سكاكر "وايت رابت" أسرت القلوب حول العالم.. وأضافت حلاوة على طفولة الصينيين
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حين اختبرت صانعة البوظة أدريان بورلونغان نكهة "الأرنب الأبيض" (White Rabbit)، خالت أنّ مذاقها أشبه بطعم "الفانيلا البخسة الثمن". وعندما أضافتها بعد بضعة أسابيع إلى قائمة النكهات المتوفرة بمحلها "Wanderlust Creamery" في لوس أنجلس، لم ترق كثيرًا للزوار أيضًا.
لكن ما أن نشرت بورلونغان صورة مخروط للبوظة ملفوفًا بورقة العلامة التجارية "وايت رابت"، حتى لاقت رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي. فالسكاكر المصنعة في شنغهاي للمرة الأولى في أربعينيات القرن الماضي، معروفة من خلال غلافها الأحمر والأبيض والأزرق المميز التي يعشقها الأطفال في أنحاء الصين. وحين بدأ الصينيون بالهجرة أخذوا معهم السكاكر البيضاء الكريمية المفضلة لديهم.
وبعد فترة قليلة من نشر بورلونغان هذه الصورة، شهد محلها "واندرلوست" إقبالًا كبيرًا من كل كاليفورنيا. وهنا أدركت الظاهرة التي بين يديها. فأمست منذ تلك اللحظة نكهة "وايت رابت" ثابتة في قائمة نكهات بوظة المتجر اليومية، وتنفذ بسرعة عادة من خلال مبيعها عبر متجرها على الإنترنت.
لكن قصة البوظة الأكثر مبيعًا هي أبعد بكثير من المذاق، لأنها تتعلق بالجالية الصينية وشعور قوي بالحنين، والعلامة التجارية المرغوبة.
صُنِعت في الصين
وتعود جذور الأرنب الأبيض إلى شركة الأعمال التجارية ABC المنحلة، التي تأسست في شنغهاي عام 1943. وبيعت في وقت لاحق إلى مجموعة غوان شينغ يوان للطعام المملكوكة للدولة والتي ما برحت تملكها حتى اللحظة.
في الأساس، كانت صورة ميكي ماوس تزين صورة أغلفة السكاكر، المناسبة جدًا لجذب انتباه الأطفال. لكن مع ازدياد الشعور بالفخر الصيني، بات غير رائج استخدام صور الغرب، لذلك أعادت الشركة تصميم العلامة التجارية ووضعت أرنب الرسوم المتحركة بدلًا من ميكي على الأغلفة.
مزج الألوان، والأغلفة الملفتة للنظر، والمذاق الحليبي الحلو شكلت خلطة ناجحة. ونما أطفال بكين وهونغ كونغ يتناولون هذه السكاكر التي صارت رمزًا وطنيًا للبلاد، والأشهر، حتى أنّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون تلقى هدية منها لدى زيارته التاريخية للصين عام 1972.
ونجحت سكاكر الأرنب الأبيض بأن تكون رمزًا للصين من دون أن يكون لديها أي اتصالات بالسياسيات أو مثيرة للجدل، لتكون نوعًا من ديبلوماسية المطبخ الصيني.
ماذا بالنسبة للنكهة؟ تستمد القطعة الكريمية تماسكها من الحليب، وتحتوي على قطعة مصنوعة من ورق الأرز القابلة للأكل التي تفصل بين الحلوى والغلاف للحيلولة دون الذوبان.
على مر السنين، اختبرت العلامة التجارية "الأرنب الأبيض" نكهات أخرى، بينها نكهة الفاصوليا الحمراء، والفول السوداني. لكن الحنين هو للنسخة الأصلية منها.
تواصلت CNN مع غوان شينغ يوان، لكن الشركة رفضت التعليق على منتجاتها.
ويمكن لمس شعبية سكاكر "وايت رابت" في السوق بمختلف السلع.
وثمة محبذون أوفياء لسكاكر "الأرنب الأبيض" بين أفراد الجيل الجديد الذين يتذوقون مختلف النكهات.
وحين تعاونت مع علامة تجارية تجميلية محلية لبيع أحمر شفاه استوحته من طعم "وايت رابت" على الإنترنت عام 2018، بيع 920 منتج في نصف دقيقة. ثم 10 آلاف إضافية خلال ثلاث ساعات عندما فتح مجال البيع في اليوم التالي.
