خبز "الباغيت" في فرنسا.. إليك السر وراء أحد أكثر الأطعمة إدماناً وشهرة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يضغط الخبّاز كريستيان فابريت برفق على قطعة من خبز الباغيت ليجعلها "تغني". وأثناء قيامه بالضغط، تنهار القشرة، وتنتج صوت الطقطقة.
وقال فابريت: "يمكنك تمييز خبز الباغيت الجيد من خلال الطريقة التي يغني بها".
و"الخبز الذي يُغنّي" هو تعبير يُستخدم بين الخبازين الفرنسيين، إذ يُعتبر هذا الصوت من بين السمات المميزة للباغيت المخبوز جيداً، والذي يختلف بشكل كبير عن خبز الباغيت الذي يُباع في متاجر السوبرماركت، والذي جلس صامتاً أثناء ضغط فابريت عليه قبل لحظات.
وحدث هذا الموقف في باريس في أبريل/نيسان، عند خضوع المدينة لإغلاقها الثالث.
وافتتح فابريت صالون الشاي الخاص به "Marie Antoinette"، المغلق بسبب جائحة "كوفيد-19"، بجوار مخبزه "Au Petit Versailles du Marais"، لتوضيح كيفية التمييز بين الباغيت الجيد والسيئ.
وأُعيد فتح صالون الشاي منذ ذلك الحين.
وإلى جانب حمله لقب "Meilleur Ouvrier de France"، الذي يُعد جائزة مرموقة تكرم أفضل الحرفيين في فرنسا، أسس فابريت أيضاً جائزة كأس العالم للخبز في عام 1992، وهي مسابقة خبز دولية تقام كل عامين في باريس، ويمكن الإشارة إليها بأولمبياد عالم الخبز.
الأفضل من الأفضل
ولا يُشار لأفضل أنواع الباغيت بهذا الاسم، بل يُطلق عليه اسم "traditions"، الذي يُلفظ كـ"تراديسيون".
ويزيد سعره عن الباغيت الفرنسي "الكلاسيكي" بحوالي 20 إلى 30 سنتاً،
ويجب إعداده وفقاً لمجموعة صارمة من القواعد على النحو المحدد في مرسوم حكومي صدر في عام 1993.
وبهدف أن يُشار إليه بـ"تراديسيون"، لا يمكن صنع الخبز إلا من 4 مكونات، وهي الدقيق، والماء، والملح، والخميرة.
ويُحظر تماماً استخدام جميع المواد المضافة، والمواد الحافظة، والحشوات.
ويُخبز الباغيت العادي بسرعة، وهو أقل جودة من حيث المذاق، والنوعية، وغالباً ما يتضمن المواد المضافة.
وبعبارة أخرى، لا تُوجد أي طرق مختصرة، بحسب ما أشار إليه الخباز جبريل بوديان، الفائز مرتين في مسابقة الباغيت المرموقة في باريس، والمعروفة باسم "Grand Prix de la Baguette".
وفي مارس/آذار، أعلنت وزارة الثقافة عن اختيار فرنسا لخبز الباغيت لترشيحه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة "اليونسكو" لعام 2022.
وجاء هذا الإعلان تتويجاً لحملة استمرت لـ4 أعوام شنّها اتحاد الخبازين، والذي كان يدق ناقوس الخطر بشأن انخفاض الاستهلاك الإجمالي للخبز في فرنسا، وتعدي التهديدات على التجارة.
التهديد الذي يواجهه الخبز التقليدي
ووفقاً لـ"Observatoire du Pain"، وهي مجموعة بحثية تتعقب عادات واتجاهات استهلاك الخبز في فرنسا، انخفض متوسط معدل الاستهلاك اليومي للخبز بين البالغين من 143 جرامًا يوميًا في عام 2003 إلى 103 جرامات يوميًا في عام 2016.
وبشكل عام، تحتضن فرنسا حوالي 33 ألف مخبزاً في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك، في كل عام، يساهم انتشار متاجر البقالة الصغيرة التي تفتحها سلاسل محلات السوبرماركت الكبيرة في إغلاق ألف مخبز مملوك من قبل العوائل، كما قال رئيس الاتحاد الفرنسي للخبازين، دومينيك أنراكت.
وقال أنراكت: "حرفتنا تختفي ببطء"، مضيفًا: "هدفنا من إدخاله ضمن قائمة اليونسكو ترسيخ خبرتنا الحرفية، وثقافة الخبز في فرنسا".
ويوافق الخبراء على أن أفضل أنواع خبز الباغيت ليست بيضاء اللون.
وقال فابريت إن أفضل خبز باغيت يُخبز لفترة كافية لتحقيق تأثير "ميلارد"، وهو تفاعل كيميائي بين السكريات والبروتينات ينتج عنه قشرة بنية تتشقق عند الضغط عليها.
ويجب أن يكون لون الفتات قشدياً، أو أصفراً فاتحاً، وليس أبيض اللون.
وتتخلله أيضاً ثقوب غير منتظمة الشكل، وهو مصطلح يُشار إليه باسم "alvéolage".