للمرة الأولى.. إثيوبيا تفتتح قصر إمبراطوري "سري" منذ عشرات السنين أمام الزوار
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- على أرض العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بقي مجمع القصر الإمبراطوري السري مغلقاً أمام الجميع، باستثناء قادة البلاد وقوات الحرس التي تحميه، الذي شيّد منذ أكثر من قرن من الزمان.
وأُخفي المجمع الإمبراطوري عن الأنظار وسط غابة مليئة بالأشجار. وتبلغ مساحة هذا الصرح المحظور 40 فداناً، وخلف جدرانه، دُبرت الكثير من المكائد والمخططات لأجل الغزوات الوحشية.
وحرس النخبة من الجنود، أصحاب القبعات الحمراء، والمسلحين برشاشات الكلاشنكوف، من أعلى أبراج المراقبة المأهولة والمحيطة بالمكان. واضطر المارة إلى السير على الجانب الآخر من الطريق، وحتى إذا تعطلت السيارات، كان يجب دفعها إلى الجانب الآخر للطريق أيضاً.
ولا يزال الحراس متواجدين إلى يوم حول مجمع القصر الإمبراطوري السري، والذي احتضن بين أسواره حكام إثيوبيا منذ عهد الإمبراطور منليك الثاني، ولكن أخيراً رُفع عنه الستار ليكشف عن ألغازه، بعد أن خضع جزء منه إلى عمليات تجديد.
والآن، يستطيع السكان المحليين والسياح استكشاف منتزه "Unity Park"، والتي تمتد على مساحة 15 فدان، والمصممة من مجمع القصر. وعلى الرغم من أنها لا تزال مقر إقامة رئيس الوزراء الإيثوبي، فقد استردت مدينة أديس أبابا رسمياً مساحة الأرض.
وتتم أعمال التجديد بناءً على طلب رئيس الوزراء المرموق، آبي أحمد، وتقدر تكلفتها بحوالي 170 مليون دولار.
ويقول أﻛﻠﻴﻠﻮ ﻓﻴﻜﺮﻳﺴــﻴلاسي، الذي يعمل لدى منظمة الأمم المتحدة في مجال التنمية الحضرية: "من الرائع الوصول إلى هنا، إذ إنني إثيوبي ولم أعرف مطلقاً ما كان موجوداً هنا من قبل. إنه يُظهر للأشخاص أنه يمكنهم الوصول إلى قادتهم، وسيساعد في تعزيز الثقة. كما أن وجود المنتزه سيساعد أيضاً في تغيير الديناميكية الحضرية للمدينة."
وبالإضافة لكونه رمز لحكومة خلّفت وراءها ماضياً من الحكم الاستبدادي، يعد كشف النقاب عن المتنزه جزءاً من الجهود المستمرة لتجميل المدينة سريعة النمو التي تحتضن 5 مليون نسمة، والمكتظة بأعمال البناء.
وعلق السفير الأمريكي في إثيوبيا، مايكل راينور، أثناء جولته في المنتزه خلال فعاليات الافتتاح في وقت سابق من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، قائلاً: "إنه أمر مذهل للغاية. إنها ميزة جديدة للمجتمع. لقد كافحت أديس للحصول على هذا النوع من المساحات المفتوحة التي تحتاجها أي عاصمة عالمية".
وتضم الحديقة مزيجاً من المناطق المفتوحة ذات المناظر الطبيعية، ومباني القصر التي تم تجديدها، وأقفاص الحيوانات، ويخيم شعور بالمرح والغرابة في معظم التصاميم، على عكس الأوقات القاتمة التي شهدها القصر في عهدٍ سابق من عمليات التطهير وتعذيب السجناء.
وتنتشر الآن المنحوتات الغريبة أمثال فرس النهر البرتقالية المغمورة في العشب حول الممشى الذي يمتد من المدخل إلى الأعلى صعوداً إلى مجمع قصر منليك، الذي حكم كإمبراطور من عام 1889 إلى 1913.
وخلف منزل العرش، "Throne House"، الذي يحتوي على قبعات مزينة بقطع ذهبية تعود إلى عهد منليك وأباطرة سابقين أمثل هيلا سيلاسي، تقع شبكة من المباني القديمة التي عاش فيها منليك وعائلته. وتم تجديدها جميعاً وإعادتها إلى الحياة بسواعد اليد.
ويشمل جناح منليك الخاص ممر مرتفع إلى ما يسمى بـ "Egghouse"، وهو برج متقن البناء بأعمال خشبية معقدة تزين درجه المتصاعد. ويحيط جناح الإمبراطورة تايتو، بالإضافة إلي المباني الأخرى التي سكن فيها الأمراء، والأميرات، والضيوف الذين جاءوا لتكريم الإمبراطور والتماسه.
وتوجد مقابل منزل العرش، "Throne House"، منطقة مفتوحة مع العديد من الخدمات، ومنها المطاعم، ومتجر بيع الكتب، والمقاهي التي تقدم القهوة المحمصة ببطء على الطريقة الإثيوبية التقليدية، أو القهوة المحضرة بواسطة آلات القهوة الإيطالية الفاخرة.
وتتمثل الخطة في انتقال مقر الرئيس والانضمام إلى مقر رئيس الوزراء في مجمع القصر الإمبراطوري، مع افتتاح قصر اليوبيل للجمهور في النصف الأول من العام المقبل.
ومن المفترض أن يكون منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول بداية موسم الذروة السياحية في إثيوبيا، بعد أن اُستبدلت الأمطار المستمرة بأيام متواصلة من أشعة الشمس الرائعة.
ويهدف مشروع افتتاح منتزه "Unity Park" ومشاريع تابعة أخرى في تنشيط قطاع السياحة في واحدة من أكثر دول العالم إثارة للاهتمام، في الوقت الذي تحاول فيه التخلص من إرث الماضي المضطرب.