جامع عمرو بن العاص بالقاهرة.. تعرف إلى أحد أقدم مساجد مصر وأفريقيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تشتهر العاصمة المصرية القاهرة بمساجدها التاريخية العديدة التي تعود إلى عصور مختلفة. ويتمتع أحدها بأهمية خاصة للغاية. وفي هذه السلسلة، يوثق مصور مصري أحد أقدم مساجد مصر وأفريقيا، أي جامع عمرو بن العاص.
ويقع جامع عمرو بن العاص بمدينة الفسطاط بميدان عمرو بن العاص في حي مصر القديمة، ويعد أول جامع بني بمصر بعد أن فتحها عمرو بن العاص عام 20 هجري، أي عام 641 ميلادي، وفقاً للموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات في مصر.
ويقول المصور المصري الذي يعمل كمفتش آثار بمركز تسجيل الآثار بالقلعة، حمادة الطاير، لموقع CNN بالعربية، إن الجامع عاصر أكثر من 13 قرناً من التغيرات، إذ نشأ متواضعاً ثم ازدهر وذاع سيطته في العالم، ولا يصل إلى مصر عالم أثري أو زائر غريب حتى يبادر إلى زيارة هذا الجامع العتيق.
ويقوم الطاير بتوثيق المساجد من أجل تفقّد التغيرات التي تطرأ عليها سواء من عوامل الزمن أو بفعل البشر، وفقاً لما ذكره.
أما عن تاريخ الجامع، فيوضح المصور أن الصحابي عمرو بن العاص أنشأه عام 21 هجري /641 ميلادي، وكان الجامع حينها مشرفاً على نهر النيل، وقد عُرف بعدة أسماء ومنها "الجامع العتيق" و"تاج الجوامع"، حتى استقر على اسمه الحالي، أي جامع عمرو بن العاص.
وعند إنشائه، كان الجامع بمثابة مركزاً للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي بمصر، ومن ثم بنيت حوله مدينة الفسطاط، وهي أولى عواصم مصر الإسلامية، وكان الموقع الذي اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا الجامع يطل على النيل في ذلك الوقت كما كان يشرف على حصن بابليون الذي يقع بجواره، وفقاً للهيئة العامة للاستعلامات في مصر.
ويتكون الجامع من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات أسقف خشبية بسيطة، وأكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة، وفقاً لما ذكره المصور.
ويتواجد في صدر رواق القبلة محرابان مجوفان يجاور كل منهما منبر خشبي، كما تُوجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر المماليك، وفقاً للهيئة العامة للاستعلامات في مصر.
كما يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة ضريحية يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص. أما صحن الجامع فتتوسطه قبة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل، وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، أما عقود الجامع فى رواق القبلة، فإنها ترتكز على أعمدة رخامية ذات تيجان مختلفة استجلبت من عمائر قديمة، وفقاً للهيئة العامة للاستعلامات في مصر.
كما أن للجامع مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرفات هرمية مسننة، وللجامع مئذنة أخرى ذات قمة مخروطية تعلو أحد مداخل الواجهة الرئيسية، وفقاً لما قاله الطاير.
وعن أهميته التاريخية، يشرح الطاير أن دور جامع عمرو بن العاص لم يقتصر على آداء الفرائض الدينية، فحسب بل كانت تعقد فيه محكمة لفض المنازعات الدينية والمدنية، بالإضافة إلى أنه كان المكان حيث تجمع الأموال لليتامى والفقراء.
ويشير الطاير إلى أن الجامع كان "مكانٌ تقام فيه حلقات الدروس لإرشاد العامة إلى ما ينفعهم في أمورهم الدينية والدنيوية، وازدادت الحلقات إلى 110 حلقة، وأطلق على أماكن حلقات الدروس بالجامع اسم زوايا، وقد بدأت الحلقات بتدريس المذاهب كالشافعي، والحنفي والمالكي".
ويضيف الطاير أنه في عهد الدولة الفاطمية، كانت تقام به الإحتفالات في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان.
ويرى الطاير أن توثيق المساجد يساعد في الحفاظ على الأثر في حال طرأ عليه أي تغير سواءاً بسبب الكوارث الطبيعية أو بفعل البشر والتي يصاحبها تدمير وهدم الكثير من المعالم، وحينها يتم الرجوع إلى الوثائق والصور الفوتوغرافية لإعادة ترميم الأثر.
كما يعتقد الطاير أن الصور الفوتوغرافية، في مثل الظروف الحالية، أي وضع جائحة فيروس كورونا، "تمثل همزة الوصل بين الأشخاص والأماكن، وفي مثل هذه الظروف يشتاق الكثيرون إلى زيارة المساجد".
وكان الجامع عادة ما يعج بالمصلين، إلا أن وضع فيروس كورونا في مصر حال بين ذلك.
وخلال شهر رمضان، كان جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة بالقاهرة الجامع الوحيد الذي بثت منه صلاة العشاء والتراويح إذاعياً، بتاريخ 3 مايو/أيار الجاري، وبحضور إمام المسجد واثنين من العاملين به فقط، وفقاً لموقع بوابة الأهرام.