ونشأت هذه القرية، التي تقع في مقاطعة إسماعيللي شمال أذربيجان، في عام 1847 على يد فلّاح روسي يُدعى إيفان بيرشين، وذلك بعد نشر القيصر الروسي مرسوماً لنفي معارضيه إلى حافة الإمبراطورية الروسية التي كانت تتوسع آنذاك.
وفي حديثها لموقع CNN بالعربية، قالت المصورة سيتارا إبراهيموفا إن عشرات الآلاف من الـ"ملوكان" انتقلوا إلى منطقة القوقاز على مدى الأعوام الـ60 التي مضت بسبب ذلك.
وأتى لقبهم بسبب امتناعهم عن الصوم، فقالت المصورة إنه تمت مناداتهم بالـ"ملوكان" الذين يمتنعون عن الصوم خلال أيام القديسيين الأرثوذوكسيين، وتُترجم كلمة "ملوكان" إلى شاربي الحليب باللغة الروسية.
وخلال حديثها عن سكان القرية في إحدى منشوراتها على موقع "إنستغرام"، قالت المصورة إنهم "رفضوا التشكيلات المؤسسية للأرثوذكسية والطوائف ذات المذاهب المتشابهة لصالح المزيد من التركيز على المسيحية الأصلية".
وقام الـ"ملوكان" باعتناق لقبهم بصفتهم الأشخاص الذين "يشربون الكلمة الروحية الخالصة للرب"، وفقاً لما قالته إبراهيموفا.
ومع أنهم طُردوا من روسيا بسبب اعتبارهم من "الزنادقة"، إلا أنهم عُرفوا كأفراد يعملون بجد، في أذربيجان، إضافةً إلى كونهم من الأشخاص المخلصين لتراثهم الروسيّ.
واليوم، تتضمن القرية ألف منزل تقريباً، يسكن فيها أكثر من 3 آلاف شخص.
وفي عام 1930، وبعد نمو مجتمع الـ"ملوكان" في وجه الاضطرابات، والحروب الأهلية، إضافة إلى فترة إدخال الشيوعية إلى أذربيجان، اُنشأت مزرعة جماعية في القرية تتخصص في زراعة العنب، ورعاية الماشية.
وعند استكشاف القرية، ستجد العديد من الرجال المسنين الذين يتمتعون بلحى طويلة وهم يتحدثون مع بعضهم البعض، ونساء بأغطية رأس يحملن مختلف الأدوات الزراعية.
ولعل من أكبر الدلالات التي توحي بتجمد الوقت في هذه القرية هي سيارات من طراز "لادا" التي أُزيلت مقاعدها لتعمل كشاحنة نقل، إذ لا تزال تلك السيارات تحتفظ بلوحات تسجيل من الحقبة السوفييتية.