وعام 2019، افتتح محل بوب-آب "وايت رابت" للشاي بالحليب في شنغهاي، ولاقى رواجًا حتى أنّ الناس كانت تقف بالصف مدة 4 ساعات بانتظار وصول دورها لشراء كوب شاي بالحليب.
جيل جديد
بعض الأطفال الذين كبروا وهم يتناولون سكاكر "وايت رابت" كوجبة خفيفة باتوا فنانين، ومدراء، ومقاولين، يجهدون لتطوير هذه العلامة التجارية.
وقال لي تشيانغ مؤسس "X+ Living"، ومسؤول تصميم متجر"وايت رابت" الرئيسي في شانغهاي: "كبرت على سكاكر وايت رابت. لم يكن هناك تنوّع كبير بالسكاكر خلال طفولتي، وكانت حلوى وايت رابت شائعة جدًا، وحتى باهظة الثمن نوعًا ما".
وتابع "لقد أضافت هذه السكاكر حلاوة على طفولة الكثير من الناس".
وترعرع لي في مدينة هاربن شمال الصين، ويتذكّر أنّ سكاكر "وايت رابت" لطالما ارتبطت بالمناسبات الاحتفالية في الصين، وتُعد هدية ثمينة للأطفال كمكافأة خاصة. لكن ما ألهمه أكثر هو فلسفة تطور إدارة أعمال هذه العلامة التجارية.
وفي هذا الصدد قال إنّ "فلسفة هذه العلامة التجارية واكبت تطوّر الأعمال المعاصرة، مثل التشارك مع علامات تجارية أخرى، وفتح محلات بوب-آب، وبيع السلع، إلى افتتاح أول محل رائد لعلامتهم التجارية".
وانعكست الهوية العصرية لهذه العلامة التجارية في التصميم الداخلي لمتجرها الرئيسي الثابت الذي يبيع أيضًا سلعًا خاصة بـ"وايت رابت" مثل مرطب اليدين، والملابس، والمظلات.
ويقع مركز الثقافة والفنون JKS الجديد في شنغهاي، وتشعر أنه أقرب إلى ملعب مستقبلي للأطفال أكثر من أنه محل لبيع السكاكر.
يتم الترحيب بالوافد من خلال تجهيز فني أبيض اللون وثلاثيّ البعد، مستوحى من تدفق الحليب، يتمتّع بانحناءات تغطي مساحة 200 متر مربع، ويختبر فيه الزوار شعورًا غريبًا "بالسقوط داخل حفرة أرنب".
ويقول لي: "نأمل، إلى جانب تأثر الناس بهذا الفضاء الفني، أن يلمسوا روحية العلامة التجارية".
جذب عشاق دوليين
من خلال التعاون الإبداعي مع علامات تجارية مختلفة، لم تستعد السكاكر مكانتها فحسب، بل ذاع صيتها بين الجماهير العالمية في السنوات الأخيرة، حيث تشير التقارير إلى أنّ هذه العلامة التجارية تُصدّر سكاكرها إلى أكثر من 40 دولة.
وفي الأثناء، تعتبر "وايت رابت" عادة كملهمة للمنتجات الغذائية وسلع علامات تجارية أخرى، نقع عليها في هونغ كونغ، ونيويورك، وفي محال تجارية رقمية..
لكن الشركة نفسها لا تنظر دائمًا إلى استخدام العلامة التجارية على نحو إيجابي. ثمة منطقة رمادية تبتكر فيها الشركات والمصممين منتجات مستوحاة من العلامة التجارية الشهيرة من دون إبرام اتفاق معها.
ويطال هذا الجدل متجر Wanderlust’s White Rabbit للبوظة. وفيما أشار غوان شانغ يوان أن هذا المتجر لم يحصل على حقوق بيع وايت رابت من علامته التجارية، أشير أيضًا في مواقع الأخبار المحلية إلى أنّ متجر البوظة هذا يقدم نكهة وايت رابت في مخروط عادي، لا يشبه الصورة التي نشرتها بورلونغان على الانترنت.
وبورلونغان التي ترعرعت في كاليفورنيا لأهل من الفلبين، تدرك أثر هذه السكاكر القوي في الجالية الآسيوية، لا سيّما أنها اختبرت في طفولتها نكهاتها المفضلة مثل "البطاطا الحلوة الأرجوانية".
وفيما النجاح الذي حقّقته سكاكر "وايت رابت" دوليًا كان عضويًا، يبدو أنّ شعار الأرنب بدأ يستحوذ على القدر عينه من الاهتمام.