"تحت الصفر بين القطبين"..كويتي يوثق أرخبيل قطبي تملؤه الدببة وحيث لا يمكن دفن الموتى
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عند زيارة صفحته الخاصة على موقع "إنستغرام"، ستجد أن المصور الكويتي فهد العنزي كتب عبارة مثيرة للإهتمام تقول "تجدني بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي". ولكن، ما الذي جعل العنزي يغادر الكويت وشمسها الدافئة ليكون تحت رحمة الشتاء في القطبين؟
ولدى العنزي، وهو سفير للعلوم بمؤسسة الكويت للتقدم العلمي وعضو مؤسس فريق عدسة البيئة الكويتية، شغف كبير تجاه الطبيعة، وشجعه ذلك للسعي لإكتشاف أسرار الطيور والحيوانات البرية في الثلوج والمناخ القاسي، وتوثيقها بعدسته.
وبفضل شغفه، انتهى المطاف بالمصور بمناطق مثيرة للإهتمام، مثل أرخبيل سفالبارد النرويجي الذي يفوق فيه عدد الدببة عدد السكان.
من الكويت إلى القطبين
وفي 2015، بدأ المصور تنفيذ خطة لزيارة القطبين تحت مشروع وثائقي باسم "تحت الصفر بين القطبين"، وهو عبارة عن بعثة تهدف لتوثيق الحياة البرية في الثلوج.
وتشجع المصور على القيام بهذه الرحلة بعد إبحاره في علوم البيئة الثلجية، إذ أنه اكتشف عدم وجود مراجع كويتية تتحدث عن الكائنات التي تعيش في الثلوج. ولذلك، قرّر المصور العمل على مرجع مطبوع بنفسه.
وخلال رحلة مدتها 4 أشهر، بدأ العنزي مغامرته من القطب الجنوبي ليمر بمناطق منها فوكلاند، وجنوب جورجيا.
سفالبارد.. أرخبيل يتجاوز فيه عدد الدببة القطبية عدد السكان
وقد يكون أرخبيل سفالبارد النرويجي أحد أكثر الأماكن إثارةً للإهتمام ضمن وجهات العنزي.
ويحتضن الأرخبيل مدينة لونغربين، وهي أقصى مدينة مأهولة بالسكان شمال الكرة الأرضية.
وتقع المدينة، وهي عاصمة الأرخبيل أيضاً، على بعد 800 ميل (ألف و300 كيلومتر تقريباً) فقط من القطب الشمالي.
وفي سفالبارد، سوف ترى مناظر طبيعية وعرة ونائية، وغنية ببيئة برية قطبية غير ملموسة.
وكان هدف العنزي من زيارته هو مشاهدة الدب القطبي في بيئته الطبيعية، والذي يُعد أكبر الثدييات الآكلة للحوم على اليابسة في العالم.
ويصل عدد السكان في سفالبارد إلى 3 آلاف شخص، وفيها، يفوق عدد الدببة القطبية عدد السكان.
ولكن، تمكن سكان الأرخبيل من التكيف مع هذه الحقيقة من خلال التقيد بشروط سلامة صارمة، فقال العنزي في مقابلة مع موقع CNN بالعربية: "لا يمكن مشاهدة أي إنسان يخرج من المدينة دون حمل سلاح ناري وسلاح صوتي لترهيب الدب القطبي حين يظهر أمامك بين ركام الثلوج".
وأضاف المصور: "حتى هواة المشي والجري، ستجدهم يحملون الأسلحة على ظهرهم أثناء ممارستهم للرياضة".
"إياك والموت في سفالبارد"
ومن الواضح أن الحياة في أرخبيل سفالبارد ستختلف بشكل كبير عن الحياة في أي مكان آخر.
وأثناء إقامته في أحد الفنادق، قال الكويتي إنه سمع مقولة أدهشته من أحد الموظفين، وهي: "إياك والموت في سفالبارد، حيث يُمنع دفن الموتى فيها".
ويعود السبب إلى قسوة المناخ الذي يصل إلى أكثر من 40 درجة مئوية تحت الصفر، ما يمنع الجثث من التحلل بمرور الزمن.
وأضاف المصور: "مع ذوبان الجليد وتكونه باستمرار، تتحرك التربة، ما يجعل بعض الجثث تطفو على السطح بعد موتها. لذلك، لا تُدفن أي جثث في سفالبارد".
وفي حال موت شخص ما في سفالبارد، فيتم نقل جثته إلى إحدى المدن النرويجية الجنوبية لتُدفن هناك.
كما تفاجأ المصور أيضاً بوجود قبو سفالبارد العالمي للبذور، والذي يُلقّب بـ"سفينة نوح"، حسب ما قاله.
ويخزن هذا المبنى، الذي بني في عام 2008، نسخاً من بذور المحاصيل في العالم، وهو يهدف إلى دعم البشرية في حال حدوث الكوارث، مثل الأمراض، والآفات، والحروب، إضافة إلى تغير المناخ.
صداقات وطيدة
وخلال عامين، زار العنزي مدينة لونغربين 5 مرات.
وأشار المصور إلى موقف مر به أظهر له سماحة وطيبة سكان المدينة التي تحتضن فنادق محدودة.
وخلال إحدى زياراته، باشر المصور بحزم أمتعته بعد انتهاء مدة إقامته بالمدينة، ولكن عند توجهه إلى الميناء، تفاجأ الكويتي بإلغاء رحلته بسبب سوء الأحوال الجوية آنذاك.
وعند عودته إلى الفندق، لاحظ عدم وجود أي غرف متوفرة، حتّى في الفنادق الأخرى، وما كان عليه سوى شراء خيمة صغيرة ليقيم بها.
وعند ذهابه للمتجر، صادف العنزي صديقه النرويجي أوت قير، وهو مرشد فوتوغرافي، فدعاه ليقيم بمنزله بعد أن علم بموقفه.
وقبل مغادرة صديقه للعمل في اليوم التالي، قال له: "إن هذا البيت تحت تصرفك، واعمل ما تشاء ولا تخجل. أنت صديقي يا فهد ولو كنت مكاني لقمت بما فعلته بالضبط".